رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فيها حاجة حلوة.. مدينة الجلود!!


مصر تشهد يوميا إنجازات حقيقية في مجالات كثيرة، سواء تلك التي تقوم بها الحكومة أو القطاع الخاص، لكن للأسف الشديد الإعلام يتجاهل مثل هذه الإنجازات ويُصدر لنا دائما السلبيات التي تُزيد من جرعة اليأس والإحباط في المجتمع، كما أن الحكومة لديها مشكلة في تسويق هذه الإنجازات التي تمنح المواطن طاقة أمل وتفاؤل يُقاوم بها اليأس والإحباط.


في السطور التالية سوف أتناول مشروعا مهما جدا شيده القطاع الخاص، وكانت مصر في أشد الحاجة إليه، وهو إنشاء مدينة متكاملة للصناعات الجلدية على مساحة 50 فدانا بمدينة العاشر من رمضان تتضمن 113 مصنعا ومركزين للتدريب والموضة.

كنا رواد في صناعة وتصدير الجلود ثم أصبحنا أكبر مُستورد لها، ومن هنا جاءت الفكرة لبعض المستثمرين الوطنيين لإعادة ريادتنا وإنتاج احتياجاتنا، حيث حصلوا على الأرض عام 2009 لكن بسبب الظروف السياسية تأخر تنفيذ المشروع، وبعد الاستقرار خرج للنور بافتتاح 5 مصانع وتخريج أول دفعة من مركز التدريب.

هذا المشروع سوف يوفر 5000 فرصة عمل، وبعد تحرير سعر الصرف تكلفة الفرصة الواحدة 2 مليون جنيه، أي إن القيمة الاقتصادية لهذا المشروع عشرات المليارات، بالإضافة إلى أنه يعطى إضافة حقيقية للناتج القومي من خلال تصنيع المواد الخام بدلا من تصديرها بملاليم ثم استيرادها سلع بالمليارات.

وحتى ينجح المشروع ويحقق أهدافه يجب منع تهريب الجلود خام للخارج، فبالإضافة إلى مدينة الجلود لدينا 23 ألف منشأة تعمل في هذا المجال (حذاء، شنطة، حزام، جاكت وغيرها) فيها نصف مليون عامل، وبسبب تصدير الخام فإن معظم هذه المنشآت قد تُعلن إفلاسها وتُشرد عمالها مع استمرار العجز الشديد في السوق المحلي، حيث نستورد 185 مليون حذاء سنويا ونحو 80% من شنط السيدات والمدارس لأكثر من 21 مليون طالب بمليارات الدولارات، رغم أننا نستطيع إنتاج احتياجاتنا وتصدير الفائض وتوفير العملة الصعبة سواء من زيادة الصادرات أو تقليل الاستيراد.

تهريب الجلود الخام لم يتسبب فقط في تدمير الصناعة الوطنية وغلق مصانعنا وتشريد عمالنا، بل أيضا في ضياع المليارات على خزينة الدولة، لأنها تخرج بطريقة غير شرعية بعيدا عن الجمارك والضرائب، مصر مؤهلة لكي تكون مركزا عالميا في الصناعات الجلدية وتحقيق طفرة هائلة للدخل القومي لكن بشرط وقف تهريب المواد الخام وأيضا إعادة دمج غرفة الدباغة مع الجلود فالفصل بينهما أضر بالصناعة.

الدولة نقلت المدابغ إلى الروبيكي في العاشر من رمضان وبجوارها أنشأ المستثمرون مصانعهم (مدينة الجلود)، وبالتالي أصبح لدينا تكامل بين المواد الخام والصناعة لكن كل ذلك مرهون بمنع التهريب، فمستقبل هذه الصناعة وتطويرها مرتبط بالجلد الطبيعي.
 
فهل معقول أن نصدر المواد الخام بملاليم ثم نستوردها بضاعة جاهزة بمليارات ونحن قادرون على تصنيعها؟

هل يعقل أن يكون لدينا جلد طبيعي يكفي احتياجاتنا ثم نصدره وتضطر مصانعنا لاستيراد جلد صناعي؟ أليس من حق المواطن المصري ارتداء الجلد الطبيعي بأسعار رخيصة بدلا من الجلد الصناعي المُضر بالصحة وبأسعار مرتفعة؟ لماذا نغلق مصانعنا بأيدينا ونشرد عمالنا لصالح مصانع وعمال تركيا والصين؟

إيطاليا كانت أشهر مُصنع ومُصدر للجلود لكن بسبب زيادة أجور العمالة هناك تحاول نقل تكنولوجيا هذه الصناعة إلى مصر، وبالفعل هناك تعاون مصري إيطالي في مدينة الجلود، لكن ثانيا وثالثا وعاشرا كل هذا مرهون بوقف تصدير الجلود خام، وأيضا إنشاء مصنع للبتروكيماويات في مصر، فمن غير المنطقي استيراد أبسط مستلزمات الصناعات الجلدية من الخارج وهي لا تحتاج تكنولوجيا ولا رؤوس أموال كبيرة.

كل التحية والتقدير للقائمين على مشروع مدينة الجلود، ولكل من يدعم صناعة وطنية تسهم في توفير سلع وفرص عمل للشباب وتمنحنا طاقة أمل وتفاؤل.. وتحيا مصر.
egypt1967@yahoo.com

Advertisements
الجريدة الرسمية