رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر والكويت.. علاقات تاريخية تهزم الدسيسة والمؤامرة

فيتو

لا يفلح من أراد علاقات مصر والكويت بسوء، فما بين البلدين أكبر من أن يعكر صفوه دسيسة، أو تؤثر فيه مؤامرة، ومنذ انطلاقها في أوائل القرن الماضي دائما ما توصف العلاقات المصرية- الكويتية، بأنها متميزة على كل الأصعدة ومختلف المجالات، وتشهد عليها العلاقات السياسية المتميزة بين قيادتي البلدين والعلاقات الاقتصادية المتنوعة في مجالات الصناعة والزراعة الكويتية في مصر تزداد من عام إلى آخر.

تراث طويل
وعادة ما يقال إن مصر والكويت بينهما تراث طويل من العلاقات الطيبة، ومن ثم لا مجال للتاّمر عليها لأنها أرسخ من أن تهتز بفعل الرياح مهما كانت عاصفة، والكويت لها دور في استضافة عدد كبير من المصريين الذين يتلقون الدعم والرعاية من الحكومة الكويتية، وشهدت العلاقات المصرية- الكويتية نموا كبيرا وتطورا ملحوظا على مدار التاريخ على جميع الأصعدة، وتأتي قوة العلاقات بين البلدين نتيجة للروابط الأخوية الأزلية بين الشعبين الشقيقين، وحرص البلدين على مد جسور التعاون إلى كل المجالات بما يحقق طموحاتهما وتطلعاتهما، وبحسب المراقبين فإن علاقات البلدين هي علاقات متطورة ذات جذور تاريخية تقف على أرض صلبة تنطلق منها لآفاق مستقبل أفضل في علاقات البلدين، ولا يمكن تناولها بمعزل عن بداياتها التاريخية.

أروقة الأزهر
تاريخيا بدأت علاقات البلدين على المستوى الشعبي قبل أن تبدأ على المستوى الرسمي منذ اوائل القرن التاسع عشر، حينما انخرط طلاب العلم الكويتيون الذين ذهبوا للدراسة في أروقة الأزهر وكليات الجامعة الأهلية في الحياة المصرية، وعادوا لنشر العلم في الكويت، أما العلاقات السياسية الأولى بين الدولتين فبدأت بالتواكب مع الحراك السياسي والشعبي في مصر عام 1919 حينما زار ولي العهد في ذلك الوقت الشيخ أحمد الجابر القاهرة، والتقى السلطان حسين كامل ملك مصر وقتها بعد الحرب العالمية الأولى، وأجروا مباحثات ثنائية معا، كما زار وزير المعارف الكويتي الشيخ عبدالله الجابر الصباح القاهرة في العام 1953 واستقبله في المطار كل من اللواء محمد نجيب في المطار والبكباشي جمال عبدالناصر.

محاربة الأعداء
وفيما يتعلق بالتعاون العسكري بين الكويت ومصر فهو غير محدود وعلى أوسع المجالات، ويكفي مشاركة الكويت في مناورات النجم الساطع سابقا والدورات والفرق المتبادلة ونتمنى استمرار هذا التعاون المتميز، وعندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي على البغيض عارض الكويتيون بشدة هذا الأمر، واهتمت القيادات الكويتية وقتها بدفع تبرعات كثيرة منها ما قدمه الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الحالي ويبلغ نحو 100 ألف روبية من إجمالي 700 ألف روبية دفعت لمصر وقتها، كما ساندت الكويت مصر ضد العدوان الإسرائيلي وأرسلت لواء اليرموك الكويتي للمشاركة مع القوات المصرية، وكان لواء اليرموك يمثل وقتها ثلث الجيش الكويتي، كما أرسلت ثلثي تسليح الجيش الكويتي إلى مصر، منها مدفعية ودبابات ومدرعات.
أما عن الموقف المصري من غزو نظام صدام حسين للكويت فهو معروف، على المستويين الرسمي والشعبي، فشعبيًا احتوى المصريون المواطنين الكويتيين الذين أقاموا بالقاهرة خلال فترة الغزو ولمس الجميع مدى الرفض الشعبي والجماهيري لعملية الغزو كما انطلقت اصوات المثقفين والفنانين مدافعة عن الحق الكويتي فلا يمكن أن ننسي حفل الليلة المحمدية الذي قدم اقوي رسالة مقاومة للغزو عبر صوت المطربة ياسمين الخيام والمطرب الكويتي عبد الله الرويشد.

مسئولية قومية
وجاء موقف مصر الرسمي تجاه الكويت، ابان أزمة الاحتلال، من منطلق مسئولية قومية عربية، ولقد ظهر حسم الموقف المصري منذ الوهلة الأولى على الصعيدين السياسي والعسكري، فأعلنت تأييدها للكويت دون أن تلقى بالا لمصير 5 ملايين مواطن مصري يعملون في العراق وتشكل تحويلاتهم جزء مهم من الدخل القومي للبلاد، وحاولت مصر أن تحتوي الأزمة، وأن تحلها بالطرق السياسية والدبلوماسية، إلا أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين لم يستجب، وحينما تقطعت بمصر السبل لم تترد في استخدام الخيار العسكري مع القوات العربية والصديقة حتى تحقق النصر وعادت الكويت لاهلها.

ثورة 30 يونيو
وساندت الكويت خيار الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير، ولم تنحاز لعلاقتها الوطيدة مع رئيس النظام الأسبق، فما يعنيها هو مصر الشعب والتاريخ وليس الأشخاص، واحترمت الكويت الإرادة الشعبية والرغبة الجماهيرية، كما دعمت ثورة ٣٠ يونيو وأصدرت الحكومة الكويتية بيانا أكدت فيه دعمها للخطوات الإيجابية للشعب المصري وللحكومة المصرية على طريق ترسيخ دعائم الديمقراطية، ودعم عزم الحكومة المصرية على الاستمرار في خارطة الطريق التي رسمتها وفقا لبرنامج زمني يكفل الاستقرار من أجل عودة الحق لأصحابه.

زكى طليمات
ولا تقتصر العلاقات الوثيقة على الجانب السياسي والاقتصادي، بل تمتد لتشمل جميع المجالات ومنها الثقافة، حيث لا يمكن أن نغفل دور العملاق زكي طليمات في نشأة المسرح الكويتي، حينما أنشأ فرقة المسرح العربي عام 1961، فضلا  عن مسيرة مجلة العربي حينما تولي المفكر الكبير أحمد زكي شأنها كمنارة فكرية وثقافية عربية، ليصدر عددها الأول في ديسمبر1958، ودور المفكر الراحل فؤاد زكريا في إصدار أهم سلسلة ثقافية في الوطن العربي وهي سلسلة عالم المعرفة.
وهكذا تتواصل مسيرة الإخاء والمحبة بين البلدين، ويمتد شريان الأمل ليربط ما بين النيل والخليج، ضاربا أروع الأمثلة وأعظم النماذج التي تجسد التعاون العربي في أزهى صوره ،وفي ضوء كل ذلك فلا شك أن محاولات الدس والوقيعة لن تنطلي على أحد، وأنه لا يصح إلا الصحيح وأن السيف أصدق أنباء من الكتب، وبالتالي فإن الدماء التي امتزجت بين الشعبين الشقيقين على ساحات الكرامة والشرف لا يمكن أن تمحي آثارها بسهولة.

Advertisements
الجريدة الرسمية