رئيس التحرير
عصام كامل

نحن وإثيوبيا والنيل!


من الطبيعي أن نهتم وننشغل في مصر بما يحدث في إثيوبيا، فنحن يربطنا بها نهر النيل، وتأتينا من هضابها أكثر من ثلاثة أرباع حصتنا التاريخية من مياهه، التي تعد لنا المصدر الأساسي للمياه.. كما أن هذه الأحداث الإثيوبية الأخيرة، والتي شملت أزمة سياسية واجتماعية حادة، جاءت ونحن لم ننفذ ما اتفق عليه قادة مصر وإثيوبيا والسودان بخصوص سد النهضة.. فها هو رئيس الوزراء الإثيوبي بسبب الأزمة والاضطرابات السياسية والاجتماعية يتقدم باستقالته..


وليس معروفًا على وجه الدقة ما سوف تؤول إليه تداعيات هذه الأزمة التي تشهدها إثيوبيا، وهل تنتهى فقط باختيار رئيس وزراء جديد من داخل التحالف الحاكم، أم تتمخض عن تغييرات واسعة في النظام السياسي الإثيوبي كله، كما تطالب المعارضة في ظل خروج الإثيوبيين إلى الشوارع وتعرض العاصمة الإثيوبية للإغلاق بسبب التظاهرات؟ 

أي أن تلك الأزمة السياسية والاجتماعية مفتوحة على كل الاحتمالات.. وفى هذه الاحتمالات سوف يكون هناك تداعيات على عملية استكمال العمل في سد النهضة، وعلى الأسلوب والنهج الذي سوف تختاره إثيوبيا في التعامل مع شركاء حوض نهر النيل، وتحديدًا معنا نحن في مصر، ومع شواغلنا، ومخاوفنا بخصوص هذا السد..

لكن أيًا كان ما سوف تتمخض عنه الأزمة الإثيوبية من نتائج داخلية فإنه سوف يظل الأسلوب الأفضل والأكثر نجاحا في التعامل مع الأشقاء في إثيوبيا هو أسلوبنا الحالي الذي يعتمد على دعم علاقتنا الخاصة في شتى المجالات معها، بغض النظر عمن يتولى الحكم فيها من القوى السياسية أو العرقية الداخلية فيها.. إن إقامة شبكة علاقات للمصالح قوية ومتينة مع إثيوبيا سوف يضمن في نهاية المطاف انتهاج إثيوبيا تحت أي حكم سياسات طيبة تجاهنا تراعي بالقطع هذه المصالح وتحميها..

ولعلنا نتذكر كيف كان عبد الناصر الثورى حريصًا على علاقات شخصية طيبة مع الإمبراطور الإثيوبي هيلاسلاسي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.. نحن يجب ألا يهمنا من يحكم إثيوبيا بقدر اهتمامنا بدعم العلاقات مع الشعب الإثيوبي والاحتفاظ دومًا بعلاقات طيبة مع أي حاكم إثيوبي، مع الحرص بالطبع على إفهام الأشقاء في إثيوبيا أن مياه النيل بالنسبة لنا هي مصدر للحياة، وليس للتنمية فقط كما هي بالنسبة لهم.. وأظن أنهم عرفوا الآن أن مشاكلهم سببها داخلي وليس لنا علاقة بها.
الجريدة الرسمية