رئيس التحرير
عصام كامل

معالي الوزير.. «حضرتك بتشتغل إيه»؟!


.. وكما أنَّ مِصرَ منكوبةٌ ببعضِ المحافظينَ، فإنَّها مُبتلاةٌ أيضًا ببعضِ الوزراءِ الذينَ يظنُّونَ أنَّ المنصبَ الوزارىَّ نهايةُ المطافِ، فينشغلونَ بأنفسِهم فقط، ولا ينشغلونَ بالمنصبِ الرفيعِ وتبعاتِه، يستغلونَ "نفوذَهم الجديدَ" أسوأَ استغلالٍ، يلهثونَ وراءَ شهرةٍ افتقدوها طوالَ السنينَ الخوالى، يهدرونَ الوقتَ في توافهِ الأمورِ، حتى تتمَّ الإطاحةُ بِهم في أقربِ تغييرٍ وزارىٍّ، فيصبحونَ نسيًا منسيًا، لأنَّهم لم يتركوا أثرًا يذكرُهم به المعاصرونَ أوْ اللاحقونَ.


وزيرُ التعليمِ العالى والبحثِ العلمىِّ الحالى واحدٌ منْ هؤلاءِ. الوزيرُ الخمسينىُّ القادمُ منْ كليةِ "طبِّ الأسنانِ"، والذي تمَّ استوزارُه قبلَ عامٍ بالتمامِ والكمالِ، يبدو أنَّهُ لمْ يُدركْ بعدُ أنَّهُ صارَ وزيرًا لوزارةٍ مُهمةٍ جدًا، لا سيَّما أنَّ "أمَّ الدُنيا" تترنَّحُ في مؤخرةِ الدولِ المهتمةِ بـ"جودةِ البحثِ العلمى".

الوزيرُ المُفعمُ بالنشاطِ والحيويةِ لمْ يوظِّفْ نشاطَه وحيويتَه في إحداثِ "طفرةٍ حقيقيةٍ" في "وزارتِه المجهولةِ"، ربما لإدراكِه أنَّ " التعليمَ العالىَ والبحثَ العلمىَّ" ليسَ منْ أولوياتِ المرحلةِ السابقةِ أوْ الحاليةِ أوْ اللاحقةِ، ولنْ يكونَ هكذا يومًا ما. "معالى الوزيرِ" تركَ مهامَّ منصبِه ليلعبَ "تنسَ الطاولةِ" تارةً مع رؤساءِ الجامعاتِ، وتارةً ثانيةً.. يُحيِّى العَلمَ معَ طلابِ الجامعاتِ، وتارةً ثالثةً يزورُ اللاعبَ "محمد صلاح" أثناءَ زيارتِه للمملكةِ المتحدةِ. جميعُ هذهِ المواقفِ تعكسُ "الوزنَ الحقيقىَّ" لـ"معالى الوزير" وطريقةِ تفكيرِه وطبيعةِ إدارتِه لوزارتِه.

وزيرُ التعليمِ العالى والبحثِ العلمىِّ يُدركُ أنَّ خبرَ زيارتِه لـ"لاعبٍ لم يُنهِ دراستَه بأحدِ المعاهدِ الخاصةِ بعدُ"، سوفَ يجعلُ اسمَه مُتداولًا عبرَ نشراتِ الأخبارِ والمواقعِ الإخباريةِ والبرامجِ الرياضيةِ، وهو ما لن يحدثَ بطبيعةِ الحالِ، إذا تعلَّقَ الأمرُ بتطويرِ مفرداتِ وعناصرِ العمليةِ التعليميةِ وتشجيعِ الباحثين والمُخترعينَ الذين يُعانون الأمرَّينِ، حتى يُسعدَهم الحظُّ بـ "بمصافحةِ سيادتِه والاستماعِ لهم".

ولو كلَّفَ "معالى الوزيرِ" نفسَه يومًا بزيارةِ المستشفياتِ الجامعيةِ، بدلًا منْ لعبِ "تنسِ الطاولة"، ما وقعتْ حادثةُ سقوطِ المصعدِ المتهالكِ في مستشفى جامعة بنها التي خلَّفتْ قتلى ومُصابين، وهى الكارثةُ التي يتحاكى بها الركبانُ، وتكشفُ تغوُّلَ الإهمالِ والفسادِ في كلِّ شىءٍ، وتؤكدُ انشغالَ الوزيرِ المختصِّ عنْ مسئولياتِه.. والسؤالُ الذي أوجهُه لـ" معالى وزيرِ التعليمِ العالى والبحثِ العلمىِّ": " هو حضرتك بتشتغل إيه بالضبط"؟!
الجريدة الرسمية