رئيس التحرير
عصام كامل

الهوية الوطنية ومخرجات العلم نحو التنمية الاقتصادية


العلم هو أحد أسباب التنمية الاقتصادية والرفاهية التي تعتمد عليها المجتمعات المتقدمة وإن كان الوطن العربي يفتقر إلى العلماء والباحثين.. لكن مصر تختلف جذريا عن دول المنطقة العربية فيوجد في المهجر ٨٦٠٠٠ عالم مصري منهم ٤٢ يشغلون منصب رئيس جامعة في أهم جامعات عالمية، بالإضافة إلى 850 ألف خبير في العلوم التطبيقية لتحتل مصر المركز الأول عالميا في هذا الصدد، وهناك علماء مشاهير مثل مجدي يعقوب وحجي والباز وهاني عازر وغيرهم من النوابغ، رغم أن مصر تحتل المرتبة ١٣٩ في جودة التعليم بين ١٤٠ دولة، لكنها ما زالت مصنع العلماء، ويعد التحدي الذي يدركه الرئيس هو تحويل مصر إلى دولة جاذبة لعلمائها ولعل مؤتمر العلماء المنعقد منذ شهور شاهدا على ذلك.


إن الهدف هو ربط البحث العلمي بواقع المجتمع وتغييره لتطوير الدولة ذاتها نحو تنمية اقتصادية مستدامة، من خلال تفعيل الفكر العلمي في خلق صيغة وفلسفة وطنية علمية ضد ثوابت وخرافات وأحكام عرفية تتحدى الدولة في بعض الأحيان تحت مسمى التقاليد، ولعل عدم وجود صياغة واضحة أو تعريف للهوية المصرية من وجهات نظر مختلفة ما بين الريف والحضر والبادية.

ولتكن معضلة الزيادة السكانية نموذجا للدراسة، فعندما أقرت منظمة الأمم المتحدة ١١ يوليو يوما عالميا للسكان، كان الهدف هو تسليط الضوء على السياسات السكانية والتنمية المستدامة كخطوة نحو تحفيز الرأي العام ضد الفقر وعوامله، مثل تنظيم الأسرة والمساواة بين الجنسين والصحة والتعليم وأثرها نحو التنمية الاقتصادية، ومنذ عقود تنبهت الحكومات المصرية على إثر الزيادة السكانية في تآكل نسب التنمية المستهدفة خاصة في ظل ضعف الموارد والبيئة المصاحبة.

يعد تمركز المجتمع المصري حول الوادي الضيق من مظاهر الرجعية وتحدي تطور الدولة، لأن الثقافة القبلية والريفية الموروثة أن البنين عزوة وحماية وقوة عددية في ظل رغبة المجتمع القبلي في تقليص دور القانون وتفعيل قوانين القوة بما يقلل من فاعلية المرأة المتعلمة والمساواة أيضا يُحد من جهود الدولة نحو التوسع الأفقي في مجتمعات مستحدثة، مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة لتحقق حلولا لا حصر لها في مستقبل الوطن، لكن التحدي الثقافي أشد شراسة ضد التطوير.

مع آليات الطب الحديث في برامج تنظيم الأسرة، ثم دور الإعلام والتكنولوجيا (الإنترنت) في تسويقها ونشر الوعي المجتمعي، وتغيير الثقافة نحو سلامة الأسرة وحق الطفل في التعليم والصحة أيضا بدأت المرأة في التفاعل ودخول سوق العمل مع عدد أطفال أقل بما حقق ازدهارا، ويلاحظ صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الدول التي تضع أولوية وميزانية لتحسين الصحة الإنجابية هي غالبا دول تحقق تطورا ملموسا نحو حقوق المرأة، وتمكينها من خلال مبادئ المساواة، وعن الاستثمار في توعية الشباب نحو الصحة الإنجابية وتمكين المرأة فله أثر في تحقيق التنمية الاقتصادية المستهدفة.

أيضا يبرز دور رجال الدين في كسر تابوهات الفتاوى التي تحرم تنظيم الأسرة قديما تحت مسمى إرادة الله لتناسب العلم والتقدم نحو تنمية مستهدفة، إن برامج تنظيم الأسرة ليست غزوا فكريا غربيا كما شبهها بعض الرجعيين في مجتمعاتنا إنما هي تطور مجتمعي قائم على مخرجات العلم الحديث، تطوير الهوية المصرية قد يحقق ثقافة مجتمعية نحو السياحة أو جذب الاستثمار الأجنبي أيضا في أخلاقيات العمل.

في النهاية... إن الدولة يجب أن تركز جهودها نحو صياغة واضحة للهوية المصرية نحو الحداثة واستيعاب مخرجات العلم وأدوات التكنولوجيا لتحقق خطط الدولة المصرية نحو تنمية اقتصادية مستدامة.
الجريدة الرسمية