رئيس التحرير
عصام كامل

«النقض» تنظر اليوم طعن المتهمين بـ «التمويل الأجنبي»

فيتو

تنظر محكمة النقض، اليوم الخميس، الطعن على الأحكام الصادرة ضد المتهمين بالقضية المعروفة إعلاميا بـ"التمويل الأجنبي".

أودعت قبل وقت سابق محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس برئاسة المستشار مكرم عواد، حيثيات حكمها الصادر بالحبس من سنة إلى 5 سنوات ورفض الدعاوى المدنية وإلزام رافعيها بالمصاريف الجنائية وغلق وحل جميع فروع المنظمات الأجنبية في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية "التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني"، والمتهم فيها 43 من المصريين والأجانب بتلقي معونات من بعض الدول بلغت 60 مليون دولار من خلال 68 منظمة حقوقية وجمعية أهلية تعمل في مصر بدون ترخيص حيث قضت بمعاقبة 27 متهمًا غيابيًا بالسجن 5 سنوات وحضوريًا بمعاقبة 11 متهمًا بالحبس سنة واحدة مع الإيقاف وبمعاقبة 5 متهمين بالحبس لمدة سنتين مع تغريم كل متهم ألف جنيه.

وأكدت المحكمة في حيثياتها الصادرة برئاسة المستشار مكرم عواد بعضوية المستشارين صبحي اللبان وهاني عبد الحليم رئيسي المحكمة وأمانة سر محمد علاء حمزة ومحمد طه بأنها استهلت حكمها بمقدمة في أن التمويل أصبح أحد الآليات العالمية التي تشكل في إطارها العلاقات الدولية بين مانح ومستقبل.

وأوضحت أن التمويل شكل من أشكال السيطرة والهيمنة الجديدة وهو يعد استعمارًا ناعمًا أقل كلفة من حيث الخسائر والمقاومة من السلاح العسكري تنتهجه الدول المانحة لزعزعة أمن واستقرار الدول المستقبلة التي يراد إضعافها وتفكيكها.. وفى النظام البائد برز على السطح" التمويل الأجنبي" لمنظمات المجتمع المدني كأحد مظاهر هذا التطبيع بدعوى الدعم الخارجي والحوار مع الآخر ودعم الديمقراطية والحكم ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها من المسميات التي يستترون في ظلها فهم أفرغوها من محتواها الحقيقي وطبعوا عليها مطامعهم وأغراضهم في اختراق أمن مصر القومي وإفناء موجباته وتقويض بنيان مؤسسات الدولة وتفكيك أجهزتها وصولًا لتقسيم المجتمع وتفتيته وإعادة تشكيل نسيجه الوطني وخريطته الطائفية والسياسية بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية التي كانت تعلو – في ظل النظام السابق – على صالح الوطن العام للشعب المصري وبلاده.

وتابعت:" وإزاء تردي الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر وإحساس الشعب بضعف ورخاوة الدولة وتفككها بأنه ترك مصيره في يد جماعات سياسية " عصابة " تحكمها المصالح الخاصة ولا يحكمها الولاء للوطن، اندلعت في 25 يناير 2011 ثورة شعبية حقيقية لإزاحة هذا الركام عن كاهل الشعب المصري وكسر قيود الهيمنة والتبعية والارتهان الإسرائيلي التي أدمت معصم كل مصري..

 واستعادت الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية التي غابت عن مصر كثيرًا.. فأطاحت بالقائمين عن السلطة ومهدت الطريق نحو بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة.. فأوجس ذلك في نفس الولايات المتحدة الأمريكية والدول الداعمة للكيان الصهيوني خيفة ورعبًا.. فكان رد فعل أمريكا أنها رمت بكل ثقلها ضد هذا التغيير الذي لم تعد آلياتها القديمة قادرة على احتوائه ومن ثم اتخذت مسألة التمويل الأمريكي أبعادًا جديدة في محاولة لاحتواء الثورة وتحريف مساراتها وتوجيهها لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل..

 فكان من مظاهره تأسيس فروع لمنظمات أجنبية تابعة لها داخل مصر خارج الأطر التشريعية لتقويه بالعديد من الأنشطة ذات الطابع السياسي " التي لا يجوز على الإطلاق الترخيص بها " للإخلال بمبدأ " السيادة " وهو المبدأ المتعارف عليه والمستقر في القانون الدولي ويعاقب عليه في كافة دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.

وأضافت المحكمة أن الجانب الألماني قام عن طريق المركز الرئيسي لمنظمة كونراد اليناورد الألمانية بتمويل القائمين على تلك المنظمة من أجل إدارة نشاط سياسي لا يجوز الترخيص به أصلًا حيث قام بتنفيذ المئات من برامج التدريب السياسي وورش العمل وتمويل العديد من الأشخاص الطبيعيين والمنظمات والكائنات غير المرخص لها بالعمل الأهلي والمدني وذلك لا يجوز الترخيص به لإخلاله بسيادة الدولة المصرية.

وأوضحت أنها اطمأنت إلى شهادة كل من الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى الأسبق والسفير مروان زكي بدر المشرف على مكتب وزيرة التعاون الدولى وأسامة عبد المنعم شلتوت مدير شئون المنظمات غير الحكومية بوزارة الخارجية وليلى أحمد بهاء الدين نائب مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان وعزيزة يوسف رئيسة الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات بمنظمات التضامن والعدالة الاجتماعية وتحريات الأمن الوطني والرقابة الإدارية والأموال العامة وما جاء بتقرير لجنة تقصي الحقائق وما أقره المتهمون أمام قاضي التحقيق بقيامهم بتأسيس هذه الفروع من تلك المنظمات وتمويلها من المراكز الرئيسية للمنظمات بالولايات المتحدة الأمريكية وكذلك من ألمانيا.. وما أسفر عنه الضبط والتفتيش لمقر المنظمات الذي تم بمعرفة النيابة العامة.

وتناولت المحكمة في الحيثيات الرد على دفاع المتهمين بشأن التعذر بجهل المتهمين بالقانون أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة ومن ثم لا يقبل الدفع بالجهل والغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي وأن قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002 ذو جزاء جنائي ومن ثم فهو بهذا الاعتبار قانون مكمل لقانون العقوبات فله حكم قانون العقوبات ومن ثم لا ينفي الغلط فيها القصد الجنائي. 

وبالتالي فإن كون المتهم غير عالم بأن المنظمة غير مرخص بها من الحكومة أمر لا ينفي لديه القصد الجنائي إذ يعتبر جهلًا منه بحكم القاعدة الجنائية ذاتها وهو جهل لا يصلح عذرًا طالما أن هذه القاعدة الجنائية تفرض على المخاطب بها التزام التحري عن المنظمة التي يعمل بها قبل إقدامه على ذلك فإن هو أغفل عن هذا التحري وفرط في أداء الالتزام به فلا يلوم إلا نفسه فهذا الإهمال والقصد يعتبران شيئًا واحدًا.
الجريدة الرسمية