رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

يا محافظى مصر.. اعملوا


مصرُ منكوبةٌ ببعضِ محافظيها الذين يُهملون الفرائضَ ويُعظّمونَ النوافلَ، يتجاهلونَ ما يُمكنُ أن يُغيِّر منْ واقعِ محافظاتِهم الفقيرةِ والمريضةِ، ويهرولونَ وراءَ ما يضعُهم في بؤرةِ الضوء، حتى لو كان هذا الضوءُ سرابًا. الأسبوعَ الماضىَ، أعلنَ محافظُ "أسيوطَ" عن بناء أكبرِ مسجدٍ وأكبرِ كنيسةٍ في الصعيد. التصريحُ الحنجورىُّ تزامنَ مع افتتاحِ كنيسةِ "ميلاد المسيح" التي تحتضنُها العاصمةُ الإداريةُ الجديدةُ، كما تحتضنُ مسجدًا كبيرًا.


وكان الرئيسُ عبد الفتاح السيسي أعلنَ، في وقتٍ سابقٍ، وفى ظروفٍ خاصةٍ، لها ما يبررُها، عن بناءِ أكبرِ مسجدِ وكنيسةِ في مصرَ بها، فاعتقد المحافظُ المغوارُ أنه بهذا التصريحِ يُحصِّن نفسَه ويظهر أمام الرئيسِ بأنه "محافظٌ نجيبٌ"، يجبُ الاحتفاظُ به ولا يتمُّ الإطاحة بهِ في أقربِ تغيير محافظين، وربما يطمحُ في منصبٍ وزارىٍّ!! الأمرُ ذاتُه تكررَ منْ قبلُ، عندما تركَ محافظُ "سوهاج" مكتبَهُ بالمحافظة وحضرَ إلى القاهرةِ، ليمنحَ فتاتين قاهريتين معروفتين إعلاميًا بـ"فتاتى عربة البرجر"، "عربةً ذكيةً تعملُ بالطاقةِ الشمسيةِ"، فورَ اهتمامِ الرئيسِ بقضيتهما والحديثِ عنهما، وكأنَّه سدَّ احتياجات أبناء محافظته، ووفَّرَ لهم فرصَ العملِ، وأنهى حالة الفقر التي تطاردُهم وتشاركُهم حياتَهم.

هكذا يُفكرُ معظمُ المحافظين، ومعظمُ المسئولين في بلادِنا، بلادةٌ في الأداءِ، وسذاجةٌ في التقليد، ورغبةٌ بغيضةٌ في الظهورِ، تُخرجُ في النهاية نتائجَ أشدَّ سذاجة، لا يتحملُ عواقبَها سوى أبناءِ الوطن. أقولُ للمحافظينِ النابهينِ: إنَّ آخرَ تقريرٍ رسمىِّ أظهرَ محافظتى "أسيوط وسوهاج"، في صدارة المحافظاتِ الأكثر فقرًا، فبينما تحتلُّ "أسيوط" المركز الأول بنسبة 66%، فإن "سوهاج" تأتى بعدَها في المركز الثانى، ما يعنى أن أبناء تلك المحافظتين- على وجه التحديد – هم الأكثرُ معاناةَ وقهرًا على مستوى القُطر المصرى.

أقولُ لمحافظِ "أسيوط": المسجدُ والكنيسةُ، رغم أهميتهما، لن يُنهيا حالة الفقر والجهل والمرض في الإقليم، فما أكثرَ المساجدَ والكنائسَ في بلادِنا، هناك أمورٌ أولى باهتمامِك، مثلَ: المستشفى والمدرسةِ والمصنعِ، فكَّر في أن تصنع شيئًا حقيقيًا من أجل "الأسايطة"، يذكرونك به ويُخلِّد سيرتَك. وأقولُ لمحافظِ "سوهاج": لا شكَّ في أن "السوهاجية" أحقُّ باهتمامك من "فتاتى البرجر"، حاولْ أنْ تفتحَ لهم آفاقًا رحبة في الحياةِ، اعملْ على رفعِ مستوى معيشتِهم "الضنك".

وأقولُ لجميع محافظى مصر: ألا تخجلون من دور "الكومبارس" الذي لا تجيدون غيرَه، أليسَ من بينكم "محافظٌ رشيدٌ"، يُشارُ له بالبنان؟ اعملوا واجتهدوا، اهتموا ببناءِ الإنسانِ، تعليمًا وصحةً وتثقيفًا وكلَّ شئ، لا تتركوه غريبًا في وطنه، أسيرًا لثالوث الفقر والمرض والجهل.. اعملوا يرحمكم الله، واتركوا النفاقَ وحبَّ الظهورِ ولا تشغلوا أنفسَكم بتوافهِ الأمور وصغائرِها، فأنتمْ أكبرُ منْ ذلكَ، وحينئذٍ.. سوفَ يتمسكُّ بكم الرئيسُ.. فهذا أعظمُ طموحِكم!!
Advertisements
الجريدة الرسمية