رئيس التحرير
عصام كامل

مواطن يستنجد بالرئيس.. مرض تصلب العصب يأكل فلذات أكبادنا

أحمد الغرباوى
أحمد الغرباوى

ولي الأمر في آيات وتراتيل الربّ.. وكبير الأسرة في توجيه الفرع والأصل، وصاحب الكلمة العُليْا؛ نافذة الفِعْل؛ دون تأخير، وعلى أعلى مستوى من الإجادة والكيف والكمّ.


ويا له من عدو شرس؛ ومرض رهيب؛ وصوت مزعج؛ يقتل الحلم البضّ في مهده، منتهى الثقل على الصدر، ليس للمرء فيه حيلة، إلا لبّ أمر، وخضوع قهر، وإذعان جبر، وانصياع عبد، وقهر أسر.

سيدي الرئيس الأبّ..
باسم ثلاثين ألف مواطن مصري تقريبًا؛ وفي رجاء أقلّ من 1% من مائة مليون مصري؛ معظمهم من الشباب ما بين 20 و40 عاما؛ أكرمهم الله عزّ وجلّ؛ بمرض تصلّب العصب المتعدّد بالجهاز المركزي العصبي؛ والمعروف بالـ(M.S).

وهو مرض نادر؛ يشاء العزيز الجبار؛ أن يجبر خاطر من اصطفاهم من خلقه؛ ونحسبهم لديه من الأخيار؛ وأن يمنّ عليهم بهذا الداء، الذي لم يكتشف له علاجًا حتى اليوم في جميع أنحاء العالم.

وكُلّ الأدوية الخاصة به؛ لوقف تدهور الأعراض، وتقليل فاعلية الهجمات الخاصة بهذا المرض اللعين، وفيه تتوالى من وقت لآخر، فتجعلنا نحيا ليل نهار نترقب هذه اللصّ، وهو يعسّ بجوار لحم أولادنا؛ لينزع جزءًا عزيزًا لديهم، أو يعجز ويشلّ آخر، ويدخلهم من معاناة لأخرى أشدّ، وتتهادى ليلة بعد أخرى؛ وتزيد عيشهم بؤسًا ويأسًا من طلّ فجر أمل، ويطول حزنهم، ودمع مكتوم يتحجّر بين جفونهم؛ فلا يعرفون راحة نفس، ولا يهنون بسكينة نوم، ولاتودّهم مرافىء حلم يقظة.!

نحن لا نملك غير الدّعاء والرجاء من الله عز وجلّ؛ ومداواة المريض بقليل الصدقات التي نملكها بعد أن تجهز تكاليف المرض على الغالي والنفيس؛ وبعد العجز الإجباري؛ لأي إنسان شريف؛ غني أو فقير؛ عن تدبير تكاليف العلاج.

وهجمات المرض تغزو الإنسان؛ دون سابق إنذار؛ ولم يكتشف له أىّ سبب حتى الآن، (وقد تكون بعد 6 ساعات، وأحيانا بعد 6 سنوات) على رأي أحد الأطباء، خلال مشقة رحلة العلاج التي نسير فيها وغيرنا من المصابين.

وإهمال الدواء لهذا الداء المجهولة أسبابه لدى العلماء حتى هذه اللحظة _ رغم أنه ليس علاجًا_ إلا إنه يواجه هذه الهجمات؛ فلا يتدهور بالمريض؛ ولا تستوحش آثاره؛ ويؤدي بنا إلى شلل كلى؛ أو عمى؛ أو صداع مزمن نصفى لا يطاق، ويتحوّل زهرة شبابنا وفلذات أكبادنا إلى كتلة لحم، تجرّ على عربات، أو تسحب في ظلام الحياة.

ونحن آباء وأمهات ومواطنون شرفاء؛ نموت بجوار صرخاتهم ليل نهار.. ونمرّ على القبور نتمنّى لو كانوا بها؛ رحمة بيأسهم؛ وتخفيفًا لآلامهم؛ ودرءًا لقادم ظلمة وسواد حاضر وقادم مصيرهم، بالإضافة إلى ذلّ حاجة سؤلٍ لآبائهم ولهم من بعدنا؛ لعدم القدرة على تكلفة علاجهم مدى حياتهم.

ولا يكفي عدم وجود علاج لهذا الابتلاء القدرى، إنما تكلفة علاجه الشهري تتجاوز ثلاثين ألف جنيه، هذا غير الفحوصات من التحاليل وأشعة الرنين، وعملية نزع النخاع وتحليل السائل الشوكى، وتكرارها كل ستة أشهر؛ التي تتكلف آلاف آلاف الجنيهات، سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة.

بالله عليك سيدي؛ أي مواطن شريف لديه القدرة على تحمّل هذا المبلغ شهريًا مدى حياته، وكذلك مدى حياة المريض لإبنه، لأنه مرض مزمن مدى الحياة، وبلا شفاء، رغم إيماننا بأن الشافي هو الله، وهو طبيب الطبايا رغم أنف الأطباء، عجائز وصبايا، وبيده وحده سرّ الخفايا.

السيد الرئيس، من ضمن إنجازاتكم القضاء على مرضى فيروس سي، وتوالى رعايتكم لمرضى السرطان، وغيره في مجال الصحة، وإنني المواطن مصري؛ وبلسان أكثر من ثلاثين ألف مصاب بهذا الداء؛ الذي يسمى بمرض (خراب البيوت)، ولكل واحد منهم قصة ورواية؛ حول ما باعه من أجل فلذة كبده؛ وعافية ولده؛ ومقاومة انهيار عجزه؛ وجعله يظل مواطنا مصريًا شريفًا، ولكنه ؛غصب عنه؛ ومن أجل الأبناء؛ قد ينحنى وينكسر أمام طلبًا للحاجة؛ ماديًا أو معنويًا أو واسطة وخدمة لتيسير الأمور وتعجيلها؛ بعد الرجاء والتماس ستر العافية والعفو من جود رب الناس.

وأدعوكم سيدي الرئيس الأب؛ أن تضعنا ضمن أولوياتكم؛ رحمة بأولادنا وبناتنا؛ ولنا قبلهم؛ نحن المواطنون الشرفاء من أبنائك؛ فتصدر أوامركم بضرورة تفعيل التالي:

أولا: فتح أقسام بكل بلد في جميع أنحاء مصر لتلقي فحوصات هذه المرض مجانًا؛ ولا تقتصر فقط؛ كما هو الآن في أربعة أماكن في مصر بالإسكندرية والقاهرة؛ وإن لم يكن؛ فلنبدأ بعواصم المحافظات؛ وبالمستشفيات الجامعية؛ وهذا سيساهم بفعالية ومصداقية؛ من حصرهم على مستوى الجمهورية؛ ودراسة حالاتهم وتطورها العلمى؛ وإجراء الأبحاث على نتائج أحدث الأدوية اللازمة لكل حالة؛ ومتابعة نتائج الوسائل العلاجية الحديثة.. وما انزل الله من داء إلا وله شفاء، وإنما العجز والتقصير منا؛ ولم يحن الوقت بعد.

ثانيًا: إجراءات تيسير العلاج على نفقة الدولة؛ وسرعة إصدار القرارات وأيضا سرعة اجراءات التجديد؛ وفي أقصر مدة زمنية؛ دون معاناة ومشقة الروتين الحكومى؛ مادامت موجودة الفحوصات والتحاليل اللازمة؛ دون جرّ المريض من مكان لآخر؛ وتحمل نظرات الناس، وسهام الشفقة، ومصمصة الشفاه تأففًا لحال عزيز قومٍ ذلّ؛ دون سوء فعل؛ ولا عصيان أمر عبدٍ ولاربّ؛ إلا بعض الحزن؛ في الإيمان بما أنزله الله به من خير في عظيم ابتلاء؛ وعنده له الأجر الكبير.

ويكفي معاناة المرض.. خاصة أن الوقت ليس في صالح المرض، ولا المريض؛ الذي يعيش مترقبًا الهجمة من عدوٍ لا يرى؛ ولا يعرف؛ غير الله وحده؛ موعد غزوة وعدوانه؛ ولا ينتظر حتى أن نفتح له بابًا، ويزورنا بدون موعد؛ ونجهل أي شيء عزيز وغال؛ سيغتصبها ويخطفه منا؛ عنوة؛ في كل مرة يطرق حسّ وجسد ونفس فلذات أكبادنا.

ثالثًا: وهؤلاء المبتلون في صحتهم ونفوسهم؛ نسبة تقل عن واحد في المائة من شعبنا العظيم؛ في حالة عدم توفير الدواء المخصّص لكل مريض بالمستشفيات الحكومية؛ أو مستشفيات الطلبة؛ أو التأمين؛ يكون من حقّ المريض أن يشتريه؛ أو يذهب لأحد البنوك لتوفير المال اللازم ثمنًا له؛ ويمكن تحديد جهات رسمية للشراء منها؛ أو صيدليات تابعة للدولة؛ ضمانًا للمصداقية وعدم الاتجار؛ أو يتم تسوية الشراء بفواتير رسمية، وعمل شبكة عن طريق الكمبيوتر؛ للبحث عن الدواء في جميع المراكز العلاجية التي تصرفه على مستوى الجمهورية، فربّما كمية السحب في جهة أقل من الأخرى؛ ومتوفّر بها؛ خاصة وأنه يصرف شهريًا. المهم توفير الدواء عندما تعجز ميزانيات المؤسسات الحكومية عن توفيره أو تأخيره؛ لأنه كما ذكرنا الضرر يتناسب عكسيا وآثار الداء، في التأخير يعنى تدمير أكثر للجهاز العصبي المركزي من وقتٍ لآخر.

وفي آخر لقاء لي وإحدى الحالات لسيدة في الستين من عمرها؛ وقد تصلب نصفها الأيسر؛ وفقدت الإحساس؛ وهجم على شبكية العين؛ وتصرخ من غرز مسامير الصداع النفسى برأسها؛ ودواء (الإنترفيرون) غير موجود بمستشفى حكومى وقتها، وعدم قدرتها المادية؛ توقفت عن شراء الدواء منذ ثلاث سنوات؛ بعد عودتها من أبوظبى؛ وكانت تصرفه هناك مجاناٌ، يكفى فقط إصابة المريض؛ دون إجراءات روتينية؛ وأوراق؛ ووسائط.!

رابعًا: ضرورة توفير الرعاية والعلاج النفسي مجانًا مع العلاج الدوائي، لأن أغلب المصابين بهذا المرض؛ وهم من الشباب؛ في حالة تدمير نفسى؛ خاصة بعدما يدخلون على المواقع الإلكترنية؛ ويرون قصص الآسى؛ وما آلت إليها حالات الإصابة؛ وضحايا المرض؛ أسرى الأسرّة؛ والكراسي المتحركة؛والرعشات العشوائية؛ والتنميل الدائم؛ وانعدام الإحساس؛ والمدلاة رؤوسهم ضمورًا وعجزًا.. وغيرها من المآسي.

ولقد نصحنا الطبيب بألا أعلم ابنى باسم المرض، إلا بعد الحضور إليه؟وعندما عرف حقيقة الأمر، وتأملها على النت، غدا إنسانًا آخر لا نعرفه، وهو طالب الهندسة المتفوّق والمحبوب من الجميع ورئيس الأسر الطلابية وعازف الجيتار والعديد من آلات الإيقاعات المختلفة، ويخرج أول النهار لا يعود إلا ليلًا، لا يأكل، ودائم الإنفعال والعصبية، وينعزل عنا وعن زملائه في الجامعة، ويصرخ في الأطباء؛ وغاضب من الدنيا؛ ومن الحياة والبشر.. والحمد لله على قضائه وقدره.

خامسًا: إدراج هذا المرض المكتشف حديثًا ضمن لائحة الأمراض المزمنة الأولى بالرعاية، ماديًا بالشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية والاستثمارية؛ مثل السرطان وغيره، والتي يًخصّص لها في العلاج العائلى للموظف مبالغ بالآلاف سنويا، بينما يدرج مرض(M.S) ضمن العلاج العائلي العادي؛ الذي لا تتخطّى الآفه عدد أصابع اليد.!

وذلك بدعوى أن اللوائح لا تسمح؛ لأنه غير مدرج ضمن المخصّصات المالية لعلاج الأمراض المزمنة بعد؛ رغم أن يتكلف أكثر وأكثر وأكثر كما ذكرنا آنفًا، ولا مجال للشك لدى جميع الإدارات الطبية بالشركات، ولأن الإصابة به محدودة؛ تجعل التحرك لتغيير اللوائح بطيئًا، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

سادسًا: لمستقبل هذه الفئة، خاصة الشباب منهم؛ يتم إدراجهم ضمن نسبة الـ(5%) عند التعيين؛ وعدم رفضهم في التعيينات لظروف مرضهم؛ خاصة إذا ما قدموا شهادات تفيد، أنهم يعالجون على مستوى الدولة؛ ولن يكلفوا المؤسسات التي يتقدّمون للعمل بها أي أعباء مالية في علاجهم، وأن آثار مرضهم، لا تؤثر على الوظائف المتقدم لشغلها.

هذه بعض المقترحات أتقدم بها إليكم، ليس بعد الله غيرك ولىّ أمر، وبعد الدعاء، والصدقات المستطاعة، التي يأمرنا بها المولى عزّ وجلّ، لن أملّ في التوجّه إليك، ولن أكلّ في الحديث إليك؛ لأنك على الأرض خليفة ربّ على مانحيا عليها من أرض.

ولا يؤخذ أحد برأى؛ ولا عجل فِعل؛ ولا صحيح وسرعة قرار؛ ولا إجادة تنفيذ؛ إلا إذا ما حظىّ برعايتكم وجلّ اهتمامكم وتقدير مسؤوليتكم وشمول متابعتكم؛ لهذا الملفّ المهم لفئة من شباب وأبناء مصر، لا يلتفت إليها أحد لقلة عددها.
Advertisements
الجريدة الرسمية