رئيس التحرير
عصام كامل

عميد طب المنصورة يكتب «روشتة»علاج أزمات «الطوارئ والحالات الحرجة».. السعيد عبد الهادي: مصر تحتاج 24 ألف سرير رعاية مركزة.. وندرة الأطباء المتخصصين أبرز الأزمات

الدكتور السعيد عبد
الدكتور السعيد عبد الهادي عميد كلية الطب بجامعة المنصورة

أزمات عديدة يواجهها طب الطوارئ والحالات الحرجة، فما بين مستشفيات غير مؤهلة، وأطباء يعملون بالخبرة أكثر من المنهجية، وطواقم تمريض ليست مؤهلة، تقع الكارثة التي تطول أخطر فروع الطب على الإطلاق.


ونظرا لأن طب الطوارئ والحالات الحرجة يعد هو الأمل الأول، لمن يقفون على مشارف الموت، فقد سعى الدكتور السعيد عبد الهادي عميد كلية الطب بجامعة المنصورة، إلى وضع حلول لأزمات هذا الفرع الأهم في الطب.

في البداية قال عبد الهادي إن أهم التحديات التي تواجه المريض ومنظومة الصحة في مصر هي طب الطوارئ والحالات الحرجة، وأشار إلى أنه لابد من وضع تعريف محدد لكل فرع على حدة قائلا:

طب الطوارئ Emergency medicine:
هو تقديم الرعاية الأولية (خط الدفاع الأول) لمرضى الطوارئ في جميع التخصصات لحين استقرار المريض أو تحويله إلى التخصص المطلوب سواء كان باطنة أو جراحة ومكان عملهم هو أقسام أو مستشفيات الطوارئ.

وطب الحالات الحرجة Critical care medicine 
هو تخصص مختلف تماما عن طب الطوارئ، ويستقبل المرضى الذين يحتاجون رعاية مركزة في التخصصات الباطنية أو الجراحية أو المتخصصة ومكان عملهم العنايات المركزة.

أبرز المشكلات

وأضاف عبد الهادي، أن أبرز المشكلات التي تواجه طب الطوارئ هي:

أولًا: عدد الأطباء المتخصصين في هذا التخصص قليل جدًا، ومعظمهم إما يتركون التخصص أو يسافرون إلى الخارج.

ثانيا: عدد المرضى الكبير جدا، الذين يترددون على مستشفيات الطوارئ، ويتراوح عددهم (من 1200 إلى 1500) مريض في اليوم الواحد في المنصورة، 80% منهم يحتاجون إلى رعاية أولية فقط مثل المغص الكلوي، الرعاية الثنائية مثل التهاب الزائدة الدودية أو كسور بسيطة، أما حالات الرعاية الثالثة مثل الحوادث الخطيرة والأزمات الحادة سواء كانت قلبية أو تنفسية والسكتات الدماغية فهى تمثل نحو 20% وهم صميم عمل المستشفيات الجامعية والمراكز الطبية المتخصصة.

ثالثًا: تأخر نقل المرضى أو التدخل الطبي أو الجراحي لأسباب عديدة سواء كانت من المريض واسرة المريض والمواصلات والإسعاف وعدد وخبرة الأطباء....إلخ.

رابعا: نقص الدعم المادي واللوجستي لتقديم خدمة طبية طارئة وخاصة مع ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية، حيث إن كل مريض يحتاج إلى تدخل جراحى يحتاج إلى 25 ألف جنيه على الأقل.

خامسًا: أطقم الأطباء المدربة والجاهزة للتدخل الجراحي أو الطبي خلال نصف ساعة على الأكثر.تواجد أطباء مدربين على مدار الساعة من تخصصات متعددة مثل الجراحة العامة وجراحة العظام وجراحة الأوعية الدموية وجراحة القلب والصدر وجراحة المخ والأعصاب وجراحة التجميل والتخدير والعناية المركزة الجراحية

سادسا: هناك نقص في عدد الأسرة المتاحة للرعاية المركزة في جميع مستشفيات وزارة الصحة والجامعات المصرية، فمحافظة الدقهلية لا يوجد بها سوي 400 سرير بينما تحتاج فعليا 1200 سرير، ومصر تحتاج نحو (24) ألف سرير والعدد الموجود حاليا (8000) أي 3 أضعاف العدد المتاح حاليا، وتجهيز كل سرير يحتاج مليون ونصف المليون جنيه، ومثلهم سنويا لخدمة السرير. 

سابعا: عدم التنسيق بين المستشفيات الجامعية ومستشفيات وزارة الصحة مما يقلل من الاستفادة من العدد القليل المتاح من أسرة العناية المركزة.

ثامنا: نقص عدد الأطباء وهيئة التدريب المدربين لتقديم الرعاية المركزة، وسفر معظمهم إلى العمل في الخارج .

تاسعا: عدم وجود منظومة إدارة حديثة تربط الإسعاف المصري بالمستشفيات الجامعية ووزارة الصحة، مما يضيع الوقت والجهد في البحث عن سرير عناية مركزة.

وأوضح أن المريض يظل على سريره في العناية المركزة والتنفس الصناعي لفترات طويلة قد تصل إلى أسابيع، وأحيانا عدة أشهر مما يمنع استقبال مرضى جدد.

وأخيرا يجب توفير الاعتمادات المالية لتوفير اسرة العناية المركزة وتدريب الأطباء والتمريض وتحفيزهم على العمل في مجال صعب جدًا. 

حلول مقترحة
وقال الدكتور السعيد عبد الهادي عميد كلية الطب بجامعة المنصورة: إن الحلول المقترحة لحل أزمات طب الطوارئ تتمثل في:
أولا: تفعيل دور أقسام الطوارئ في المستشفيات العامة التابعة لوزارة الصحة المتواجدة في كل مركز، لكي تتعامل مع الحالات البسيطة والمتوسطة من المستويين الأول والثاني (والتي تمثل ٨٠٪؜ من كل حالات الطوارئ) وأن يتم تحويل حالات المستوي الثالث إلى مستشفيات الإحالة والمستشفيات الجامعية.

ثانيا: تعظيم دور الإسعاف المصري وتدريب المسعفين والأطباء الشبان على التعامل مع حالات الطوارئ في مكان الحدث، والتوجه بالمرضي والمصابين إلى المستشفي القادر على تقديم الرعاية الطبية حسب مستوى الإصابة أو المرض.

ثالثا: تدريب أعداد أكبر من شباب الأطباء وهيئة التمريض في مجال طب الطوارئ، وتحسين ظروف العمل، وزيادة دخل الأطباء والتمريض، لكي يتفرغوا للعمل في أقسام طب الطوارئ.

رابعا: تكوين أطقم وفرق من الأخصائيين والاستشاريين من تخصصات مختلفة قادرة على التعامل مع الحالات الطارئة والحوادث الخطرة، حسب البروتوكولات المتعارف عليها دوليا.

خامسا: سرعة التدخل الطبي لإنقاذ حياة المرضي حسب معدل الخطورة، وإيجاد منافذ للمرضي والمصابين، لكي يتركوا أقسام الطوارئ خلال مدة لا تتعدي ٦ ساعات، وهي إما التحويل للأقسام الداخلية المتخصصة أو إجراء الجراحات المطلوبة أو التحويل إلى العناية المركزة.

منظومة واحدة
وتابع عميد كلية الطب بجامعة المنصورة بالقول : هناك حلول مقترحة أيضا لحل العجز في أسرة العناية المركزة منها:

أولا: على المدي القصير والمتوسط: 
١- دمج جميع المستشفيات والمراكز الطبية المصرية سواء في وزارة الصحة أو الجامعة أو القطاع الخاص التي يتوفر بها أسرة عناية مركزة (وعددهم نحو ٨٠٠٠ سرير) في منظومة واحدة مربوطة ببعضها بشبكة قومية من طرق اتصالات وشبكة إنترنت وإدارة مركزية حديثة على غرار نجاح تجربة الإسعاف المصري.

٢- تدريب أعداد أكبر من شباب الأطباء والتمريض على تقديم رعاية طبية مركزة ومتخصصة، قادرة على التعامل مع الحالات الحرجة في مختلف التخصصات، وزيادة دخلهم لكي يستمروا في التخصص، وتحديد ساعات العمل حسب ماهو متعارف عليه دوليا.

ثانيا: على المدى البعيد:
١- توفير الدعم المالي لزيادة أعداد أسرة الرعاية المركزة تدريجيا، لكي تقل الفجوة بين المتوفر حاليا نحو 8 آلاف سرير والمطلوب، لكي نحقق المستوي المتعارف عليه دوليا، وهو نحو 24 ألف سرير حسب تعداد السكان وتوزيعهم الجغرافي.

٢- إعادة هيكلة المنظومة الصحية المصرية، وإنشاء مجلس أعلي للصحة، تكون مهمته التخطيط المركزي والتنسيق ببن كل مقدمي الخدمة الصحية في وزارة الصحة والجامعات والقطاع الخاص في مصر، وتعمل تحت مظلة قانون التأمين الصحي الشامل.

٣- تفعيل مواد الدستور المصري وتخصيص نسبة أكبر من الدخل القومي للصحة والتعليم، باعتبارهما أهم ركائز التقدم والرفاهية والاستقرار لحاضر ومستقبل مصر.

واختتم عبد الهادي حديثه قائلا: «هذه مجرد أفكار ووجهة نظر قد تكون مقبولة، وقد تكون بحاجة إلى مزيد من المناقشات والتعديل لكي تحقق الأفضل لصحة المواطن المصري».
الجريدة الرسمية