رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حبيب الفقراء!


دخل جمال عبدالناصر قاعة اجتماع مجلس الوزراء، وهو يحمل حقيبة في يده، ثم أخذ يخرج منها بعض أرغفة الخبز، وعرضها أمامه على طاولة الاجتماع، ثم وجه حديثه للوزراء قائلا: هذه عينات من الخبز جمعناها من أنحاء متفرقة من القاهرة، هل منكم من يقدر على أن يأكلها؟ لابد من علاج سريع لإصلاح حال رغيف العيش السيئ ليكون مقبولا.


هذه الرواية التي حكاها أمين هويدي الذي تولى وزارة الحربية ورئاسة المخابرات العامة بعد النكسة في كتابه مع عبد الناصر تفسر لماذا كان عبد الناصر حبيبًا للفقراء.. فهو أحبهم وانحاز إليهم ودافع عن مصالحهم، منذ أن نجحت حركة الضباط الأحرار، ولذلك بادلوه الحب.. بل إنهم اعتبروه نصيرًا لهم، ولجئوا إليه دومًا ليعرضوا عليه مطالبهم بشكل صريح..

وقد حدث عندما كان ناصر في زيارة لتفقد مشروع بناء السد العالى، وأثناء احتشاد المواطنين للترحيب به في محطات السكة الحديد، التي كان القطار الذي يستقله يتوقف فيها، فوجئ الرجال الذين يتولون حراسته بأحد الرجال البسطاء في أسيوط يقذف إلى شرفة القطار التي يقف فيها ناصر لتحية الناس بلفافة من القماش، خشوا أن يكون فيها ما يؤذيه، فتلقفوها، وعندما فحصوها وجدوا بها بصلة ورغيف من الخبز المصنوع من الذرة، وعندما أبلغوا ناصر ضحك، وقال لهم أبلغوه أن الرسالة وصلت، وفى المساء أعلن ناصر مضاعفة أجر عمال التراحيل، الذين كان الرجل الأسيوطي ينتمى لهم.

وهكذا كان ثمة علاقة خاصة بين عبدالناصر والفقراء، جوهرها الحب والتفاهم التام.. ولذلك عندما مات بكوه بحرارة.

وقد اختارت منظمة تضامن شعوب أفريقيا وآسيا أن تحتفل بذكرى مرور ٦٠ عامًا على تأسيسها في القاهرة، في ذكرى مرور قرن على ميلاد ناصر، خاصة أنه كان واحدًا من مؤسسيها العظام، من أجل استقلال شعوب أفريقيا وآسيا، واحتضنت القاهرة مقرها، وتولت شخصيات مصرية دومًا رئاستها.. واليوم تتصدى للإرهاب ومحاولات تقويض كيان الدولة الوطنية في قارتينا.. فإذا كنّا نحتاج بقوة إلى تضامن شعوبنا قبل ستين عامًا مضت، فإننا نحتاج لهذا التضامن الآن بشكل أقوى.
Advertisements
الجريدة الرسمية