رئيس التحرير
عصام كامل

الحليب.. فيه سُمٌّ قاتل


تقارير إعلامية تواترت خلال الأيام الماضية، تحمل حقائق صادمة، وتحذيرات صارمة للملايين في مختلف أنحاء العالم، والذين يحرصون على تناول "الحليب الطبيعي"، ويحثون أطفالهم على شربه بكثرة، معتبرينه أساسًا لبناء الأجسام، وتقوية العظام.


أبحاث طبية، استمرت لعدة سنوات في إحدى أهم الجامعات بالعالم، كشفت أن الحليب، عكس ما كنا نظن تمامًا، صار يمثل "سمًّا قاتلًا"، يحمل الموت لمحبيه؛ لدرجة أن من يتناول 3 أكواب يوميًا، أي لتر وربع اللتر كل 48 ساعة تقريبًا، يضع نفسه في دائرة الخطر.

التجارب والأبحاث جرت في قسم علوم الجراحة بجامعة "أوبسالا"، السويدية، الأقدم في الدول الإسكندنافية، حيث تم تأسيسها عام 1477، وشملت التجارب أكثر من 106 آلاف شخص، طوال 20 سنة للنساء و11 للرجال، وأكدت النتائج أن "القاتل" في السائل الأبيض، هو "الجالكتوز" المعروف كنوع من السكر يؤدي تناوله إلى ما يسميه العلماء oxidative stress الإجهادي التأكسدي، والمسبب بالتهاب يختل معه نظام التوازن بالقدرة على إزالة السموم.

الباحثون أرجعوا الخطورة في "الحليب" إلى تغذية الأبقار بالأعلاف الصناعية، والتي تشتمل على الكثير من النفايات البشرية والحيوانية، والصناعية، مثل الدماء والمخلفات، وبقايا الحيوانات النافقة، وغيرها.. مما يغير من التركيبة الطبيعية للأبقار والجاموس وبالتالي من الحليب الذي تفرزه.

الحيوانات التي خضعت للتجارب والأبحاث العلمية في المختبرات ماتت قبل غيرها، حين تم حقنها بمادة "الجالكتوز"، التجارب شملت 61433 سيدة، أعمارهن كانت من 39 إلى 74 سنة حين بدءوا بالأبحاث عليهن، إضافة إلى 45339 رجلا، أعمارهم من 45 إلى 79 سنة، وجميعهم كانوا يدونون كميات الحليب التي يتناولونها يوميًّا طوال 20 سنة للنساء، و11 للرجال، وفي أثنائها توفيت 15541 منهن، فيما تعرضت 17252 لكسور وتشققات في العظام، بينها 4259 كسرًا في عظام "الورك"؛ في إشارة إلى أن الحليب لا يساعد على تقوية العظام كما كنا نظن.

وجد الباحثون أيضًا أن خطر الموت المبكر ارتفع 15% مع كل كوب يومي من الحليب خلال العشرين سنة لدى السيدات، أما الرجال فلوحظ ظهور ما يسميه الأطباء "Interleukin" لديهم، جراء تناولهم للحليب، مع عدم ظهوره لدى النساء.

وكان موقع علمي فرنسي، متخصص في الغذاء، نشر أيضًا قبل أسبوع أن 70% من سكان العالم تقريبًا "لا يتمكنون من هضم السكر وإذابته، وهو ما قد يكون تنبيهًا طبيعيًّا بأن الحليب لم يعد صالحًا للاستهلاك، خصوصًا أن ما نتناوله منه لم يعد منذ 1960 كما كان في السابق؛ "فمربو الأبقار توقفوا منذ زمن عن علفها بالأعشاب".

الموقع الفرنسي نفسه، تساءل: ما سبب إصابة واحدة من أصل 10 نساء بسرطان الثدي في الغرب، مقارنة بواحدة من كل 100 ألف في الصين؟

وأجاب أن الصينيين لا يستهلكون الحليب ومشتقاته، وهو ما يجعل من سرطان الثدي خاصًا بالنساء الصينيات الغنيات، المستهلكات للمثلجات الحليبية، خصوصًا في رحلاتهن إلى الخارج، وفق ما نقلته الوكالات عن الموقع الذي أكد أن دراسات علم الأوبئة أظهرت وجود علاقة بين تناول الحليب وبين سرطان الثدي منذ عقدين من الزمن، حيث بدأ الباحثون يكتشفون أن خطر الإصابة بهذا السرطان يرتفع عند النساء كلما ارتفع استهلاكهن منه.

مختصون يؤكدون أن الخلل ليس في الحليب وإنما في سوء التعامل مع الحيوانات من قبل البشر وخاصة الأبقار منها، حيث إنها تأخذ كميات كبيرة من الأنتي بايتكس (المضادات الحياتية)، وخاصة التي تعيش في بيئة مغلقة، كذلك استخدام المبيدات الحشرية لمكافحة الطفيليات على جلد الحيوان، إضافة إلى أدوية تيتراميزول أو البندازول والأيفرمكتين لمعالجة الطفيليات داخل الدم والجهاز الهضمي والتنفسي للحيوان، كما تعطي هرمونات كعلاج لكثير من المشكلات الجنسية والتكاثر، والأخطر هو أن الأبقار آكلات العشب حولها الإنسان إلى آكلات اللحوم..

مثلما حدث في منتصف الثمانينيات من ظهور مرض للمرة الأولى وتسبب في رعب على مستوى العالم وخاصة الدول الأوروبية التي يعتمد اقتصادها على جزء كبير في تنمية الأبقار، وعرف المرض بتلين الدماغ أو البقرة المجنونة Mud cow disease.. أو ما يعرف بمرض الاعتلال الدماغي الإسفنجي؛ بسبب تحول الخلايا الدماغية العصبية إلى ما يشبه الإسفنج؛ مما يتسبب في عدم سيطرة الحيوان على الأعصاب الحركية، وتسبب في سقوط الأبقار وتم إعدام العديد من الأبقار وتسبب في خسائر فادحة.. وانتقل المرض إلى عدد من البشر وتسبب في وفاتهم.

حتى اكتشف السبب أحد الأطباء أن السبب ليس فيروسًا ولا بكتيريا، وإنما بسبب تغير غذاء الحيوان وإطعامه بروتينًا حيوانيًا من مخلفات المسالخ من دم ومحتويات الكرش ومسحوق العظام والقرون والحوافر والحيوانات النافقة؛ فكل هذه الأسباب تسبب تغيرًا في لحم الأبقار وحليبها مما يكون له أثر سلبي فى الاستهلاك البشري والصحة العامة.
الجريدة الرسمية