رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام والتعليم والأحزاب ودورهم المفقود!


تفنيد الشائعات ودحض الافتراءات والأكاذيب أوجب واجبات الوقت ومهمة مجتمعية ينبغي أن يتصدى لها الإعلام بشتى وسائله عبر نخبة صادقة مقبولة وحصيفة تملك القدرة على الإقناع والوصول للناس.. لكن ذلك لم يحدث حتى هذه اللحظة، وهو أمر مدهش حقًا.. فماذا تنتظر هذه النخبة.. ولماذا نبقى أسرى رد الفعل.. لماذا لا يتحرك الإعلام برؤية واستراتيجية تستبق ما يحدث على الأرض، وتتوقع ما سوف يحدث لتحصن المجتمع ضد ما يحيكه أهل الشر من شائعات وأوهام يصدقها البعض للأسف في غيبة الرأي الآخر..


وهنا يثور سؤال: أين الأحزاب والنخبة السياسية من كل ما يجري حولنا.. لماذا نشعر بغياب العقل السياسي في مخاطبة الرأي العام تمامًا كغيابها عن قضايا المواطن وهمومه الحقيقية، ويأتي تحركها للأسف كرد فعل لما يحدث؛ انتقادًا أو تفسيرًا، تأييدًا أو معارضة.. فأين دورها الإيجابي الصانع لواقع جديد تحبه مصر وترضاه.. إلى متى تظل نخبتنا وأحزابنا حبيسة مقارها ومكاتبها ومنابرها التقليدية.. لماذا انعدم اختلاطها بالناس حيث هم.. ألا تدرك أن للثورات تبعات وظروفًا تستلزم جهدا مضاعفًا للملمة الشمل وتوحيد الصف خلف راية الوطن الذي يمكننا الاختلاف على طريقة خدمته وليس الخلاف عليه..

ماذا قدمت الأحزاب للشباب.. هل أدارت معهم حوارًا عقلانيًا يتناول قضايا تدفعه للإنجاز حتى لا تتركه فريسة للفيس بوك.. لماذا لم تسارع بإقناعهم بالانضمام لصفوفها، وممارسة السياسة والديمقراطية والإدارة من داخلها.. هل فكرت تلك الأحزاب في استثمار معرض الكتاب لعقد ندوات فكرية مع الشباب الغارق في العالم الافتراضي والذين يتأثرون سلبًا بما يتم ترويجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون التحقق من مدى صحته..

لماذا لم تستمع إليهم وتطلعهم على حقائق ما يجري حولنا، وترد على الشائعات وتفسر لهم مخططات التآمر التي تستهدف دولنا، وما يجب على كل فرد أن يفعله في تلك الفترة للنهوض من العثرة الاقتصادية، والخروج بانتخابات الرئاسة إلى بر الأمان.. أين دور قصور الثقافة المنتشرة بطول البلاد وعرضها.. هل تفي وزيرة الثقافة بوعدها الذي قطعته على نفسها بإحداث ثورة ثقافية تغير المفاهيم الخاطئة والعادات السلبية..

وأين مراكز الشباب والأندية مما يجري.. وهل اكتفت بدورها الترفيهي على الدور الطليعي والتثقيفي.. وماذا تجدي الأجسام السليمة في غيبة العقول الرشيدة.. ماذا فعلت مؤسسات التعليم والثقافة لخلق تواصل بين الأجيال لتداول الخبرات بين الشيوخ والشباب..؟!

ظني أن ما نعانيه اليوم هو نتاج غياب القدوة وغياب دور الأسرة وافتقاد الجيل الجديد للمثل العليا التي جعلت المجتمع في مأزق أخلاقي كبير، فضعف التماسك الأسري وتفكك الروابط الاجتماعية بفعل ثورة الاتصالات الهائلة التي خلقت أنماطًا سلبية من التواصل الاجتماعي الخالي من الروح الإنسانية والحميمية التي تلاشت بفعل الاتصال عبر صفحات فيس بوك والواتس وغيرهما من وسائل الاتصال عبر الكابلات والأقمار الصناعية.

أزمة مجتمعنا هي نتاج عوامل عديدة، وقد فوجئنا مثلا منذ سنوات بانخراط شبابنا في روابط وكيانات حاد بعضها عن مساره الطبيعي، وانتقل من تشجيع الرياضة والتحلي بأخلاقها إلى خرق القانون وتحدى سلطة الدولة وتعريض أمنها وسلامها الاجتماعي للخطر.

ولم نجد للأسف من يتصدى بالفكر والإقناع لمثل هذه الانحرافات ولا تصدى للأفكار المغلوطة والمتطرفة دينيًا.. ولم تخرج علينا مؤسسة معنية بالفكر الديني بخطاب متجدد مشفوع بالحجة والبرهان يدحض أسانيد تنظيمات العنف والإرهاب التي شوهت صورة الإسلام وهو منها براء.
الجريدة الرسمية