رئيس التحرير
عصام كامل

نحن لا نقتل الأسرى


تجار أحداث يناير لم ينتظروا ذكرى أكبر فوضى عرفتها مصر فأعلنوا عن جاهزيتهم مبكرًا، حسام عيسى بدأ منذ أيام في مطالبة السيسي بالإفراج عن ثوار يناير، وبصرف النظر عن اختلافنا حول مصطلح (ثوار) واحترامنا لتفعيل القانون.. إلا أن ظهور عيسى بعد بيات طويل أعقب فشله كوزير للتعليم العالي يؤكد أن البعض ما زال يتعاطى مع أحداث يناير على أنها سبوبة، ممدوح حمزة أيضًا بدأ في تكثيف مراوغاته من بعيد بتصريحات فقدت جدواها بعد أن افتضح أمره وكشفت مصالحه الشخصية عن زيف وطنيته، أما المجموعة التي بدأت منذ فترة في تنظيم اجتماعات لاختيار مرشح رئاسي.. فتعكف على اختيار الصيغة المناسبة لمصمصة ما تبقى من بيزنس ثورتهم المزعومة، وتأتي الطامة الكبرى فتكمن في ذلك المقال الذي نشره عز الدين شكري فشير منذ ستة شهور ثم أعاد زملاؤه في قائمة يناير نشره منذ أيام، ربما استعدادًا لذكرى أحداث صنعت وجودهم في الساحة.


كتب عز الدين شكري مقالًا بعنوان (رسالة إلى الرئيس السيسي.. نحن لا نقتل الأسرى) وفيه طلب شكري من السيسي اتخاذ قرار بوقف أحكام القضاء التي صدرت بإعدام الإرهابيين على اعتبار أنهم أسرى حرب والأسرى لا يقتلون، ولا أعرف إذا كان لدى شكري توصيفًا للأسير غير الذي نصت عليه الاتفاقيات الدولية وأبرزها اتفاقية جنيف عام ١٩٤٩، والتي عرفت الأسير بأنه المقاتل الشرعي الذي وقع في يد عدوه مستسلمًا بعد أن عجز عن القتال، ووفقًا للاتفاقية فالأسير هو جندي في جيش يمثل دولة، أما المرتزقة والإرهابيون والجواسيس فلا يتم اعتبارهم أسرى حرب حسب نص الاتفاقية.. فكيف نتعامل مع إرهابيين أغلبهم مرتزقة يقتلون أفرادًا من الجيش والشرطة والمواطنين العزل على أنهم أسرى حرب؟!

وهل نتعامل مع من قتلوا المصلين في مسجد الروضة على أنهم أسرى؟! وهل نتعامل مع من قتل المصلين في كنيسة مارمينا على أنه أسير؟! هل يعيش عز الدين شكري بمعزل عن المجتمع فلم يعد يرى الجنازات الجماعية للشهداء؟! ألم تحركه صرخة أم على وحيدها أو نحيب زوجة أو دموع طفل حرمه الإرهاب من أعز ما يملك؟ وماذا لو كان ابن عز الدين شكري هو ضحية الإرهاب؟ هل كان سيطالب بالتعامل مع من قتل ابنه على أنه أسير؟ وماذا لو أحلنا هذا المطلب من شكري إلى أسر الشهداء ووضعناه في مواجهة معهم؟!

الفزلكة والسفسطة والجدل العقيم حول الثوابت.. صفات أصيلة في تجار يناير، حتى أصابوا الناس بالملل وأصبحت ذكرى هذه الأحداث تعنى النصب باسم الوطنية، ففي الوقت الذي يطالب فيه الجميع بعدالة ناجزة لردع الإرهابيين والقصاص للشهداء.. يأتي أحد تجار يناير ليأخذنا إلى جدلية هو الطرف الأضعف فيها، ولعل الجميع يتذكر محاكمة حبارة التي استمرت سنوات رغم اعترافه بجرائم ارتكبها، حتى فقد أهالي ضحاياه الأمل في القصاص، وعندما صدر الحكم بإعدامه تنفس كل المصريين الصعداء، وكم من مطالبات للقضاء بالفصل في قضايا الإرهاب لردع القتلة والقصاص للأبرياء، ولو امتلك عز الدين شكري فشير الشجاعة فعليه أن يواجه أسر الشهداء بمطلبه وأتحدى لو خرج سليمًا بعد هذه المواجهة.

ذكرى أحداث يناير أصبحت عبئًا ثقيلًا بسبب إطلالة شكري ورفاقه، وفي الأيام القليلة المقبلة سنرى بعض هؤلاء على الشاشة، سعداء بما أنجزوه من رقص على جثث الشهداء وهتاف ضد الجيش والشرطة والقضاء، وسنجد من يمكنهم من الظهور لإعادة بث سمومهم، لما لا.. فزملاء فشير لم تتوقف إطلالتهم، بل إنهم الأقرب للمتحكمين في الخريطة الإعلامية ومن بيدهم المنح والمنع وهذا لغز عجز الجميع عن تفسيره.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية