رئيس التحرير
عصام كامل

بطرس وفايق والحديدي.. والملف الأفريقي


حكت لي الدكتورة سلوى لبيب، أستاذة العلوم السياسية، رحمها الله، أن الفضل في تحولها لتخصصها في العلاقات المصرية الأفريقية يرجع إلى الدكتور بطرس بطرس غالي، وزير الدولة الأسبق للشئون الخارجية، الذي نصحها بذلك، قائل: "المستقبل سيكون للملف الأفريقي.. ركزي على أفريقيا".


وكان جمال عبدالناصر يعتبر أفريقيا من أهم دوائر الأمن القومي؛ لذلك اهتم كثيرًا بدعم حركات التحرر، لدرجة أن مصر أسهمت في استقلال معظم دول جنوب الصحراء.. وكان رؤساء تلك الدول من تلاميذ عبدالناصر، إضافة إلى دور شركتي "النصر للاستيراد والتصدير"، و"المقاولون العرب" في نهضة وتنمية معظم دول القارة.

في الفترة الحرجة الراهنة، نتذكر العلامة "بطرس غالي"، رحمه الله، الذي تأثر الملف الأفريقي كثيرًا بعد رحيله، بل بعد تقاعده والاستغناء عن خدماته!!

لدينا أكثر من شخصية، على قيد الحياة، من الظلم لمصر ألا تستفيد من خدماتها.. فهناك خبير الملف محمد فايق، وزير الإعلام في عهد عبدالناصر، ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان.. موسوعة بشرية في كل ما يتعلق بالقارة السمراء، وحكامها، وشعوبها.. فضلا عن الخبرة السياسية والحنكة الشديدة التي يتمتع بها.

والدكتور حلمي الحديدي، وزير الصحة الأسبق، والرئيس الحالي لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية.. وهذه المنظمة كانت تتبع رئاسة الجمهورية في عهد عبدالناصر والسادات، ثم تراجعت قيمتها لدى الدولة فجعلتها تحت عباءة وزارة الخارجية، بل خاض الحديدي معركة صعبة حتى لا تهيمن وزارة التضامن الاجتماعي على المنظمة.. وانتصر في النهاية، لكن "الخارجية" قلصت الدعم الذي كانت تقدمه للمنظمة من عدة ملايين سنويا إلى ما دون المليون بكثير.. مما أسفر عن تراجع القدرة على تنظيم الفعاليات واستضافة الوفود الأفريقية والآسيوية، وحضور الفعاليات التي تقام في القارتين، وبعد أن كانت هناك أكثر من 90 دولة أعضاء في المنظمة، صار العدد نحوًا من 15 دولة أو أقل، والباقي عضويات غير مفعلة.

توجيه الاهتمام لتلك المنظمة من الرئاسة، وجعلها في بؤرة الضوء، وتشجيعها معنويًا وماديًا، سيدفع العمل على الصعيدين الأفريقي والآسيوي قدمًا.. ويكفي نجاح الدكتور الحديدي، رغم صعوبة المناخ الذي يعمل من خلاله، وعدم توفر الأدوات المشجعة على الإنجاز، في ضم عدد من دول أمريكا اللاتينية إلى عضوية المنظمة، وجذبها لحضور معظم الفعاليات.

معهد البحوث والدراسات الأفريقية، ورموز العمل الأكاديمي به، مثل: د. سيد فليفل، ود. أيمن سلامة، ود. محمد أبو العينين، ود. إبراهيم نصر الدين، ود. هيام الببلاوي، ود. جمال السيد ضلع، وغيرهم.. عمالقة في الملف الذي نفتقر فيه إلى المعلومات الصحيحة.. وعدم الاستفادة من المعهد وأساتذته يمثل علامة استفهام كبيرة في تلك الظروف الحالكة.. القضية تمس الأمن القومي، بل هو صراع وجود، لا بقاء لمصر إلا بالانتصار فيه.
الجريدة الرسمية