رئيس التحرير
عصام كامل

مسئولية أساتذة القانون فى الأنظمة القمعية.. (2)


ويكفى لتذكيرنا بهذا الدور التبريرى المهين؛ هذه الندوة التى قامت بها كلية الحقوق بجامعة القاهرة منذ أيام قليلة، برئاسة عميدها الدكتور محمود كبيش، وبالاشتراك مع أستاذى الدكتور يحيى الجمل والأستاذ الدكتور فؤاد رياض، فقد أشارت بمزيد من الأسى والتعفف أيضا إلى بعض الأمثلة المشينة من رجال القانون، و أساتذته فى جامعة القاهرة ممن أيدوا مخالفات وانتهاكات قانونية ودستورية جسيمة للنظام الحالى والسابق.. على أن الأمر يتجاوز كلية حقوق القاهرة إلى كليات أخرى وإلى أشخاص آخرين يطلق عليهم بكل أسف لقب"أستاذ قانون".. ويؤسفنى أن بعض تصريحاتهم لا تؤهلهم للأستاذية، وإنما للرسوب فى امتحان أولى حقوق بأى جامعة فرنسية.


إن ما تميزوا به هو الشراسة فى التعاون مع النظم القمعية من أجل الإثم والتنطع فى الدفاع عن العمل الباطل والقرار المعدوم، إنهم عار على الجامعة، وعار على الأستاذية، وعار على القانون، بل وعار على مصر كلها.. فلا معنى لعلم القانون لديهم مادام حل محله علم المصلحة الشخصية والحزبية الضيقة، ولا موضع لفكرة العدالة وجوهرها فى نفوسهم مادامت فكرة السلطة وزهوها الزائف غلبت فكرة العدالة ووقرت فى ضمائرهم، ولا معنى للمعارضة البناءة طالما آثروا مهادنة السلطة وممالأة الغالب.

ولكن.. وفى ذات الوقت نرى مشهدا آخر فى ندوة حقوق القاهرة بشأن قانون السلطة القضائية، فهذا المشهد الإيجابى يجب أيضا أن يشار له لأن من خلاله ثمة نور يشع وخير يرجى.

صحيح أنه كثيرا ما دأبت السلطة السياسية الحالية بمعاونة المحللين للإثم من أساتذة القانون على امتهان القضاء المصرى و العدوان عليه كراهية فى كل سلطة أخرى تحد من سلطاتها أو تلزمها بمراعاة قواعد المشروعية، لكن مسئولية السلطة السياسية لا تقل فى تقديرى عن مسئولية أساتذة القانون الذين باعوا الضمير العلمى ونطقوا عن الهوى الحزبى فحسب.

ودعونا نتأمل بعض الأمثلة.. ففى جعبتى كثير من المخزيات منذ حل مجلس الشعب حتى يومنا هذا، وكان دائما دفاعهم عن القرار الباطل والعمل المنعدم نوعا من الهوى البين أو الطيش الفادح لا علم منه يجرى ولا معرفة بأبجديات القانون.


أين أساتذة القانون المبررون للأعمال غير المشروعة للسلطة و المقربون منها اليوم عند:


١- محاصرة المحكمة الدستورية ومنعها منعا ماديا من الانعقاد و مباشرة اختصاصاتها ومنعها من الفصل بالقوة الهمجية وبالإرهاب من الفصل فى عدم دستورية قانون باطل يكفل لتيار بعينه الهيمنة على البرلمان المصرى ما بعد الثورة؟..



2- قيام رئيس الجمهورية بعزل النائب العام، وتعيين غيره من ذويه ضاربا عرض الحائط بكافة القواعد القانونية الملزمة التى تتعلق بضمانات تعيين القضاة واستمرارهم فى وظائفهم، وأى شيطان أعطى بعضهم تكرار الحجة البلهاء؛ أن حكم الاستئناف النهائى ليس مشمولا بالنفاذ!!..


3- إعداد مشروع قانون يؤدى إلى إجبار القضاة الذين عينوا طبقا لقانون سابق بالإحالة إلى المعاش المبكر وفقا لقواعد جديدة، بينما هم محكومون بالأثر المباشر للقانون السابق،  وهو ما يعنى تطبيق القانون الجديد بأثر رجعى عليهم، مما يؤدى إلى التخلص من ٣٠٠٠ قاض من خيرة الخبرة القضائية المصرية خشية من أحكامهم بعدم مشروعية القرارات التى تتخذها السلطة الحاكمة و ذويها.


4- "الافتئات المستمر" على اختصاصات القاضى الإدارى بوهم أسموه عباقرة القانون بجهلهم الرفيع أعمال السيادة،  وهو ما يعد عدوانا لا نظير له على الحق الدستورى للمواطن فى اللجوء لقاضيه الطبيعى، ويعنى ببساطة عدم إمكانية الطعن على الإجراءات والقرارات التعسفية التى تصدر عن السلطة التنفيذية بقصد تصفية حساباتها مع أعدائها.


5-الافتئات على القضاء الدستورى وتقليص عدد أعضاء الحكمة الدستورية العليا مما ينجم عنه تعاظم العبء القضائى وعدم حسن سير العدالة.


6- نظر مشروع قانون السلطة القضائية الذى قدمه الحزب الحاكم،  حيث نص على أجزية تأديبية ضد القضاة إذا ما باشرت جمعيتهم العمومية حقها الطبيعى فى الاعتراض أو فى الاعتصام السلمى  أو تعليق الجلسات كوسائل مشروعة للاحتجاج السلمى على العدوان المستمر على السلطة القضائية.


الحمد لله؛ إننا قد قضينا اللوامة رغدا، وأدينا الأمانة سددا، وما اتخذنا من المضلين عضدا.. والحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده.
الجريدة الرسمية