رئيس التحرير
عصام كامل

عفاريت مجلس النواب!


لم تكن المرة الأولى التي يهاجم فيها الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب الأعضاء الذين اعتادوا التزويغ من حضور الجلسات العامة، مما تسبب في تأخر مناقشة القوانين وإقرارها، الذي يتطلب تواجد ثلثي الأعضاء داخل القاعة، وهو أمر لا يتحقق إلا فيما ندر.


فشلت كل محاولات رئيس المجلس في إقناع النواب بأهمية تواجدهم داخل القاعة، ومشاركتهم الفعالة في المناقشات، والقيام بدورهم الرقابي على الأجهزة التنفيذية، واضطر أن يعلن خلافه مع النواب المزوغين على الرأي العام، بعد أن فشلت مساعيه في تحقيق نتائج إيجابية، مما اضطره أكثر من مرة للتهديد بأنه سيعلن أسماء النواب «المزوغين» حتى يتعرف الرأي العام عليهم، ويحاسبهم أبناء دوائرهم الذين انتخبوهم، من أجل أن يتفرغوا لأداء دورهم النيابي، والدفاع عن مصالحهم، ولكنهم تسببوا في إحباط المواطنين من أبناء الدوائر كما تسبب «تزويغهم» في هز صورة المجلس لدى الرأي العام، واتساع الفجوة بين المواطنين والأعضاء.

والحقيقة أن الرجل كان يدافع عن سمعة العديد من النواب الملتزمين بحضور الجلسات، حتى لا يضع الجميع في سلة واحدة، كما كان يسعى إلى تحقيق إنجاز ملموس بإقرار قوانين عديدة مؤجلة بسبب تغيب الأعضاء.

والمفاجأة التي فجرها رئيس المجلس في إحدى الجلسات أن الأعضاء يمتنعون عن دخول القاعة فقط، ولكنهم يتواجدون خارجها في انتظار الالتقاء بالوزراء للحصول على توقيعاتهم على طلباتهم، ثم يغادرون المجلس دون دخول القاعة، وتعجب رئيس المجلس من هذا السلوك فطالما أن الأعضاء يحضرون.. فلماذا لا يشاركون في مناقشة مشروعات القوانين وينجزون المؤجل منها؟!

واضطر رئيس المجلس إلى أن يطالب الوزراء بعدم التوقيع على طلبات هؤلاء النواب، وقال: لا يمكن أن تتحول الجلسة لشباك من شبابيك الوظائف الإدارية، فهذا أمر غير مقبول.. وممنوع أيضا. ومن أسف أن الوزراء لا يلتزمون بتوجيهات رئيس مجلس الشعب، ولو أنهم لم يوقعوا على أية طلبات للنواب خارج القاعة لما تكرر تزويغهم عن حضور الجلسات، ولقاء الوزراء داخل القاعة، بدلا من انتظارهم خارجها.

كان هذا هو أحد الحلول التي طرحها رئيس المجلس لإجبار النواب على حضور المشاركة في الجلسات.. ولكنها لم تجد الاستجابة المستحقة سواء من النواب أو الوزراء!

اعترض عدد من النواب على ما أعلنه رئيس المجلس من أنه سيلجأ للصحافة لإثارة قضية تزويغ النواب، وكانت حجة المعترضين أنه لا يصح أن يقوم رئيس المجلس بالإبلاغ عن النواب، وكان رد الدكتور على عبد العال «أنتم تبلغون عن أنفسكم» ولست أنا.

أنصف رئيس المجلس الصحافة من اتهام بعض النواب بأنها تظهر التصرفات السلبية للأعضاء، وقال إن هذا هو دور الصحافة وعندها حق في أن تظهر السلبيات.

كشفت المناقشات عن تصور بعض النواب أن مهمة الصحافة التصفيق لأعضاء المجلس على طول الخط، هذا التصور الذي تسبب في أزمة الثقة بين الصحفيين والمجلس، ما دفع عددا من النواب إلى المطالبة بمنع دخول الصحفيين إلى اللجان، وهو المطلب الذي كان موضع سخرية الرأي العام.. لاحظ الدكتور على عبدالعال أن النواب سارعوا بمغادرة القاعة وكان تعليقه: "يبدو أن الكراسي فيها عفاريت"! سخرية مريرة من رئيس المجلس من سلوكيات مرفوضة!
الجريدة الرسمية