رئيس التحرير
عصام كامل

مقاطعة الانتخابات.. وحجة البليد!


نبهنا كثيرا في هذا المكان لتهاوي الأحزاب وضعفها وابتعادها عن الشارع تماما، بل وانعدام الرؤية السياسية لها، لكن لا أحد يهتم، ولأن الجميع لا يشغله سوى الصراخ والسب في كل شيء، وهذا يضعهم في مأزق أمام الشعب وأمام التاريخ.


على سبيل المثال الأخ حمدين صباحي، بدأ في الحزب العربي الناصري في مجموعة الراحل ضياء الدين داود، ثم تركه، ثم الكرامة، ثم التيار الشعبي.. إلخ ماذا فعل طوال السنوات الأربع الأخيرة غير السباب واختلاق معارك معظمها مع النظام!؟ هل مارس السياسة من خلال حزبه وأقام اللقاءات مع الشارع وبحث كيفية تطوير أداء حزبه حتى يتواصل مع المواطن؟ هل قدم الرؤى العلمية أو الجديدة لحل المشكلات التي تنغص على المواطن حياته؟

هل قدم حلولا لأي مشكلة وحاول نشرها وإقناع الرأي العام بها، مثل مشكلة الطاقة والسكك الحديدية، حلول لتطوير التعليم، الإسكان، تشغيل الشباب، إحياء دور القطاع العام لأن المفترض الأخ حمدين يدعي أنه ناصري أي اشتراكي أي مع اعتماد الدولة على القطاع العام باعتباره أهم عناصر القوة لها وخط أمان للفقراء والطبقة الوسطى!؟

لا شيء من هذا يتم، والرجل بعد تجربته في الانتخابات مرتين وفشله الذريع أعلن التوبة عن خوض التجربة للمرة الثالثة، لكن يطعن في كل شيء يصدر من النظام بصرف النظر عن صحته من عدمها، سأتعاطف مع حمدين صباحي عندما يقف ويطالب بإعادة دور الدولة مثلما كانت في الستينيات، لأنه عندما يفعل هذا يعبر الفكر الاشتراكي، لكنه أصبح عديم الطعم والرائحة، فهو لا اشتراكي ولا رأسمالي لكنه "رقص على السلم" فأصبح بلا هوية سياسيا.

الرئيس الروسي بوتين صرح الأسبوع الماضي تصريحا أتمنى لو نفكر فيه قليلا، عندما سُئل عن ضعف المعارضة له، أجاب: ليس مطلوب مني أن أعد معارضة قوية لي! وهذا يذكرنا بقصة حدثت في نهاية السبعينيات، عندما تأكد الرئيس الراحل أنور السادات من عدم قدرته على وقف المعارضة اليسارية بقيادة التجمع بزعامة السيد خالد محيي الدين، فكر في المهندس إبراهيم شكري السياسي القديم من قبل ثورة 52، ووزير الزراعة ومحافظ الوادي الجديد، وصاحب تاريخ مع السياسي أحمد حسين زعيم مصر الفتاة، وعرض عليه إحياء مصر الفتاة وإقامة حزب جديد..

بل دعمه بالسيد أبو وافية عديل السادات ليكون إحدى قيادات الحزب، وافق المهندس إبراهيم شكري وأعلن قيام الحزب وبصرف النظر عن تطورات الحزب بعد ذلك، إلا أن هذا الحزب يقال إنه صنيعة السادات، واعتبر أن قيام حزب معارض بهذه الطريقة شيء مشين في تاريخه، على الرغم من أنه ضم بعد ذلك قامات كبيرة ولعب دورا مهما في الثمانينيات والتسعينيات وأغلقه مبارك في عام 2000 إلا أن تهمه أنه صنيعة السادات ظلت تطارده! درس عسى أن نتعلم منه.

هل المطلوب من النظام الحالي أن يقوم بدعم الأحزاب الورقية بالملايين كما كان يحدث من نظام مبارك، بصرف دعم سنوي بحد أدنى نصف مليون جنيه، وكل حزب وشطارته، وأيضا كان يعاقب أي حزب يخرج عن الخط المحدد له، والغريب أن بعض هذه الأحزاب عبارة فقط عن شقة ويافطة عليها، وتصرف دعما عن طريق صفوت الشريف، وتحضر مؤتمرات التي تقيمها الدولة، وسفريات، والواقع ليس هناك حزب ولا يحزنون..

والوضع أصبح أسوأ بعد 25 يناير 2011، عندما تصور البعض أن الأحزاب مجرد منصة وميكروفون وتصريحات، وهذا سيجلب له المجد والمال، وضاعت أو تاهت الأحزاب التي تجاوز عددها المائة حزب، حتى الأحزاب القديمة فقدت وجودها بعد رحيل رموزها مثل الوفد بعد فؤاد سراج الدين، والتجمع بعد خالد محيي الدين، وتجميد حزب العمل الاشتراكي ورحيل زعيمه المهندس إبراهيم شكري.

نصل إلى القانون والدستور، البعض ممن فشلوا في الحشد وراء مرشح وجمع توكيلات له، أعلنوا بيانا يطالبون الشعب بمقاطعة الانتخابات؟

أولا من هؤلاء من الشارع المصري!؟ لا شيء!.. ماذا قدموا للمجتمع!؟ لا شيء! ما هو تاريخهم السياسي!؟.. لا شيء! البعض مرتبط ارتباطا بالمدعو محمد البرادعي.. ومنهم من هو مرتبط اسمه في قضية 250 الخاصة بالتمويل الأجنبي! البعض منهم جلس على المقهى السياسي يصدر تصريحات لإرضاء من هم خارج مصر أعدائنا، لا أحد منهم تقدم للانتخابات وتم منعه، لم يعتقل أي منهم، لم يغلق لأحدهم السبوبة الخاصة المشبوهة، إنهم كما يقول المثل الشعبي "حجة البليد مسح السبورة " أو مثل آخر "قصر ديل يا أزعر".

ثانيا: هل نطبق الدستور والقانون!؟ سؤالي للذين يطالبون بمقاطعة الانتخابات!؟ القانون أنهم يحاكمون بالدستور القانون، لأن فعلهم يعطل الدستور وبالتالي يقعوا تحت طائلة القانون، هذه الدعوات مجرمة في قانون العقوبات المادة 98 ب، والحكم بالسجن لا تزيد على 5 سنوات، وغرامة من 200 جنيه ولا تزيد على 500 جنيه، وأيضا هذه الدعوة تقع تحت طائلة المادة 102 مكرر في قانون العقوبات التي يعاقب المتهم بالحبس والغرامة!

ماذا لو تم تطبيق القانون على هؤلاء الخارجين على القانون!؟ طبعا أكشاك حقوق الإنسان ستتحدث عن الحريات والوهم الذي يسوق للبسطاء وإضعاف الثقافة والوعي!

الشعب المصري أمام اختبار، وهو إثبات أنه سيمارس حقه الانتخابي وبقوة.. وتحيا مصر!
الجريدة الرسمية