رئيس التحرير
عصام كامل

محمد التابعي يكتب: لعنة الله على باريس

فيتو

في مجلة "آخر ساعة " عام 1950 كتب الصحفى محمد التابعى مقالا قال فيه :

ذهبت إلى لندن للعلاج لمدة شهر ولكنى اضطررت أن أتركها قبل أن يتم العلاج لأسباب أعتذر عن ذكرها الآن.
ولندن شهادة للحق بلد أسعاره معقولة وأهله مؤدبون، وارتفاع أو غلاء المعيشة في أقطار أوروبا الغربية درجات، وكذلك الأدب وحسن المعاملة درجات.
غلاء المعيشة في فرنسا مثلا جاوز كل الحدود، بل هو غلاء لايطاق، أما الأدب وحسن المعاملة فلا وجود لهما، أو على الأقل في باريس، ولعنة الله على باريس.

سيارة أجرة تقلنى من محطة ليون إلى فندق لا يبعد عن المحطة سوى مائتى متر ومع ذلك طلب السائق 45 فرنكا، أي نحو أربعة جنيهات ونصف إسترلينى.

وثمن صدر فرخة سبعة فرنكات ونصف، أي أن ثمن الفرخة كلها سبعون فرنكا، أي سبعة جنيهات، ودفعت في قدح الشاى وقطعتين من الجاتو جنيها أسترلينيا، وقس على ذلك.

وتجئ بريطانيا بعد فرنسا في درجات الغلاء، ومن بعدها سويسرا..لكن أهل إيطاليا وسويسرا مؤدبون.
وفى غرفتى بالفندق الذي أقمت به في لندن كان يوجد جهاز تليفزيون، وفى أحد البرامج كانت هناك رقصة تؤديها الممثلات الإنجليزيات، وكم كانت دهشتى وسرورى عندما سمعت موسيقى الرقصة المذكورة..كانت موسيقى "المعادى " للموسيقار محمد عبد الوهاب.

وقد أقمت في لندن نحو شهر، لم أر فيه الشمس سوى ساعات معدودة، وكانت تهطل فيه الأمطار بالليل والنهار، وفى ليلة ما هببت من نومى مذعورا فقد حلمت أن الحرب العالمية الثالثة قد نشبت..دوى القنابل وقصف مدافع شديد..لكنها كانت عاصفة.
الجريدة الرسمية