رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رسائل إيران لمن يهمه الأمر


ويستمر الربيع الشعبي الثوري والتحرري في ربوع الشرق الأوسط العتيق والمسن مهما ظن قادة أنظمته أنهم في مأمن منه ومن تبعاته، وهى دون أدنى شك جسام، ويصل هنا محطة إيران، الإمبراطورية الفارسية الصفوية العتيقة والتي تتشابه مع دول الجوار في وجود رجال الدين كمنظرين ومحللين وداعمين، تحب الطلب، للاستبداد والقوة المفرطة في حكم الشعوب.. لا فرق بين الملالى الذين يرتدون العمائم السوداء أو الخضراء وبين أصحاب اللحى الكثيفة والملابس القصيرة من أدعياء التسلف، فكلا الطرفين يلعب أسوأ الأدوار في تسخير الدين لخدمة الحاكم الفرد أو النظام أو الاثنين معًا طالما استشعروا دوام القوة معهم.. ولكن الشعوب التي قد تصبر كثيرًا جدًا، حتمًا تنفجر في يوم ما، فلا بد للمكبوت من فيضان، سواء كان المكبوت سنيًا، شيعيًا، علويًا.. أو حتى وهابيًا، المكبوت إنسان له حاجات وحقوق وتطلعات تضيع يومًا بعد الآخر في ربوع الشرق الأكبت والأقسى والأغشم.. فما العمل إذن بعد انسداد كل الأفق السياسية والسلمية للتعبير عن الرأي والمطالبة بالعدل.. الإجابة كانت تونس ومصر وسوريا في 2011 ثم عادت لتضيف لها خانة بلاد فارس في 2018!


لا شك في أن إيران درس ليس بالأخير لكل من يهمه الأمر، ولكنه يكابر ويتجاهل الواقع المحيط به، إيران وثورة شبابها المتشابه كثيرًا مع ثورات الربيع العربى الموءودة بفعل فاعل، تثبت أن الزلالزل تحدث فجأة، فلا وقت لها ولا تنبؤ بهزاتها مهما كانت هناك أنظمة تدعى الهيمنة على كل نفس في ربوعها، الثورة ضد الملالى وأسيادهم تشى بالكثير جدًا حول ضرورة وضع الشعوب في الحسبان، والتطلع لإرضائها مهما خالت أنفسها قوية، فدولة المؤسسات الصلبة والمتسلطة والمستبدة في إيران لم تستطع إرضاء شعبها المتطلع لممارسة حقوقة المشروعة في العيش الكريم والكرامة والحرية، فلا أحد ينكر أن إيران تتمع باقتصاد قوى ومشاريع تنمويه مؤسسية وقوة عسكرية يخشاها الكثير من جيرانها، ولكن كل ذلك لا يصب مباشرة في مصلحة المواطن العادى المقهور والمكتوى بنيران الغلاء وقيم النيو ليبرالية الجديدة والتي تمارسها بصلف واستبداد واستعلاء كل أنظمة الشرق الأوسط في الشق الاقتصادى فقط، والذي يقوم على تحميل الفرد كل تبعات تحرير سعر الصرف وبيع الخدمات والتربح منها للمواطنين، أو باختصار معاملة المواطن كزبون مقتدر عليه أن يدفع، وإن كان فقيرا فعليه أن يعانى أو ينتحر أو يبحث عن مخرج بعيد عن ميزانية الدولة التي تخصص كل موارد الوطن للمؤسسات النافذة والقوية والمهيمنة ودمتم!

لذا فالثورة في إيران هي الحل الأوحد أمام تلك المنظومة الفاسدة والمستبدة والغاشمة مهما كانت هناك قوى داعمة للنظام، قوى بعضها رجعى دينى محافظ وأخرى مستفيدة مباشرة أو بطرق ملتوية من الوضع السائد كالتي خرجت في أحياء إيران المترفة تدافع عن النظام من المواطنين الشرفاء! فمادامت قيم الرأسمالية المتطرفة تصدر بذكاء لدول الشرق الأغبى الذي يتلقفها بحماقة وبلاهة ثم يدعى أن هناك مؤامرات أمريكية وغربية ضده! ستجد أسباب الثورة حاضرة وفاعلة، ربما مكبوتة لوقت يقصر أو يطول، لكنها حتمًا باقية ولا تموت.. الشعب الإيراني يرسل رسائل شديدة الوقع والأهمية لكثير من أنظمة الجوار وجوار الجوار، وعلى المستقبل أن يتمتع بحس وذكاء محدود مطلوب حتى لا يبتلعه وهم القوة المفرطة والتي مهما اشتدت هشة أمام رغبة الشعوب في العدالة والحرية والمساواة.
Fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية