رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

آسفين يا مصر


بينما كان ميدان التحرير يعج بالفوضى والشعارات واللافتات الرافضة كانت هناك لافتة معبرة ظلت الكاميرات تكررها مكتوب عليها.
 
(آسفين يا مصر)، وفِي ظني تلك كانت الحقيقة الوحيدة هناك، وربما كانت تصلح شعارًا للتوبة الوطنية عن العك والمراهقة الثورية، وعمليات الفرز والتفتيت والتقسيم والتشويه والعزل والاغتيالات الشخصية والقفز على الحقائق.. ومنذ تلك الأيام عشنا في ازدواجية وبدت لمصر صورتان..


واحدة حقيقية على الأرض بكل سلبياتها، أوصلتها الفوضى لتصبح شبه دولة على حد تعبير الرئيس.. والأخرى على الفضائيات، وفِي المؤتمرات الرسمية وكأنها قطعة من الجنة، هو نفس الفرق بين الهروب من تطوير العاصمة التاريخية في القاهرة إلى الصحراء فيما يسمى "العاصمة الإدارية"... وكان المفروض بعد حدثين بحجم ٢٥ يناير و٣٠ يونيو أن تمتلك مصر على الأقل حزبين للأغلبية والمعارضة..

فإذًا من العبث ألا يكون لدينا أي نشاط حزبي أو سياسي، وعند لحظة الجد عقمت مصر في العثور على مرشح منافس للرئيس، بعد أن تم تأميم السياسة نتيجة عدم وجود مطبخ سياسي مبدع، ضاعت منه فرصة خلق حزب قوي من ائتلاف ٣٠ يونيو بشكل طبيعي ومنطقي، ممن نزلوا للشارع في هدف وطني واحد على غرار تأسيس حزب الوفد العريق...

وفي نفس الوقت فشلت القوى السياسية المعارضة في تشكيل كيان سياسي قوي يدعم الحياة السياسية، وغابت مصانع إنتاج القيادات لانشغالها بالأجندات الخاصة حتى بات الوضع مرتبكًا في الوقت الضائع، وقبل إغلاق باب الترشح للرئاسة بدقائق.. وأظن أن السبب الرئيسي الذي لا يريد أحد الاقتراب منه هو الغياب المتعمد لصناعة البديل، واعتبار ذلك رجسًا سياسيًا يوجب العقاب لمن يطرحه، حتى وإن تم فرز شخص ما بديل لأي مؤسسة أو منصب فإن ذلك يعني اغتياله معنويًا..

وفِي مثل هذا المناخ لا يمكن لأي قيادة أو بديل الظهور لتصبح الصدفة هي التي تصنع البديل كما حدث مع السادات ومبارك ومرسي الذي كان احتياطيًا لخيرت الشاطر، أو لنقل أن المناصب الكبرى في هذا البلد هي قضاء وقدر ولا يتم الإعداد لها كما في كل الدنيا والأنظمة، وما يحدث في قمة الدولة المصرية يحدث في كل مؤسساتها، لدرجة أن بعض رؤساء المؤسسات الحاليين كانوا من أنصار مبارك والحزب الوطني، وكانوا من المغضوب عليهم، خاصة أن معظمهم ليسوا مهنيين وفجأة وجدوا أنفسهم في تلك المواقع القيادية التي لم تداعب خيالاتهم حتى في أمنيات ليالي القدر..

وبدا أن معظم قيادات الدولة من المجهولين الذين لا يتمتعون بأي قدر من الحنكة السياسية ولا الخيال المبدع في التعامل مع الأزمات حتى بدا أن الأزمة الأساسية تكمن في إدارة الأزمة نفسها، وظلت مصر الوطن باقية أقوى من الأيام والأزمات، وحتى الدولة بقيت رغم كل ما مر بها من أزمات.. ومصر دومًا تبقى والقيادات تذهب بعد أن تقدم ما تقدم سواء أصابت أو أخطأت.. وليس من حق أحد أيًا كان أن يمن ويتفضل على مصر، لأنها هي التي صنعتهم ومنحتهم المهابة والمكانة والقوة وليس العكس.

خاصة أن معظم من أساء لمصر يظن العكس، ذلك أن الذين حرقوا أقسام الشرطة ونهبوا المتاجر ومكنوا الإرهابيين من دخول مصر وفتحوا السجون للمجرمين وهم يظنون إنهم ثوار كانوا يريدون الخير لمصر بل والفاسدون يبررون فسادهم بالفهلوة والشطارة، وعلى نفس النهج لا يزال الإخوان يؤمنون أن سنة حكمهم السوداء أهم سنوات الديمقراطية، وأن حكم المرشد ومكتب الإرشاد كان الصيغة المثلى.

وفي المقابل لا تزال فلول ميدان التحرير من نشطاء وعواجيز السبوبة يظنون أنهم أوصياء على الأمة، وأن لديهم توكيلات للحديث باسم الشعب، ولم يتعلموا شيئًا عندما حصل الباطل على أصوات أكثر من مرشحهم، والأمر هكذا فإن الكل مدان ومخطئ في حق هذا البلد وأي بداية صحيحة تستوجب التوبة الوطنية ورفع شعار (إحنا آسفين يامصر).

بينما كان ميدان التحرير يعج بالفوضى والشعارات واللافتات الرافضة كانت هناك لافتة معبرة ظلت الكاميرات تكررها مكتوب عليها.
 
(آسفين يا مصر)، وفِي ظني تلك كانت الحقيقة الوحيدة هناك، وربما كانت تصلح شعارًا للتوبة الوطنية عن العك والمراهقة الثورية، وعمليات الفرز والتفتيت والتقسيم والتشويه والعزل والاغتيالات الشخصية والقفز على الحقائق.. ومنذ تلك الأيام عشنا في ازدواجية وبدت لمصر صورتان..

واحدة حقيقية على الأرض بكل سلبياتها، أوصلتها الفوضى لتصبح شبه دولة على حد تعبير الرئيس.. والأخرى على الفضائيات، وفِي المؤتمرات الرسمية وكأنها قطعة من الجنة، هو نفس الفرق بين الهروب من تطوير العاصمة التاريخية في القاهرة إلى الصحراء فيما يسمى "العاصمة الإدارية"... وكان المفروض بعد حدثين بحجم ٢٥ يناير و٣٠ يونيو أن تمتلك مصر على الأقل حزبين للأغلبية والمعارضة..

فإذًا من العبث ألا يكون لدينا أي نشاط حزبي أو سياسي، وعند لحظة الجد عقمت مصر في العثور على مرشح منافس للرئيس، بعد أن تم تأميم السياسة نتيجة عدم وجود مطبخ سياسي مبدع، ضاعت منه فرصة خلق حزب قوي من ائتلاف ٣٠ يونيو بشكل طبيعي ومنطقي، ممن نزلوا للشارع في هدف وطني واحد على غرار تأسيس حزب الوفد العريق...

وفي نفس الوقت فشلت القوى السياسية المعارضة في تشكيل كيان سياسي قوي يدعم الحياة السياسية، وغابت مصانع إنتاج القيادات لانشغالها بالأجندات الخاصة حتى بات الوضع مرتبكًا في الوقت الضائع، وقبل إغلاق باب الترشح للرئاسة بدقائق.. وأظن أن السبب الرئيسي الذي لا يريد أحد الاقتراب منه هو الغياب المتعمد لصناعة البديل، واعتبار ذلك رجسًا سياسيًا يوجب العقاب لمن يطرحه، حتى وإن تم فرز شخص ما بديل لأي مؤسسة أو منصب فإن ذلك يعني اغتياله معنويًا..

وفِي مثل هذا المناخ لا يمكن لأي قيادة أو بديل الظهور لتصبح الصدفة هي التي تصنع البديل كما حدث مع السادات ومبارك ومرسي الذي كان احتياطيًا لخيرت الشاطر، أو لنقل أن المناصب الكبرى في هذا البلد هي قضاء وقدر ولا يتم الإعداد لها كما في كل الدنيا والأنظمة، وما يحدث في قمة الدولة المصرية يحدث في كل مؤسساتها، لدرجة أن بعض رؤساء المؤسسات الحاليين كانوا من أنصار مبارك والحزب الوطني، وكانوا من المغضوب عليهم، خاصة أن معظمهم ليسوا مهنيين وفجأة وجدوا أنفسهم في تلك المواقع القيادية التي لم تداعب خيالاتهم حتى في أمنيات ليالي القدر..

وبدا أن معظم قيادات الدولة من المجهولين الذين لا يتمتعون بأي قدر من الحنكة السياسية ولا الخيال المبدع في التعامل مع الأزمات حتى بدا أن الأزمة الأساسية تكمن في إدارة الأزمة نفسها، وظلت مصر الوطن باقية أقوى من الأيام والأزمات، وحتى الدولة بقيت رغم كل ما مر بها من أزمات.. ومصر دومًا تبقى والقيادات تذهب بعد أن تقدم ما تقدم سواء أصابت أو أخطأت.. وليس من حق أحد أيًا كان أن يمن ويتفضل على مصر، لأنها هي التي صنعتهم ومنحتهم المهابة والمكانة والقوة وليس العكس.

خاصة أن معظم من أساء لمصر يظن العكس، ذلك أن الذين حرقوا أقسام الشرطة ونهبوا المتاجر ومكنوا الإرهابيين من دخول مصر وفتحوا السجون للمجرمين وهم يظنون إنهم ثوار كانوا يريدون الخير لمصر بل والفاسدون يبررون فسادهم بالفهلوة والشطارة، وعلى نفس النهج لا يزال الإخوان يؤمنون أن سنة حكمهم السوداء أهم سنوات الديمقراطية، وأن حكم المرشد ومكتب الإرشاد كان الصيغة المثلى.

وفي المقابل لا تزال فلول ميدان التحرير من نشطاء وعواجيز السبوبة يظنون أنهم أوصياء على الأمة، وأن لديهم توكيلات للحديث باسم الشعب، ولم يتعلموا شيئًا عندما حصل الباطل على أصوات أكثر من مرشحهم، والأمر هكذا فإن الكل مدان ومخطئ في حق هذا البلد وأي بداية صحيحة تستوجب التوبة الوطنية ورفع شعار (إحنا آسفين يامصر).
Advertisements
الجريدة الرسمية