رئيس التحرير
عصام كامل

محمد صبحي الصعيدي يكتب: أين عقلاؤنا من هذه الأفعال؟

محمد الصعيدي
محمد الصعيدي

إن المجتمع المصري في مجمله مجتمع محافظ تشرب القيم، وغرست في تربته شجرة الآداب الحميدة، فطري بعادته، يستنكر كل قبيح، ويستحسن كل جميل. كنا نسمع فيمن يسمع بحادث نقرأه في الصحف أو تتناقله قلة وسائل الإعلام بفعل ما يخدش الحياء العام نحمر خجلًا، ونعتبر متصرفة من كوكب آخر غير كوكبنا نستصرخ داخلنا مخزوننا قائلين أيعقل هذا ؟!


أما اليوم فلك أن تتجول لبضعة مترات في شوارعنا لترى العجب العجاب، إشارات إساءات، نظرات وهمسات، لافتات، ولوحات، أصوات وصرخات، فلقد أصبح التهتك سلعة، والتبذل تجارة، والبذاءة عادة وإتيان المنكر من أعمال الرجولة..

فلقد استوقفني وغيري على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يشيب له الولدان فعل تجرد من ماء الحياء يظهر فيه شاب وبنت عمرهما لا يتعدى الـ15 عاما وهما أمام إحدى المدارس ويقوم الشاب بتقبيل الفتاة واحتضانها على مرأى ومسمع من الجميع، مشهد تناقلته عيون المارة كبارًا وصغارًا، وكأننا في بلد لا يعرف للتقاليد مكان، وهذا لا يعبر عن الواقع، ولا يوصف للحال، فكما هو معلوم للقاصي والداني، فإن مصرنا بيئية الفطرة السليمة، والأخلاق المجيدة، التي تتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل، وموطن العلماء ورموز الفكر والأدب والثقافة فإن بلادنا تحصنها قيم الشريعة وتصونها الآداب العامة التي تستمد مقوماتها من الأعراف والتقاليد وأبناؤها يتفاخرون أمام العالم أجمع بما اكتسبوه من قيم في المحافل الدولية، عربيًا وأجنبيًا.

وهذا الفيديو الذي رأيناه جميعًا لا يمت بصلة لمجتمعنا، فهو لا يتعد كونه تصرفا غير مسئول ولا يسأل عنه غير صاحبه. فإن الأخلاق تدل على صاحبها ومن صفات الأخلاق أن لا يكون الإنسان لعانًا ولا فحاشًا ولا نمامًا ولا حسودًا، وحين أثنى الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أثنى عليه ومدحه بحسن الخلق فقال تعالى في كتابه " وانك لعلى خلق عظيم" وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وقال أيضا : " إن من أحبكم إلى وأدناكم وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا"..

وَقَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَدْوَأِ الدَّاءِ ؟ قَالُوا بلى قالَ الْخُلُقُ الدَّنِيُّ وَاللِّسَانُ الْبَذِيُّ..

والأدهى والأمر من ذلك أن إيذاء مشاعر الناس واقتحام خصوصياتهم أصبح أمرًا مفعولًا، فجرأة البعض في الخروج على الآداب العامة أصبحت واقعًا مفروضًا ووحشًا يفترس مجتمعاتنا في اعتداء صارخ لم يسبق له مثيل.

وهل يعقل أن أمة مثل الأمة المصرية بمسلميها ومسيحييها يؤول مصير قيمها إلى هذا الدرك. أين عقلاؤنا من هذه الأفعال؟!
الجريدة الرسمية