رئيس التحرير
عصام كامل

«كلاكس» السيارة.. لغة جديدة


موقف غريب تعرضت له أمس، وأكاد أجزم أنه من أغرب المواقف التي تعرضت لها طوال حياتى، كنت أسير على طريق جسر السويس في اتجاه طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي فوجئت بسيارة ميكروباص تتوقف أمامى ليتحدث سائقها مع آخر قادم من تحت الكوبرى على اليسار، واستمر حديثهما دقيقتين، وبالتالى توقفت حركة المرور وتكدست السيارات خلفي، وبدءوا في إطلاق الأصوات المنادية بفتح الطريق. 


ولكن المشكلة أننى عندما استخدمت آلة تنبيه السيارة "الكلاكس" وجدت السائق يخرج من السيارة ويسير في اتجاهي ومصمم على الانتقام منى، فمن وجهة نظري أن ضرب "الكلاكس" كان لتنبيه السائقين أن الطريق تكدست به السيارات، قام الموجودون بإمساكه ومحاولة تهدئته، ولكنه قال إنني استخدمت آلة التنبيه في توجيه السباب إلى والدته، وبالطبع رفضت هذا الكلام فإذا به يشهد الحاضرين على إنني قمت بسب والدته بالكلاكس !

لم أتفهم ما حدث، وأحاول أن أدرك ما أدركه سائق الميكروباص، وما الذي جعله يخرج عن شعوره للدرجة التي رأيته بها؟

فإذ بى أعرف أن هناك لغة للكلاكس، هذه اللغة متعارف عليها، وذلك عندما سألت أحد السائقين المخضرمين حيث أوضح لي أن هذه اللغة موجودة منذ زمن، وأن هناك تفهما لها، وعلينا أن نعرف ذلك حتى لا يحدث لأى شخص ما حدث معي.

إننا أمام تطورات في المجتمع لا يعلمها الكثيرون منا، فالناس تغيرت ولا بد أن نعترف أننا أمام أشياء جديدة تظهر حولنا ولا بد لنا من التعامل معها بل علينا أن نعلم أولادنا أن هناك لغة متخصصة للكلاكس، وعلينا جميعا أن نراعى ذلك عند إرسال تلك الإشارة إلى السيارة المستهدفة، لأن رد الفعل من السائق قد يكون غير متوقع، وقد يصيب الآخرين بكارثة.

إن من أهم مبادئ الاتصال الفعال بين الناس أن يتطابق المقصود من رسالة الاتصال بين المرسل والمتلقى، علينا أن ندرس مخاطر تلك الإشارة وأن نقوم بتحديث المعرفة لدى الطرفين:

الأول: وهو المرسل، فلابد أن نعلمه أن هناك تغيرا في الواقع نتج عنه استقبال رسالته بما يوافق أسلوب تعامل بين كثير من الناس أو قطاع معين من صنعة أو حرفة يتعاملون فيما بينهم ويعترفون بما تدل عليه.

الثانى: وهو المستقبل، ولابد أن نعلمه أن اللغة الدارجة بينه وبين زملائه لا يعرفها إلا هم، وإن عرفها البعض من المجتمع، إلا أن الواقع يجزم أن البعض الآخر لا يعلم عنها شيئا، وأن كل رسالة من الآخرين عليه أن يسأل ما المقصود منها لبيان الحقيقة.
الجريدة الرسمية