رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الله محبة


في أحد الأيام كتب أحد الإخوان دراسة بحثية عن "رأي الإسلام في الاحتلال غير المشروع للدول"، فأبديت تعجبي من هذه الدراسة وقلت: "وهل هناك احتلال مشروع واحتلال غير مشروع"! ثم استطردتُ قائلا: هل من المطلوب أن نبحث عن رأي الإسلام في كل كبيرة وصغيرة في حياتنا حتى ولو كانت من الأمور التي فطرنا الله عليها؟ فنقول مثلا ما رأي الإسلام في شرب الماء عند الظمأ أو عند الشبع؟! وما رأي الإسلام في السباحة في الأنهار أم في حمامات السباحة؟ وهكذا دواليك في كل شيء في الحياة.


ومع ذلك فإن الذين سيَّسوا الدين شوهوا فطرة الناس، فأصبح كلُ شيء مُلتبسًا في حياتنا، هذا يسأل عن حُكم تهنئة الأقباط بأعيادهم، فيردون بالتحريم، وهذا يسأل عن حُكم إلقاء السلام على غير المسلمين، فيردون بالتحريم، وهذا يسأل عن حكم السفر لتلقي العلم في أوروبا، فيردون بالتحريم، وحُكم أكل الخُشاف وشُرب المياه الغازية وشُرب الماء بوضعية وقوف الشارب والتبول واقفا في المراحيض الحديثة ووووووووووو فيردون بالتحريم..

والحقيقة أن الإسلام ترك لنا مساحة كبيرة جدا في حياتنا نتحرك فيها كما نشاء، ولم يضع لنا ضوابط إلا في أقل القليل، فالله سبحانه لم يخلقنا لنكون آلات ينبغي أن تتحرك حركة واحدة في وقت واحد بطريقة واحدة، ولكنه تركنا لفطرتنا ولم يُحرم علينا إلا ما أورده في الكتب السماوية حصرا، ولكن كهنة الأديان أضافوا من المُحَرَّمات ما تعجز الجبالُ عن حَمْله، وكأن اللهَ سبحانه خلقنا ليُحرِّم علينا مُعظم حياتنا!

نحن بَشَرْ فطرنا الله على الحب والحرية والكرامة والعدالة والرحمة، فطرنا على الرغبة في المعرفة، فمن فسدت فطرته لم يعرف للحب طريقا، ولا للحرية مجالا، ولا للكرامة الإنسانية قيمةً، ولا للعدالة مكانا، ولا للرحمة موضعا في قلبه، من فسدت فطرتُه كان قاتلا، وأبشع القتل أن يرتكبه ذلك الفاسد باسم الدين، أو قل باسم اللهِ سبحانه، وكأن اللهَ هو الذي أصدر إليه أمرَ القتل! وهكذا وهكذا، ولكن ماذا نفعل لهؤلاء وقد نزعوا الحب والرحمة من قلوبهم غير أن نقول لهم: الله محبة.
Advertisements
الجريدة الرسمية