رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا خلق الله السلفيين؟


في الوقتِ الذي تتناقلُ فيهِ الصُّحفُ السيَّارةُ أخبارًا عنْ تبُّرعِ رجالِ أعمالٍ، ورجالِ دينٍ مسيحيينَ لترميمِ مساجدَ ومساعدةِ مُحتاجينَ ومرضى، يتقيأُ بعضُ رموزِ السلفيينَ "فتاوى مُوسميةً"، عنْ تحريمِ أوْ كراهيةِ تهنئةِ الأقباطِ بأعيادِهم، ومَنْ أجازَ التهنئةَ اعتبرَها منْ "بابِ الإحسانِ"!! ما لكمْ كيفَ تحكمونَ، وكيفَ تُفتونَ؟ الفتاوى المنسوبةُ للسلفيينَ بشأنِ "شُركاءِ الوطنِ"، فتاوى ناسفةٌ، لا تختلفُ كثيرًا عنْ العُبواتِ والأحزمةِ الناسفةِ التي تغتالُ الأبرياءَ كلَّ يومٍ، تُحرِّضُ على نشرِ الكراهيةِ والتباغُضِ، في وقتٍ يحتاجُ فيهِ الوطنُ إلى مَنْ يُربِّتُ على أكتافِهِ ويُضمِّدُ جراحَهُ المُثخنةَ دومًا.


لا شكَّ في أنَّ هذهِ النوعيةَ منْ "الفتاوى البغيضةِ"، لا تستندُ إلى "سندٍ صحيحٍ أوْ عقلٍ رشيدٍ أوْ منطقٍ سديدٍ"، بلْ هي منْ قبيلِ اللغوِ، لا ينطقُ بها سوى مُغرضينَ أو لاهثينَ وراءَ شهرةٍ رخيصةٍ. هؤلاءِ السلفيونَ الذين يُعانونَ سقمًا في عقولِهم، ومرضًا في قلوبِهم، عبءٌ تقيلٌ على الحياةِ وعلى الإنسانيةِ، رؤوسهم مثلُ رءوس الشياطينِ، لا يأمرونَ بمعروفٍ، ولا يتناهونَ عمَّا يفعلونَهُ منْ مُنكرِ الفتوى بغيرِ علمٍ. أصحابُ هذه الفتاوى ليسوا دعاةَ خيرٍ أوْ سلامٍ، بل أدعياءُ، ليس مرغوبًا في وجودِهم.

نبىُّ الإسلامِ الذي هبَّ واقفًا، تعظيمًا لجنازةِ يهودىٍّ، والذي تشعُّ رسالتُه بجميع معانى المحبَّةِ والمودَّة والخيرِ والسلامِ، لمْ يأمرْ أصحابَه ولا أتباعَهُ يومًا، بهذا التشدُّد، وهذهِ الغِلظةِ. نبىُّ الإسلامِ كانَ قرآنًا يمشى على الأرضِ، كان نورًا، كانَ سراجًا مُنيرًا، ولمْ يكنْ رسولًا لنشرِ الأحقادِ والأغلالِ. المتورطونَ في حوادثِ الاعتداءِ على الكنائسِ يجدونَ في تلكَ "الآراءِ الشاذَّة والكريهةِ"، معينًا لا ينضبُ، ليستمدوا منه مَدَدًا وعونًا ودعمًا لا ينفدُ، لمسلكِهم الإرهابىِّ الآثمِ الغادرِ الجبانِ. لوْ كانَ نبىُّ الإسلامِ فظًا غليظَ القلبِ، مثلَ هؤلاءِ السلفيينَ، لما تحدَّثَ عنْ المرأةِ التي دخلتْ النارَ في هِرَّةٍ، ولا الرجلِ الذي دخلَ الجنَّةَ في كلبٍ، ولما قال له ربُّهُ: "وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمينَ"..

لاحظْ دقَّة الوصفِ القرآنىِّ الذي يؤكدُ أنه "رحمةٌ للعالمين"، أي: لعمومِ البشرِ، وليسَ لأصحابِ العمائمِ البيضاءِ والجلابيبِ القصيرةِ.

"فتاوى الكراهيةِ" تتطلبُ منْ يُجفِّفُ ينابيعَها. السلفيون لا يُرتجى منْ وجودِهم خيرٌ، بلْ همْ مفاتيحُ للشرِّ، مغاليقُ للخيرِ. العدلُ الإلهىُّ لن يُدخِلَ أصحابَ تلكَ الفتاوى "الفردوسَ الأعلى"، كما يتوهمون، ولن يُدخل من يرممِّون المساجدَ، ويساعدونَ المُحتاجينَ والمرضى والمكلومينَ ويقولون للناس حُسنًا، الجحيمَ وبئس المصيرُ.. وإذا سألَ سائلٌ يومًا: لماذا خلقَ اللهُ السلفيين؟ فأجبْه: كما خلقَ السرطانَ والثعابينَ والحيَّاتِ.. وعلمُ ذلك عندَ ربِّى، "لا يضلُّ ربى ولا ينسى".
الجريدة الرسمية