رئيس التحرير
عصام كامل

إيران فوق بركان!


"إيران فوق بركان".. هذا هو عنوان الكتاب الأول للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، الذي كتبه في بداية فترة الخمسينيات في عهد الملك فاروق، ليرصد ما يجرى على أرض الواقع في بلاد فارس، ولا شك أن ما يحدث الآن في دولة الملالي هو بركان حقيقي، يستحق أن نستعير له عنوان كتاب "الأستاذ" ليكون خير معبر عن مجمل الأحداث هناك.


مع نهاية العام الجاري 2017 وبعد عدة عقود من حكم الملالي الذين نجحوا في ركوب موجة الثورة الإيرانية عام 1979، وتحويلها من ثورة شعبية تزعمها الإمام الخميني إلى حكم ديني شيعي، وتسميتها فيما بعد باسم الثورة الإسلامية وإقصاء الفصائل الأخرى التي شاركت، بعد كل هذه السنوات يقف النظام الإيراني الآن بقيادة المرشد الأعلى على خامنئي، والرئيس حسن روحاني في مفترق طرق، بعد موجة احتجاجات وتظاهرات غير مسبوقة، وربما تكون بداية لما يمكن تسميته "الربيع الإيراني" أو الفارسي.

تظاهر آلاف الإيرانيين ضد ارتفاع الأسعار والغلاء الجنوني والفقر والبطالة، وتفشي الفساد في ربوع البلاد، وتفرغ القيادة الإيرانية للتدخل في شئون الدول العربية، والتآمر عليها بدليل ما يجرى في سوريا ولبنان واليمن والعراق وغيرها.

وقد تحولت التظاهرات الشعبية العارمة إلى انتفاضة حقيقية، وتطورت إلى اتجاه سيطرة المتظاهرين على مراكز ومقار ودوائر حكومية، وبعض المناطق والأحياء في بعض المدن، حيث دخل المتظاهرون مجمع قائم مقامية مدينة أراك، بالقرب من العاصمة طهران، وسط إيران، وسيطروا عليه بالكامل، ثم سيطر قسم منهم على مبنى الإذاعة والتليفزيون، كما اقتحموا السجون في المدينة.

كما سقط مبنى قائم مقامية مدينة خرّم آباد، مركز محافظة لورستان، بيد المحتجين، كما هاجم متظاهرون مبنى محكمة كرج، وسيطروا عليه، بالإضافة إلى أحداث مشابهة في مدن وبلدات أخرى، وخاصة بعد مقتل 4 متظاهرين برصاص الحرس الثوري.

إن اندلاع بركان التظاهرات والاحتجاجات في إيران لن يتوقف مهما حاول النظام الإيراني الديني وذراعه الطولى "الحرس الثوري" إخماده، من خلال قطع خدمة الإنترنت، ومنح المدارس والجامعات إجازة إجبارية، وتعطيل تطبيق "تليجرام" الأوسع استخداما في إيران، والذي يستخدمه نحو 45 مليون مواطن، والذي أسهم في الدعاية للتظاهرات على نطاق واسع بين الإيرانيين، ويبقى الآن انتظار ما سوف تسفر عنه الأيام القادمة.. غير أن الأعوام القادمة لن تكون كسابقتها بالنسبة لنظام الملالي.
الجريدة الرسمية