رئيس التحرير
عصام كامل

حسن زايد يكتب: «لماذا السيسي؟»

حسن زايد
حسن زايد

أقدم شهادتي لشعبي، شهادة خالية من أي مشهيات أو مُتبلات، شهادة مخطوطة على العظام بالحديد والنار، شهادة لا يقف وراءها في الظل أي مطمع أو مطمح، يدفعان بها إلى الظهور في هذا التوقيت، سوى حب مصر، فليس لدى سلطة أو منصب أخشى عليهما الفقد أو الضياع.


وليس لدى جاه أو شهرة أخشى عليهما الزوال والتواري، وليس لديَّ ملف لدى الجهات الأمنية فأخشى المطاردة، ولا أنتمي إلى أي حزب سياسي فأخشى التضييق، كما أنني لا أنتمي إلى أي جماعة دينية متطرفة أو غير متطرفة فأخشى المداهمة، وقد بلغت من العمر مدى لم يبق فيه متسع لحلم أو طموح، وشهادتي ليست مصادرة على موقف أحد، ولا مزايدة على أحد، ولا أملك من حطام الدنيا سوى الورقة والقلم، أقول رأيي وأمضي.

ومن هنا أنطلق في حديثي إليك قائلًا، إنني أحلم مثلك تمامًا بالتغيير، وأن يعيش شعبنا حلم إعمال إرادته في اختيار رئيسه من خلال انتخابات حرة نزيهة، حتى ولو كان الرئيس الحالي ملاك بأجنحة، والأمر سيحدث على نحو ما نحلم به سويًا، ولكن يبقى الأمر محصورًا في اختيارك انت، وقبل أن تحدد اختيارك عليك أن تفكر فيما إذا كان هناك بديل آخر بنفس كفاءة القيادة الحالية من عدمه ؟ قد تذهب إلى القول بإن ذلك معناه البقاء داخل دائرة التأبيد الرئاسي دون تغيير أو تبديل، وهنا يتوجب التضحية بالكفاءة في سبيل إرساء مبدأ التغيير.

فإذا قلت لك إن مصر لا تمتلك تلك الرفاهية في ظل الظروف الآنية، المحلية والإقليمية والدولية، للتضحية بالكفاءة والفاعلية، فهل تكون مستعدًا للتضحية بمصر، إذا ذهبت إلى ذلك ووافقت عليه ؟ فمعنى ذلك أنك تقبل ممارسة الحرية في الاختيار في فراغ اللا وطن.

وعلى من سيقع اختيارك؟ لا بد أنه سيقع على أحد ثلاثة خيارات، الأول ـ مرشح ليس له الثقل السياسي والاجتماعي، الذي يعينه على تحمل مسئولية دولة بحجم مصر، وهذا عيب خلقي موروث في النظام السياسي المصري، حيث لم تتواكب الليبرالية الاقتصادية مع الليبرالية السياسية لنصف قرن كامل، ونتج عنه شلل تام وتحنط لكل رموز السياسة المصرية، الثاني ـ مرشح ممن ينطبق عليهم الخيار الأول، بالإضافة إلى ارتكابه جنح أو جنايات، تحول بينه وبين الحق في الترشح، لارتكابه اختراقات قانونية، معاقب عليها قانونًا، مما لا يمكن تصوره مع منصب رئيس الجمهورية. الثالث ـ مرشح يعجز عن جمع التوكيلات المطلوبة، وعددها 25،000 توكيل من 15 محافظة، أو موافقة عشرين عضوًا من مجلس النواب، فكيف لمرشح كهذا أن يخوض انتخابات رئاسية، يتحصل فيها على أصوات تؤهله شعبيًا لقيادة دولة مصر.

ونحن نزعم أن هناك إنجازات ومشروعات عديدة تحققت على يد الرئيس الحالي، في جميع المجالات، وهناك من يزعم أن هذه الإنجازات المعلن عنها، إنجازات تليفزيونية ليس لها نصيب من الواقع، وأن ما تحقق منها على أرض الواقع عاد على أوضاع المواطن المصري بالوبال، وحتى الإنجازات التي يرى البعض أنها جديرة بالاعتبار، لا تمثل أولوية قصوى في احتياجات الشعب المصري، والفيصل العملي بين زعمنا وزعمهم هو النزول إلى مواقع تلك المشروعات، ورؤيتها مباشرة بالعين المجرد، وأعتقد أنه ليس مع العين أين؟ وإلا اتهم من ينكر رؤية العين أنه أرمد.

إذن المشروعات موجودة، وقد تحققت بالفعل، وأنا هنا لا أرغب في اختيار الرئيس الحالي لمجرد الإبقاء عليه، وتثبيت دعائم وقوائم حكمه، أو منحه شرعية غير جدير بها، أو رغبة في العودة إلى فترات التأبيد الرئاسي، أو أننا لدينا هوس بالديكتاتورية، واستعذاب لأساليبها وأدواتها، لكن رغبتي في اختيار هذا الرجل ترجع إلى خشيتي على المشروعات التي بدأها ولم تنته بعد، حيث لا ندري ما إذا كان خلفه سيستكملها من بعده من عدمه. خاصة أن المصريين قد دفوا فواتير ما تم إنجازه، وما لم يتم استكماله من مشروعات.

فلو جلست كما أجلس، ممسكًا بالورقة والقلم، وأخذت في حساب الأمر، خطوة خطوة، وإجراء إجراء، وقرار قرار، ومقارنة ما تم في مصر، بما هو متوقع من غيره، لاتخذت القرار الصحيح، وفقًا لأولويات الوطن، دون تأثر بالمزايدات، وستجد إجابة دقيقة للسؤال: لماذا السيسي؟

الجريدة الرسمية