رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

متى يأكل الفقراء اللحمة!


تدرك أنك تتعرض للسرقة يوميا، وأنت تشترى أي سلعة في مصر، خاصة مع اقتناع السادة المسئولين العظام بعدم فرض تسعرية جبرية على السلع، تهافتا وراء مقولة خائبة عن السوق الحر وآلياته!، فقط آليات السوق الحر للتجار ورجال الأعمال المحتكرين لمقومات حياة المصريين، أما آليات الحرية في باقى مجالات الحياة، فهى رجس من عمل الشيطان، أو حتى من عمل الثوار والنكسجية الذين تُلصق بهم كل تهمة.. ومع ذلك يطنطن البعض هذه الأيام بمقولة أن التضخم قد انخفض، أي بالمصطلح الشعبى الأوضح والأكثر حكمة، الأسعار قد انخفضت.. عظيم جدا، إن كان ذلك قد حدث بفعل تدخل الدولة في الإنتاج، أو حتى تأثيرًا على السادة المحتكرين وديا طالما كانت أسعار السلع تتحدد بالهوى، ووفقا لجشع السيد المحتكر وتابعه التاجر والموزع فاقد الدين والضمير!


لكن ذلك لم يحدث، فأسعار غالبية السلع الحياتية في ازدياد أو بقيت على حالتها، عدا اللحوم البلدية والتي انخفضت من متوسط 140 جنيها للكيلو الواحد، إلى ما يتأرجح بين 110 و120 للكيلو، وهذا بالطبع ليس جيدا لأنه ببساطة سعر عال جدا ومبالغ فيه، قياسا لدخل أغلبية المصريين الفقراء، وقياسا لما كنت عليه قبل يوم التعويم المشئوم.. وبعيدا عن السادة المحظوظين من مثلث الكبار في الدولة، مسئولي وموظفى شركات التحصيل من المواطنين وبالطبع البنوك، غير ذلك تجد أغلب الناس في عوز وبالبلدى كده ماشية تكلم نفسها من الغلاء!

لا يحتاج الأمر لدراسات اقتصادية من خبراء وأكاديميين لتعرف أن السر في انخفاض أسعار اللحوم ليس هو وفرة الإنتاج، أو نجاح مشروع البتلو الذي نسمع عنه كل عام، ثم يتوارى وراء جشع المحتكرين ونوم السادة مسئولى وزارة الزراعة والإنتاج الحيوانى.. فإن كنت من السادة راكبى الميكروباص ومتشعبطى أتوبيسات النقل العام أو من الرياضيين الذين يذهبون لعملهم (كعابى) لتوفير جنيهات ضئيلة بائسة لأسرهم، فستدرك على الفور أن السر وراء انخفاض الحاجة العزيزة لحمة، هو أن الأكثرية تجاهلتها منذ زمن بعيد، وطنشتها ونسيتها وهجرتها هجران الحبيب لحبيبته النذلة، التي تركته بعد قصة حب عنيفة وتزوجت من ثرى زى القرد شخشخ لها بفلوسه وذهبه!

لذا هو طلاق بائن بين الغلابة والست لحمة، ولا أمل في الرجوع ما لم تتغير السياسات الاقتصادية المنحازة للأغنياء على حساب الفقراء، إنه ليس انخفاضا في الثمن بقدر ما هو انخفاض في مقدرة الأغلبية المفقورة على العيش فوق مستوى الكفاف، بدليل أن أسعار الفول والطعمية والكشرى في ارتفاع مستمر، لدرجة أن الكشرى مثلا، صار وجبة مكلفة سواء تم طهيه في البيوت أو تم شراؤه جاهزا من المطاعم الشعبية.. لاحظ أن تلك الوجبات هي الوجبات الأساسية والتي لا غنى عنها لأغلبية المصريين، الكثيرون منهم يتناولونها أكثر من مرة في اليوم الواحد وليس في الإفطار فقط!.

كأن ذلك ترفيها استكثروه على الناس الغلابة.. لذا من المنطقى ألا تنخفض أسعارهم مع أن هذا هو الأولى والأحق، لكن لأن الناس لا تستطيع العيش بدون الفول والعدس مع رغيف العيش، فلا يمكن أن تشهد أسعارها انخفاضا خاصة مع ترك الحكومة للناس لعبة في يد التجار والمحتكرين الأنذال معدومى الضمير. يجب على الحكومة أن تسأل نفسها عن موعد محدد أو خطة (خمسية) تتيح للمصريين تناول العزيزة لحمة بشكل طبيعى وآدمى وبعيدا عن مواعيد المناسبات الدينية وإحسان أهل الخير.
fotuheng@gmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية