رئيس التحرير
عصام كامل

الخير في أولادنا!


المشاهد الرمادية لا تستحق الحديث عنها، وعلينا أن ننشغل بمن سيتحملون مسئولية وطننا في مستقبل ليس بالبعيد، إنهم أولادنا، فلتكن هذه الكلمات دعوة لنبدأ بتقويم أولادنا من اليوم مع اختلاف أعمارهم، نغرس فيهم ما يفتقده الكثير منا الآن من إيمان وعلم وقيم ومبادئ!


أولادنا هم الأمانة العظيمة التي نحملها في أعناقنا طالما أصبحنا أباء وحق الأمانة الحفاظ عليها، ولأن المجتمع أصبح ماديًا بصورة فجة، فالكثير منا، خاصة القادر ماديا اختطلت عندهم المفاهيم، واتجه تفكيره تجاه أولادهم نحو توفير رفاهيات الحياة التي أصبح بَعضُنَا يتفاخر بها شكلا، أما في الموضوع فحدث ولا حرج..

يتفاخر الآباء والامهات بأسماء المدارس الأجنبية والجامعات الخاصة والنوادي التي لا يجيدون نطق أسمائها في بعض الأحيان، ويقضي الأب يومه كاملا خارج المنزل في رحلة توفير المال ولا يعرف شيئًا عن الأبناء إلا إذا حدثت مصيبة، وتعيش الأم في السيارة، والسائق تقوم بتوصيل الأولاد إلى مراكز الدروس الخصوصية في فترة الدراسة أو إلى النوادي في الإجازة، وفي كل الأحوال يختفي الحوار بين الأبناء والآباء والأمهات، بل إن الحال الآن تطور وأصبحت هجرة الأولاد منذ مرحلة الطفولة ليقضوا يومهم بالحضانات الخاصة ويصبح البيت لهم مكان للنوم، في مشهد قاتل لمفهوم الطفولة والأمومة والتربية! 

والحقيقة أن الأمانة تحتم علينا أن نضع تربية أولادنا على قائمة أولويتنا قبل توفير المال والرفاهيات، فقد أصبحنا نعيش في مجتمع تختلف أشكاله عن مضمونه كثيرا، فالكثير من أبنائنا يدرسون في كليات القمة كما يطلق عليها في وطننا ومن أوائل الثانوية العامة ولكنهم يحملون جهلا ينحني له الجهل تعظيما وإجلالا، فهم ضحية إهمالنا لهم قبل أن يكونوا ضحية منظومة تعليمية غير صحية، تدفعهم فقط إلى الحصول على أعلى الدرجات، فعندما يصبح ورق الدرس وتوقعات الامتحان مرجعهم من الابتدائي إلى الدكتوراه فإن ما خفي نتيجة قيم ضائعة ومبادئ مهلهلة ودين مستهدف كان أعظم!

لكم ولنفسي قبلكم، خططوا لتربية أولادكم وضعوا لها أهدافًا واضحة من أهمها:

١- القراءة فهي غذاء العقل ومفتاح الثقافة العامة والدينية والاجتماعية ووقود العلم.. والعلم قوة والقوي هادئ حكيم أما الجهل فهو ضعف والضعيف ثرثار يهذي!

٢- الإيمان بالله.. وحب الله والسعي لرضاه والتقرب إليه والاعتقاد الراسخ في أن الله عليم خبير بصير منتقم جبار يمهل ولا يهمل، لا يخفى عليه شيء ومطلع على كل شيء فليكن الخوف من الله هو المانع عن المعصية!

٣- الشرف في الفعل، فالشرف معنى لا يطلقه شخص على نفسه، بل يصفه به الآخرون بناءً على أفعاله حتى من يختلف معه، فلتكن كل أفعالهم منزهة عن التملق والنفاق والتسلط والغرور والنرجسية وحب الذات وظلم الناس والخوف من الناس وترهيب الناس!

٤- الصدق في القول والوعود، فالرجل يعرف من لسانه وأحسن الرجال أصدقهم دون أن يجعلوا الله عرضة لأيمانهم، وإذا وعد الرجل ولَم يصدق أصبح منافقًا وإذا تكرر منه عدم الوفاء بالوعد أصبح آثمًا متعمدًا!

٥- أطلقوا لهم الحرية في دراسة ما يحبون وممارسة الرياضة أو الهواية التي يعشقونها وشجعوهم على ذلك، فالبديل شخص ناقص حتى وإن أصبح طبيبًا أو مهندسًا فدائمًا يشعر بأن شيئًا يحبه لم يتحقق له ويصبح غير متزن وقد يصبح فاشلا!

٦- الإنصات لمن يتحدث إليهم.. فالله سبحانه وتعالى خلق لنا فم واحد وأذنين وإن لم نعلم أبناءنا حكمة الله في ذلك سيصابون بداء الكلام، فمن يكثر حديثه يقل تأثيره ومن لا ينصت لا تجد له منصتًا!

٧- احترام الناس وعدم الحكم عليهم، فالحكم على الأشخاص ليس وظيفتنا وكل ما علينا أن نعلم أولادنا أن يحسنوا معاملة الناس، حتى يحسن الناس معاملتهم!

٨- الاتزان الجسدي، فعندما يعلم أولادنا أن للجسد لغة، يدركون أن كثرة الحركة تعكس عدم ثبات الفكر وتشتته وتثير سخرية من يستمع إليك.

٩- توازن تعبيرات الوجه فلا ينبغي الهزل أو الضحك في مقام الجد ولا الجد في مقام الهزل.

١٠- المال والسلطة لا قيمة لهم فكلاهما يأتي ويذهب وكلاهما قد يكون ابتلاءً ونقمة وجعلهم غاية بمثابة السير في نفق منزلق مظلم لا نهاية له والأحوط هو الزهد في الدنيا والعمل على إعمارها مع كل مخلوقات الله، واليقين بأن عمر الإنسان مهما طال فهو قصير ولكن سيرة ما يتركه الإنسان من خلفه أطول من عمره. 

أطال الله أعماركم جميعًا وحفظ أبناءكم ووطننا من كل مكروه وسوء!
الجريدة الرسمية