رئيس التحرير
عصام كامل

العبثية في الانتخابات الرئاسية


من الأدب إلى السياسة.. تنتقل المدرسة العبثية لتفرض نفسها على حياتنا اليومية، لنجد أنفسنا محاصرين بسلوكيات تدفعنا أحيانًا إلى منطقة العيب، أفكار بلا مضمون يتم اجترارها من الماضي بسبب الإفلاس وعدم القدرة على الإبداع، وضبابية أفقدتنا القدرة على التقييم ورؤية الأشياء بحجمها الطبيعي، والإساءة إلى أشخاص نتيجة جهلنا بأحجامهم، وتعظيم آخرين لعجزنا عن معرفة حقيقة أوزانهم، عبث يدق ناقوس الخطر، لأن إستمراره يقودنا إلى ضياع كان معدًا لنا، ولولا عمليات الإنقاذ التي لملمتنا في الوقت المناسب لكانت مصر أشلاء وكان المصريون جماعات متناحرة.


يتجلى العبث في الاستعداد للانتخابات الرئاسية، وكأن مصر أفلست ولم يعد بها مرشح يليق بحجمها، وبحجم رئيس أعلن ترشحه لفترة ثانية، وهو أول المضارين من هذا الإفلاس، لأن الدفع بشخص لا ميزان له.. يسيء إلى رئيس بهذا الحجم وتلك الجماهيرية حتى لو تراجعت قليلًا، لكنها العبثية التي أفقدتنا معرفة مكانة مصر وحجمها، ومكانة السيسي وحجمه.. فهرولنا إلى شخصيات في ترشحهم إساءة للاثنين.. مصر والسيسي.

يدعي العابثون الذكاء والفطنة، ويظهرون دائمًا أنهم الأحرص على الرئيس بمزايدات رخيصة على شعب التف حوله ووثق فيه فمنحه تفويضًا وأجبره على قيادته، وعلى الرغم من أنهم على يقين من أن الانتخابات محسومة للسيسي لرغبة الشعب في استكمال ما بدأه.. إلا أنهم هرولوا لجمع توكيلات وعقدوا مؤتمرات، تحدث معظمهم فيها بجهل وضحالة فكر، حتى الإنجازات شوهوها عندما تحدثوا عنها. 

هؤلاء بينهم من نفر الشعب منهم بسبب نفاقهم لكل الأنظمة، وبينهم من تصيب إطلالته الجميع بحالة من الغثيان لاتهامه في قضايا شهيرة، ومنهم من يبحثون عن أدوار ربما تجعلهم الأقرب إلى صناع القرار، أفكار هؤلاء بلا مضمون، اجتروها من الماضي بعد أن فقدت صلاحيتها ولم تعد مجدية في هذا العصر، لأن السيسي قالها أكثر من مرة.. لا توجد لدى فواتير حتى أسددها.

الحالة العبثية امتدت إلى أحزاب المعارضة التي عجزت عن الدفع مبكرًا بمرشح رئاسي، فكشفت عن هشاشتها وضرورة إعادة بنائها لتحقق الهدف الذي أنشئت من أجله، وهو المنافسة على الرئاسة، هذه الهشاشة نتج عنها مرشحون في الوقت بدل الضائع، ومع احترامي لشخصهما.. إلا أن خوضهما للانتخابات غير مقنع للمواطن، كما أنهما على يقين من أن السيسي هو الأنسب، لذلك كانا من الداعمين له والداعين إلى انتخابه لفترة ثانية، لكن الضرورة دفعت بهما، وربما كان ذلك درسًا نستفيد منه في انتخابات ٢٠٢٢.

ومن العبثية أن يلغي الشخص عقله ويتحول إلى ألة، وهذا هو حال عدد كبير من الذين أقحموا أنفسهم في مجال الإعلام، أو أقحمهم آخرون من باب المجاملة، لم يقدر هؤلاء حساسية الفترة، فنضح جهلهم على ما يقدمونه ليصبحوا مادة ثرية لإعلام متربص، وكلما حاولوا الرد.. كلما كان تواجدهم أكثر على موائد المتربصين، وهذا ما حذر منه الرئيس أكثر من مرة.

بالتأكيد سوف نتجاوز مرحلة العبثية، وسوف تحسم الانتخابات لصالح السيسي، هذا ما يقره العقل ويؤكده المنطق، لكن على الأحزاب أن تعيد حساباتها إذا أرادت أن يكون لها دورًا حقيقيًا في الحياة السياسية، وخريطة الإعلام لا بد أن يعاد رسمها لتحمل رسالته مضامين جديدة تليق بمصر، وعلى المنافقين أن يتواروا، وعلى الرئيس السيسي أن يعطي تعليماته بذلك، لأنه أصبح من المؤكد أن لا شيء يتحقق إلا بتدخله.

basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية