رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عزل الرئيس أو الفوضى.. 10 معلومات تحدد مصير إيران

فيتو

دخلت مظاهرات الشعب الإيراني ضد النظام يومها الخامس، وتضاربت الأرقام حول عدد القتلى على يد الحرس الثوري، ويتحدى المتظاهرون في طهران حكما دينيا راسخا منذ 4 عقود تقريبا؛ وتطالب الاحتجاجات -وهي الأكبر والأكثر انتشارا منذ الانتفاضة ضد نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009- بتغيير النظام، وهو تحرك قد يكون له تداعيات في جميع أنحاء المنطقة، حيث تتمتع إيران بنفوذ كبير على دول أخرى في الشرق الأوسط، مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن.


وخلال التقرير التالي ترصد «فيتو» 10 معلومات تحدد مصير الانتفاضة الشعبية في إيران:

1- كيف بدأت؟ 


كانت الاحتجاجات الصغيرة المتناثرة التي ركزت على المظالم الاقتصادية، تتسرب إلى عدة مدن إيرانية منذ سبتمبر؛ وتجمعت الحشود في تلك المدن للتظاهر ضد الفساد المالي، ومخصصات الميزانية التي تذهب للمؤسسات الدينية، وإفلاس صناديق التقاعد.

يوم الخميس الماضي، في مدينة مشهد شمال شرقي البلاد، توجه الناس إلى الشارع للتعبير عن غضبهم إزاء التضخم وما وصفوه بفشل الرئيس حسن روحاني في الوفاء بوعوده بالازدهار الاقتصادي، وكان الإيرانيون يأملون في أن تؤدي إدارة الرئيس الحالي والاتفاق النووي مع القوى العالمية الأخرى إلى إنهاء عزلة إيران، وبالتالي إلى جذب استثمارات أجنبية وفرص عمل وقوة شرائية أفضل.

وانتشرت أخبار الاحتجاج على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مثل تيليجرام وواتس آب، التي تحظى بشعبية في إيران، وفي غضون ساعات، اندلعت احتجاجات عفوية في مدن أخرى مثل كرمانشاه وأصفهان وطهران.

وتحولت المظاهرات التي بدأت باستهداف الاقتصاد فقط في نهاية المطاف إلى احتجاجات ضد القمع السياسي من قبل حكومة البلاد للطبقة الوسطى، وانضم الناشطون من الطلاب والمعارضين إلى الطبقة العاملة ونقابات العمال في الشوارع.

وبحلول يومي الجمعة والسبت، انتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مدن مثل «قُم» –مدينة الشيعة المقدسة- ومعاقل النظام الأخرى المعروفة بسكانها المحافظين والدينيين.

2- مطالب المتظاهرين


تجاوز المتظاهرون المطالب التقليدية بالإصلاح، مطالبين بالإطاحة بالنظام وتنحي المرشد الأعلى علي خامنئي.

وفي بعض المظاهرات، هتف الحشود «سيد على عار عليك»، و«حان الوقت للرحيل»؛ وفي طهران، عرض المتظاهرون جدارية للمرشد مع شعار «الموت لك»، وتعد تلك الاحتجاجات التي تستهدف «خامنئي» -الذي يعتبر في إيران ممثل الله على الأرض- جريمة تنطوي على عقوبة الإعدام.

وفي عدد من المدن، أعرب المتظاهرون عن حنينهم إلى آخر الحكام الملكيين الإيرانيين -من سلالة «بهلوي»- من خلال استحضار اسم مؤسسها «رضا شاه»، ويعتبر كثير من الإيرانيين «رضا شاه» مؤسس إيران الحديثة، ويرتبط عصره بالازدهار الاقتصادي.

3-شعارات فارسية

لدى الإيرانيين الموهبة في الخروج بشعارات سياسية ذات قافية في الفارسية كما لو كانت أبياتا من الشعر.

وهنا بعض الشعارات التي هتفوا بها في الاحتجاجات، وترجمت إلى العربية:

«لا نريد جمهورية إسلامية.. لا نريدها.. لا نريدها».

«الاستقلال.. الحرية.. الجمهورية الإيرانية».

«الإصلاحيون.. المتشددون.. انتهت اللعبة».

«نحن نحصد الفقر.. ورجال الدين يقودون السيارات الفاخرة».

«نموت نموت.. وتعود إيران».

«الموت للحرس الثوري».

4- استجابة النظام


واتجهت شرطة مكافحة الشغب وميليشيات مدنية موالية لنظام المرشد إلى الشوارع عبر أنحاء إيران، لكن عمليات القمع شهدت بعدا جديدا مقارنة بالاحتجاجات السابقة.

وقد اتخذ بعض المسئولين الإيرانيين أيضا مسارا مختلفا، معترفين أن الجمهور لديه مظالم اقتصادية مشروعة تحتاج الحكومة إلى معالجتها، وفي الوقت نفسه ألقوا باللوم على قوى خارجية -مثل وسائل الإعلام الأجنبية وقادة المعارضة المنفيين- لاستغلال الاحتجاجات والتحريض على الاضطرابات السياسية.

إلا أن الاحتجاجات لم تمر دون حوادث؛ فبحلول ليلة السبت، كان الإيرانيون ينشرون مقاطع فيديو عن اشتباكات متناثرة مع قوات الأمن باستخدام الهراوات والغاز المسيل للدموع في مدن متعددة لتفريق الحشود، كما تم توزيع لقطات فيديو عن متظاهرين اثنين قيل إنهما قتلا وأطلق عليهما الرصاص في مقاطعة لورستان الغربية.

وتم إبطاء خدمة الإنترنت في طهران، وتم قطعها في مشهد -حيث بدأت الاحتجاجات- وتم إيقاف استقبال المكالمات الدولية وحجب الـ«واتس وإنستجرام».

وأمس الأحد رأى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن الأجهزة الحكومية ينبغي أن تؤمن لمواطنيها «مساحة للنقد»، محذّرًا في الوقت نفسه المتظاهرين من أي أعمال عنف.

وقال روحاني في أول تعليق له على التظاهرات الاحتجاجية، التي تشهدها مدن إيرانية عدة منذ الخميس "النقد شيء والعنف وتدمير الممتلكات شيء آخر.. الأجهزة الحكومية ينبغي أن تؤمن مساحة للنقد والاحتجاج المشروع".

من جهة أخرى، اعتبر روحاني أنه «لا يحق» للرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، التعاطف مع المحتجين الإيرانيين بعدما وصف قبل بضعة أشهر الأمة الإيرانية بأنها «إرهابية»، كما قال.

5- مصير الثورة

تميل الانتفاضات التي لا ترقى إلى مسمى الثورة في إيران إلى الانتهاء بسبب فقدان القيادة والتنظيم الواضح والأهداف، وإذا استمرت الاحتجاجات، فإن النظام قد يقمعها أكثر فأكثر، مع الاعتقالات الجماعية وعمليات القمع العسكرية.

وعبر الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» عن دعمه المتظاهرين الإيرانيين، قائلا: إن العالم يراقب، كما أعرب مسئولون أمريكيون آخرون وشخصيات سياسية، مثل رئيس مجلس النواب «بول رايان» والسيناتور «توم كوتون» عن التضامن مع شعب إيران.

وقال وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في حديثه لمحطة إذاعية، إنه يأمل في أن ينجح المتظاهرون في تحقيق مطالبهم، وأهدافهم في الحرية والديمقراطية، مؤكدا أن بلاده لم تتدخل في المظاهرات الجارية منذ أيام.

والدعم الخارجي في كثير من الأحيان يشوه صورة المتظاهرين، حيث يستخدمه النظام لتوجيه اتهامات متعلقة بالعمالة للخارج ومحاربة استقرار الدولة بهدف هدمها.

6- الخاسر والرابح

خلل الدولة الإيرانية على خلفية الانتفاضة الداخلية التي تشهدها، يمثل مكسبا لبعض الأطراف وخسارة كبيرة لأطراف أخرى.. فمن جهة ترتبط إيران بتحالفات إقليمية مع تركيا وقطر وروسيا والصين وكوريا الشمالية، وسقوط دولة بهذا الحجم من شأنه إحداث هزة للعواصم المقربة منها والمعولة عليها في مواجهة ضغوط إقليمية أو دولية.

أيضا لإيران نفوذ واسع في دول عربية مثل، سوريا واليمن والعراق ولبنان والبحرين، ودخولها في دوامة أزمة داخلية من شأنها تحجيم نفوذها الإقليمي وإعادة إنتاج لتركيبة النظم السياسية في هذه الدول مع وجود غريم تقليدي محسوب على المعسكر السني –السعودية- يلقي شبكته الآن لاصطياد ضحايا نفوذ طهران وتقويته للانقضاض على السلطة العليا.

إقليميا سقوط إيران تراها دول الخليج طوق نجاة من صدام إقليمي حادث منذ عقود وتربص بمقدرات دول الجوار العربي عملت عليه طهران منذ ثورة الخميني وإسقاط نظام الشاه.

7- السيناريو الأسوأ

حال اتساع رقعة التظاهر وخروج طبقات الشعب مجتمعة خصوصا فئة الشباب التي يتملكه الملل من الحكم الثيوقراطي –الديني-، من المرجح أن تشهد البلاد ثورة دموية تستمر لأعوام تأكل الأخضر واليابس، خاصة أن الحرس الثوري الذي يعد ذراعا مسلحة للمرشد يدرك جيدا أن السقوط بداية طريق رجاله إلى أعواد المشانق لمعاقبتهم على القمع والتنكيل الذي مارسه ضد جميع فئاته الشعبية لعقود.

8- بديل الحكم

تعد حركة «مجاهدي خلق» شريك الخميني في الثورة على نظام الشاه، البديل الجاهز والمدعوم إقليميا ودوليا وهنا يبرز اسم مريم رجوي رئيسا محتملا للبلاد في حال شغور المناصب والوصول إلى نقطة اللا عودة لنظام المرشد وحاشيته.

وهي أكبر وأنشط حركة معارضة إيرانية، وتأسست المنظمة في عام 1965 على أيدي مثقفي إيران من الأكاديميين بهدف إسقاط نظام الشاه، ويعود اسمها «المجاهدين» في إيران إلى عام 1906 حيث استعمل في «الثورة الدستورية» إذ كان يطلق على المناضلين من أجل تحقيق الحرية بالمجاهدين.

وبعد سقوط نظام الشاه إثر قيام «الثورة الإيرانية» التي أدت منظمة مجاهدي خلق دورا كبيرا في انتصارها بعد أن أعدم نظام الشاه مؤسسيها وعددًا كبيرًا من أعضاء قيادتها، لكن ظهرت خلافات بينها وبين نظام الحكم الإيراني الجديد، وصلت بعد عامين ونصف العام من الثورة إلى حد التقاتل بين الجانبين في صراع محتدم يستمر حتى الآن.

وقامت الحكومة الإيرانية ضمن هذا الصراع بإعدام عشرات الآلاف من أعضائها والمنتمين إليها، لكن المنظمة شدت عزمها على مواصلة نشاطاتها داخل إيران وخارجها حتى إسقاط السلطة الإيرانية الحالية.

وتعد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية جزءًا من ائتلاف واسع شامل يسمى «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» ويعمل كبرلمان إيراني في المنفى، ويضم 5 منظمات وأحزاب و550 عضوًا بارزًا وشهيرًا من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية والخبراء والفنانين والمثقفين والعلماء والضباط إضافة إلى قادة ما يسمى بـ«جيش التحرير الوطني الإيراني» الذراع المسلحة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية الذي يتمركز حتى اليوم في معسكر أشرف في العراق وتكونت أغلبية قادته من النساء.

9- تقسيم الدولة

وسيناريو تقسيم البلاد بهدف ترضية الكل ضمن فرضيات الحلول المستقبلية، ويتجسد ذلك بإعلان دولة الأهواز لضمان عرب إيران والأهواز هي منطقة تقع بجانب البصرة من الناحية الجغرافية، حسب المراجع العربية والمنظمات الأحوازية، هي تلك المنطقة الواقعة في الجنوب الشرقي من العراق والجنوب الغربي من إيران وتقع على خط العرض (57/29) إلى (00/33) درجة شمالا وعلى خط الطول (48/ 51) شرقا من الشمال والشرق يحدها جبال زاجروس ومن الغرب بلاد العراق ومن الجنوب يحدها الخليج العربي؛ الحد الجغرافي الطبيعي الفاصل بينها وبين الهضبة الإيرانية أو ما يعرف ببلاد فارس.

جميع عرب الأهواز على المذهب الشيعي ويوجد عشرات قلة تحولوا لسنة يسمون سنة الأهواز حتى يحظوا بدعم من دول الخليج.

تاريخيا الأهواز إمارة عراقية تتمتع بالحكم الذاتي في عهد الانتداب البريطاني ضمها الشاه لإيران عام 1925 وأعدم حاكمها خزعل الكعبي بعد اكتشاف النفط بالمنطقة.

وتم القضاء على إمارة بني كعب العربية بعد أسر الشيخ خزعل الكعبي في 25 أبريل 1925 من قبل فارس وإعدامه.

منذ سيطرة إيران على عربستان عام 1925، اتبعت السلطة الإيرانية سياسات تمييزية ضد عرب الأهواز في التوظيف وفي الثقافة، فمنعتهم من تعلم اللغة العربية ومن استعمالها في المناسبات ومن تسمية أطفالهم بأسماء عربية.

يعاني عرب الأهواز أيضًا صعوبة الحصول على فرص لدخول الجامعات الإيرانية، فبحسب أمير طاهري، تكون فرصة دخول الجامعات الإيرانية لعرب الأهواز أقل باثنتي عشرة مرة من نظرائهم الإيرانيين بسبب سوء التعليم في مقاطعتهم وبسبب طبيعة أسئلة امتحان الدخول للجامعات الإيرانية التي تجرى باللغة الفارسية وتركز على الحضارة الفارسية.

أيضا فرضية انفصال أكراد إيران سوف تصبح قائمة بقوة في ظل مطالبة المنظمات الكردية بالانفصال عن طهران، والأحداث الأخيرة المتمثلة في تمرد حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) في غرب إيران الذي بدأ في القرن الواحد والعشرين يعزز طموح الحكم الذاتي أو الانفصال.

10– المؤامرة على روحاني

على الرغم من المظاهرات والشعارات ضد المرشد، المعلومة الغائبة عن المتابع هي تآمر علي خامنئي شخصيا على الرئيس حسن روحاني، وتقديمه في نهاية المطاف كبش فداء، يحقق المصلحة لجميع الأطراف، خصوصا أن الخصومة بين الطرفين غير سرية وملعنة بشكل صريح في سياق التناحر بين المحافظين والإصلاحيين.

بدأت المواجهات الخطابية بين الرجلين في الاحتفال بالذكرى الثامنة والعشرين لوفاة الخميني خلال يونيو الماضي، حيث استغل المرشد الأعلى المناسبة، وانتقد الخطاب الإصلاحي الذي استخدمه روحاني أثناء حملته الانتخابية.

وهاجم المرشد توصيف روحاني الثورة الإسلامية بالراديكالية، قائلًا: «نسمع البعض يكرر شعارات العقلانية ضد الشعارات الثورية، وكأن العقلانية النقطة المضادة للثورية»، وفي الوقت ذاته انتقد ما وصفه بسوء أخلاق بعض المرشحين للانتخابات الرئاسية خلال الحملات الانتخابية، وهو ما كان يقصد به روحاني بشكل مبطن.

ونقل المرشد الأعلى الصراع مع الرئيس المنتخب إلى منطقة جديدة، بعدما هدد، بشكل ضمني، بعزله، إذ اتجه خامنئي إلى التلويح بإمكانية عزل روحاني في حالة تسبب سياسته في حدوث انقسام حاد داخل المجتمع الإيراني، على غرار الانقسام الذي وقع في بداية ثمانينيات القرن الماضي أثناء حرب الخليج الأولى.
Advertisements
الجريدة الرسمية