رئيس التحرير
عصام كامل

الإنسانية سر الحياة


أعزائي القراء، أكتب إليكم من أطهر بقاع الأرض وأقدسها أكتب إليكم من مكة المكرمة، حفظها الله، والحزن يعتصر قلبي ونفسي لما حدث من إرهاب وإجرام بكنيسة حلوان، وأقول لهؤلاء المجرمين الذين سفكوا دماءً بريئة وروعوا الآمنين أين أنتم من الإنسانية ومن أخلاق الأديان، أنتم أبعد ما تكونوا عن أخلاقيات الإسلام وعن الإنسانية التي خاطبنا الله تعالى بها في القرآن، يا سفلة يا قتلة يا مأجورون يا مضللون عندما خاطب الحق سبحانه وتعالى البشرية في كتابه الكريم خاطبهم بصفة الإنسانية وبصيغة المفرد، فقال عز وجل: "يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك"، وفي خطاب آخر مذكرًا لهم بأنهم إليه تعالى راجعون ومحاسبون، قال: "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحًا فملاقيه"..


وهناك خطابات إلهية كثيرة نلحظ فيها أن الخطاب كما ذكرنا بصفة الإنسانية وصيغة المفرد، ولا شك أن هذه الخطابات لها دلالات كثيرة، وأعتقد أن على رأسها تذكير البشر بالإنسانية، وهي الجانب السامي في الإنسان، فبدونها تكون البشرية كالأنعام، بل هي أضل سبيلا، هذا وعندما نعرف الإنسانية نقول: إنها تعني الحب والرحمة والعدل والمحبة والسلام والمودة والكرم والإحسان والعفو والحلم وحسن المعاملات وحسن الجوار، والإنسانية هي الجامعة للمكارم والفضائل والمحاسن والقيم النبيلة، والفضائل وهي بالجملة تعني مكارم الأخلاق، وأعتقد أن مبعثها الإيمان بالله تعالى والعمل بما جاء في الرسالات السماوية التي أنزلها الله تعالى لعباده عن طريق الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

هذا ولقد جمع الله تبارك وتعالى كل المناهج والرسالات السماوية في الرسالة الخاتمة والدين الذي ارتضاه سبحانه لعباده، وهي رسالة ودين الإسلام، تلك الرسالة وذلك الدين الذي حوى بين طياته كل الفضائل والمكارم والمحاسن، والذي أمر وحث على كل فضيلة ومكرمة ونهي عن كل رذيلة وقبيحة وحذر منها، وفي إشارة جامعة لذلك أشار النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ولقد لخص حضرته الرسالات السماوية من خلال رسالته الخاتمة مضامين الرسالات السماوية وأشار إلى فحواها والغاية والحكمة الإلهية منها.

هذا وللإنسانية ثمرة في غاية العظمة وهي، حسن المعاملات بين بني البشر والبشر مع العوالم والكائنات التي تعيش معه على هذا الكوكب من أرض ونبات وطائر وحيوان وغيرها وتأكيدًا لذلك عندما سُئل النبي الإنسان سيد الإنسانية عن الدين قال: "الدين المعاملة"، أي حسن وطيب المعاملة، هذا وعندما تسود الإنسانية ويتعامل بني البشر من مناطها لا شك أن الحب والأمن والسلام والرحمة والعدل ستعد البشرية بالحياة وتسعد الحياة بهم، هذا وإذا غابت الإنسانية وضاعت المكارم وتاهت الأخلاق سيكون حال البشرية بالعكس تماما، سيسود العنف والكراهية والجور والظلم والعدوان، ويغيب الأمن والأمان والسلم والسلام، وعند ذلك تفسد الحياة وتتحول إلى جحيم وعذاب وشقاء وصراعات تدمر الحياة.

هذا ولا شك أنه عندما تلقى البشرية رسالات الله تعالى من وراء ظهورها وتخالف تعاليمه وهدايته وتخالف توجيه ونصح وإرشاد الأنبياء والمصلحين من عقلاء الناس وتعمل بأهواء أنفسها المريضة والمجبولة على الطمع والأنانية والسوء سيعم الفساد والإفساد في الأرض، وتشقى البشرية، وتغيب معالم الحياة الكريمة الفاضلة التي أمرنا الله تعالى بها، وهذا ما لا يرضاه الله عز وجل لعباده، وللحياة.

هذا ولقد نهى الخالق سبحانه عن الفساد والإفساد في الأرض بكل صوره وأشكاله وحذر منه ومن عواقبه في الدنيا وفي الآخرة عند لقائه عزوجل، في كل رسالاته السماوية وليس في رسالة الإسلام فقط، هذا وعندما يعبث المفسدون بمقدرات الناس والحياة يجب الضرب على أيديهم بيد من حديد، ويجب ردعهم وقتالهم، وهذا هو الجهاد الحقيقي المشروع الذي أمرنا به الله تعالى، هذا والقصاص من كل معتد آثم على البشر والحياة واجب شرعًا، سواء كان المعتدى عليه مسلما أو غير مسلم فحرمة الدماء كلها سواء، لا فرق فيها بين إنسان وآخر، وفي الختام لا يفوتني أن أهنئ الإخوة الأقباط وشعبنا الحبيب بكل طوائفه بالعام الميلادي الجديد.
الجريدة الرسمية