رئيس التحرير
عصام كامل

سيادة المسئول.. امتنع!


بمناسبة قياس السيد وزير النقل لسعر تذكرة المترو على المواطن المصري مقارنة بالمواطن الفرنسي بثمن البيض في البلدين، ودون سرد تفاصيل القياس الهزلي في موضع الجد وهو غير مقبول في الشكل والموضوع، لكن هذا النموذج إشارة مهمة لطريقة تفكير بعض متخذي القرارات والمسئولين الآن حتى لو كان ما قاله زلة لسان فدائمًا اللسان هو رسول العقل!


ولأن قياس البرتقالة بالتفاحة أمر غير مقبول عند عموم الناس، حيث إن القياس المقبول هو تفاحة إلى تفاحة أو برتقالة إلى برتقالة ولكن تستخدم المقارنة لتوضيح الاختلاف في مقال ومقام مختلفين تمامًا، والفارق بين القياس والمقارنة كبير وأعتقد أن الوزير يعلمه جيدًا!

إن الأمانة والمهنية كانت تحتم على سيادة الوزير إن أراد استخدام فرنسا في هذا المقام أن يعقد مقارنة دون قياس وكان يجب أن يقول أن متوسط دخل الفرد سنويًا في فرنسا هو ٢٨ ألف دولار تقريبًا أي ما يعادل بالمصري ٥٠٠ ألف جنيه في حين أن متوسط الدخل السنوي للفرد في مصر هو ١٩٨٠ دولارًا أي نحو ٢٨ ألف جنيه، ١٦ مرة مقارنة بنظيره المصري وبعدها يقوم سيادة الوزير بالقياس بالبيض الفرنسي إن أراد شريطة أن تسمح له فرنسا مقارنة البيض الفرنساوي بالبيض المصري!

بالمناسبة ياسيادة الوزير الحكومة الفرنسية اعترفت بأنها من أسوأ الدول المتقدمة من حيث التصنيف الخاص بمتوسط الدخل السنوي للأفراد، (ترتيبها العاشر)، وتحاول جاهدة تنفيذ خطة معلنة ضمن أولويات الرئيس المنتخب ماكرون للوصول إلى مركز متقدم!

والحقيقة لو كل مسئول فكر قبل أي تصريح أو مداخلة كان سيوفر علينا التفكير في موضوعات كثيرة مؤلمة؛ مثلا سيادة الوزير حضرتك تعلم أن مصر تأتي في ذيل القائمة العربية والأفريقية من حيث متوسط الدخل السنوي للأفراد، فمتوسط الرواتب في ناميبيا وزيمبابوي وكينيا وإثيوبيا وأوغندا وتنزانيا وموريشيوس أفضل من مصر بأضعاف، وهي دول كانت إلى وقت قريب تمزقها الحروب والمجاعات، إذ يقدر متوسط الدخل في ناميبيا لوحدها بست مرات مما هو عليه في مصر.

نعم أقدر كل ما تمر به بلادي من ظروف صعبة، لكن مثل هذه التصريحات من بعض المسئولين في هذا التوقيت الصعب من تاريخ الوطن -وهم كثرة- تستفز المواطن البسيط الذي يسعى جاهدًا لتوفير احتياجات أسرته! سيادة المسئول.. امتنع عن الكلام أفضل!
الجريدة الرسمية