رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس: أيوه.. بكل العنف!


في تقديري أنها الرسالة الأهم التي بعث بها الرئيس السيسي إلى العالم من الإسماعيلية منذ أيام خصوصًا إلى كل من على رءوسهم بطحات يشعرون بها.. الرسالة واضحة لا تقبل الشك أو التأويل ولا حتى التخفيف من محتواها.. هي كما نطقها الرئيس وكما يعنيها.. (سيتم تطهير سيناء من الإرهاب، وقواتنا المسلحة ستواجه ذلك بالعنف.. أيوه.. بكل العنف).


الرئيس أكد أن الدولة والشعب المصري عازمون على المضي قدمًا في مشروعات التنمية المستدامة وبناء مصر القوية، وعازمون على تنقية تراب الوطن من كل شوائب التطرف والإرهاب، وعازمون على تحويل أحلام إسرائيل وأمريكا في المنطقة إلى كوابيس مزعجة تؤرقهم وتقلق نومهم.

الرئيس لم يكن واضحًا في رسائله الخاصة بالأمن القومي المصري -قبل ذلك- كما كان واضحًا في هذه الرسالة تحديدًا، خاصة أن الوضع في المنطقة تتسارع فيه الأحداث ويُعاد فيه ترتيب موازين القوى العربية والإقليمية والدولية.

العالم الآن لا يعرف غير لغة القوة.. والقوة بمفهومها الشامل الاقتصادي والعسكري والسياسي تحتاج إلى تماسك مجتمعي وقراءة واعية لمجمل التحديات وحجمها، وإبراز واضح لإرادة الشعب.. حيث لا يمكن هزيمة إرادة شعب متماسك وإن تعرض لهزيمة عسكرية أو تراجع اقتصادي!

القيادة السياسية تدرك أن العالم الآن بات يلعب بأوراق مكشوفة، وأن قواعد اللعبة تستوجب أن نلعب بنفس الطريقة، لذلك قالها الرئيس –في 23 ديسمبر ذكرى عيد النصر– ( مستعدون للموت لحماية أرضنا.. وأنا أولكم) بما يعني، ومن الآخر.. لا تفريط في حبة رمل واحدة من أرض مصر، ولا تنازل تحت أي ضغط أو إغراءات عن شبر منها لحساب أي أحد أو لحساب حل أي مشكلة حتى وإن أدي الأمر للقتال من أجلها وعلي أرضها.

الرسالة كانت للبعض في الداخل من المتشككين والمتنطعين الذين يكرهونها وهم ينعمون بخيرها، وكانت للقريب على حدودنا.. لا تفكروا أبعد من الحدود المعترف بها.. فالأرض كالعرض دونهما الموت، وكانت للبعيد في ما وراء البحار، وربما قالها الرئيس منذ أكثر من عامين.. ما كانت تسير به مصر من سياسة تجاه أمريكا والغرب خلال السنوات السابقة ليس ملزمًا لنا.. قالها ويقولها الآن.. مصر لم تعد تخاف العقاب، ولم تعد الدولة التي تراهن بكل شيء على لا شيء، ولم تعد تلك الدولة التي تبتعد عن محيطها العربي والأفريقي والدولي لحساب دولة واحدة هي حليف غير مؤتمن الجانب!

نحن نعلم أن ما تقوم به مصر من تدعيم لقدراتها العسكرية والاقتصادية يشكل مصدر قلق لكل الطامعين فيها، وجرس إنذار لكل هؤلاء الذين يخططون لتقسيم المنطقة وشرذمتها لحساب إسرائيل.. لذلك قالت رسالة الرئيس بكل الوضوح أن زمن الطاعة العمياء قد ذهب إلى حال سبيله ولن يعود، وأن مصر كسرت الطوق -كما كانت تكسره من قبل في كل مرة تجد نفسها فيه- وقررت بإرادتها الطيران نحو آفاق أرحب.

الرسالة تقول -وهذا هو الأهم– إن ما تفعله مصر لنفسها ولمنطقتها ولأمنها القومي يثير غضب من يكرهونها ولذلك علينا أن نكون جاهزين للمواجهة في كل الأحوال.. ليس للحرب العسكرية فقط، وإنما لكل وسائل الضغط السياسي والحصار والتضييق، وعلينا أن نكون واعين جيدًا بقدراتنا التي اختبرناها كثيرًا ونجحنا فيها بامتياز.

الرسالة تؤكد ثوابت مصر كداعية للسلام.. لا تعتدي لكنها ترد العدوان بكل قوة.. لا تفرط في أرضها ولا تتنازل عن هيبتها ولا تتهاون في دورها.. تعرف حدودها وتدرك حجم قوتها.. ترتبط بدوائر أمنها القومي وتعمل على متانتها.. الرسالة التي بعث بها الرئيس رسالة دولة.. قوية.. قادرة.. ترفض الموت وتدعو للحياة..
الجريدة الرسمية