رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«فيس بوك» وثقافة الجيل والشهادات المزورة


هناك علاقة بين «فيس بوك» من جهة وثقافة الأجيال الجديدة من جهة أخرى؛ فقد دخل بيوتنا سواء في المدينة أو القرية، وأصبح في يد الصغير والكبير، وإذا كنا نتحدث عن الثقافة ونقول إنها الجوهر الذي يشكل عقول الشباب في كل زمان ومكان؛ فإن عالم "فيس بوك" هو ما يشكل الركيزة الكبرى الآن لثقافات البعض، بل يشكل الثقافة بأكملها عند الجيل الجديد، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل يعتبر فيس بوك علامة من علامات الثقافة السائدة فى المنزل والعمل والسيارة والشارع وفى كل مكان؟ هل وظيفته التسلية أم تشكيل العقول؟ وهل يسهم فيس بوك في بناء العقول ويكون مصدرًا للمعرفة الرئيسية؟ أم هو وسيلة لتداول الأخبار والتعليقات، وأحيانًا لتشويه البعض؟


وفى الحقيقة ليس بالإمكان أن يؤدي فيس بوك وظيفة ثقافية، فالثقافة بمعناها الأكاديمي الجاد لا يمكن أن يكون مصدرها مجموعة من التعليقات أو المعلومات أو الأخبار التي معظمها غير موثق؛ ففيس بوك لا يستطيع وحده تكوين ثقافة الأجيال الحالية والجديدة، وهو ليس عماد الثقافة كما يتصور البعض، بل هو يُصدر ثقافة الاغتراب بين الأفراد ورغم ذلك يمثل ويأخذ وقتًا كبيرًا من حياة البعض فهو آلية العصر ولا يمكن الاستغناء عنه، ولكن يجب تربية الأطفال من الصغر على كيفية استخدامه واستخدام كل وسائل الميديا بصورة إيجابية ومقننة حتى نفسح المجال أمام العقل للفهم وتنمية مهارات التفكير والإبداع وحتى لا يصبح بيئة حاضنة للتلقين من خلال فيس بوك على مدار اليوم ولجميع الأفكار والموضوعات.

وفى ظني أن ما جعل الفيس يمثل جزءًا كبيرًا من تشكيل بعض العقول، أنه لا توجد بيئة حاضنة حقيقة لتربية الجيل على الثقافة، لا توجد خطة ثقافية تنتشر في ربوع مصر، حتى البرامج الفضائية الآن لا صلة بينها وبين الثقافة، بل نجد في معظم القنوات ثقافة الوقوع فى الأخطاء اللغوية وثقافة تشويه التاريخ بل ثقافة النميمة والتسطيح، أين الثقافة من البرامج ومن المؤسسات حتى وزارة الثقافة نفسها، فنجد ثقافة الإسراف فى الحديث عن لاعبي الكرة بل ثقافة غوغائية تتمثل فى أغانٍ بكلمات تافهة.

ولو تم مراجعة ما يُعرض في بعض المنابر الإعلامية بصورة موضوعية ونقدية سوف نجد صندوقًا من الموضوعات التي لا تسهم في بناء عقل ولا بناء مجتمع؛ فلم أجد برنامجًا يُكرم عالمًا، أو أستاذ جامعة متميز، أو نموذج لامرأة مصرية مكافحة ومحترمة، أو باحث أمضى عمره في أحد الموضوعات التي تهم البشرية؛ ولذا فهناك فراغ كبير يحل محله ثقافة فيس بوك بكل إيجابياته وسلبياته، ثقافة الترفيه والنميمة وإضاعة الوقت، وبطريقة الشو الإعلامي الذي يهتم بالشكل دون الجوهر.

مصر بها أدباء نابهون وشعراء ومفكرون وباحثون وعلماء هل يستفاد من هؤلاء لإنقاذ عثرة الثقافة في مصر؟ الثقافة بكل أنواعها، أم هناك إصرار لتصدير عقول تضرب بعرض الحائط بناء مصر الإنساني، وهناك مثال قريب على ذلك هو اختيار كبار المسئولين فى مصر في مناصب حساسة ومهمة يتصفون بالفساد والتزوير، وعلى سبيل المثال محافظ المنوفية الذي تم القبض عليه بتهمة الفساد والرشوة، ويحمل شهادات مضروبة تحمل لقب دكتور، أليس هذا استخفاف بمصر وبالجيل القادم، ولولا الرقابة الإدارية ما اكتشف هذا الأمر، من الذي يقوم بتعيين هؤلاء؟

ولك عزيزي القارئ هذا المثال، فربما نجده بين بعض الوزراء الذين يلقبون أنفسهم بلقب دكتور بشهادة مزورة، لا شك أن جهاز الرقابة الإدارية ورئيسه لهم كل الشكر والتقدير لأنهم يتطرقون إلى مسئولين كبار ليكشفوا تزويرهم وفسادهم ونطلب منهم المزيد، ولكن يجب البحث على من يأتي بهؤلاء ويعينهم، لا تختلف هذه الثقافة المشوهة أي -ثقافة الاختيار- عن ثقافات كثيرة متشابهة.

فمصر ليس لديها وقت لهؤلاء، وليس لدينا رفاهية الوقت الذي يضيع بسبب الفساد والفسدة، يجب أن يستعان في الفترة المقبلة بكل أبناء مصر الشرفاء القادرين على البناء من أجل وطن عنوانه الأكبر "مصر".
Advertisements
الجريدة الرسمية