رئيس التحرير
عصام كامل

«المافيا».. من «الدواجنِ المُجمَّدةِ» إلى «هزِّ الوِسط»


"المافيا".. أو "عصاباتُ الجريمةِ المُنظمةِ"، تحوَّلتْ إلى "ثقافةٍ حاكمةٍ" في المجتمعِ المصرىِّ. الأمرُ لمْ يعدْ مقتصرًا على أصحابِ المصالحِ الذينَ يحتكرونَ "الطعامَ والشرابَ والدواءَ"، والذينَ تضاعفَ نفوذُهم في السنواتِ الأخيرةِ، قبلَ الثورتينِ وبعدَهما، حتى صاروا قريبينَ ومُلتصقينَ بـ "صُنَّاعِ القرارِ"، إنْ لمْ يكونوا صانعيِهِ ومُنفردينَ بصناعتِه وصياغةِ حيثياتِه وتصديرِ الأكاذيبِ للرأىِّ العامِّ، بما يخدمُ مصالحَهم ويفاقمُ ثرواتِهم، ويراكمُ ملياراتِهم، في البنوكِ المحليةِ والأجنبيةِ، في مصرَ وخارجَها، وينفخُ كروشهَم، منْ جيوبِ الغلابةِ والفقراءِ ومعدومى الدخلِ.


رأينا ذلكَ واضحًا جليًا في أزمةِ الدواجنِ المُجمَّدةِ البرازيليةِ رخيصةِ الثمنِ، وشاهدنا، الأسبوعَ قبلَ الماضى، كيفَ صرخَ وتباكى أصحابُ المصالحِ ومُحتكرو صناعةِ الدواجنِ خوفًا منْ بوارِ بضاعتِهم وهلاكِها. وسبقَ هذا المشهدَ الميلودرامىَّ مشاهدُ أخرى، لعلَّ أقساها التي تتجاوزُ الطعامَ والشرابَ، وتمتدُّ إلى الدواءِ. وجسَّدتْ أزمةُ "ألبانِ الأطفالِ"، قبلَ أكثرَ منْ عام، مأساةَ المافيا في مصرَ، في أقبحِ صورِها على الإطلاقِ.

ومعَ كلِّ أزمةٍ.. يظهرُ المُحتكرونَ على حقيقتِهم، وجوهُهم مُسَّودَّةُ، قلوبُهم كالحجارةِ، بلْ أشدُّ قسوةً، وإنَّ منْ الحجارةِ لما يتفجرُ منهُ الأنهارُ، ولكنَّ قلوبَ أصحابِ المافيا لا يتفجرُ منها إلا نارٌ لا تُبقى ولا تذرُ. المافيا المصريةُ، لا تأخذُها بالمصريينَ شفقةٌ ولا رحمةُ، ينافسونَ الشيطانَ الرجيمَ مَكرًا ودَهاءً وخُبْثًا.

ولأنَّ شرَّ البليِّةِ ما يُضحكُ، ولأنَّ الشيء بالشيء يُذكرُ.. فقدْ رأينا "المافيا" ماثلةً أيضًا في أزمةِ الراقصةِ الروسيةِ المعروفةِ إعلاميًا بـ "جوهرة"، ومُلابساتِ توقيفِها واتهامِها بالتحريضِ على الفسقِ والفجورِ، منْ خلالِ بدل الرقصِ التي ترتديها أو لا ترتديها "إنْ صحَّ التعبيرُ"، وكأنَّ "هياتم" و"فيفى" و"لوسى" و"دينا"، وأشباهَنَ، يرقصنَ بالنقابِ، أو يعملنَ بالأمرِ بالمعروفِ والنهىِّ عنْ المُنكرِ.. إنها "المافيا" التي تحكمُ كلَّ شيء.. حتى "هزِّ الوِسط".. ولا مؤاخذة!
الجريدة الرسمية