رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم بين الإصلاحات المقترحة.. والتشريعات القائمة


السياسة التعليمية الناجحة في أي مكان تكون المظلة الرئيسية لأى تطوير أو تغيير في فلسفة التعليم وأهدافه، فلابد وأن تكون تلك السياسة مرنة تتفق مع مبادئ وقيم المجتمع، وفي المقابل إذ لم يكن هناك سياسة تعليمية ناجحة يؤدي ذلك إلى ضياع أموال وجهود بشرية كبيرة تبذل في تكاليف باهظة دون أن تحقق الهدف.


فعند وضع أي خطة للتطوير لابد وأن ناخذ في الاعتبار المرجعية المجتمعية، والإطار الفكرى للمجتمع الذي توضع له هذه الخطة، وهذا الجزء يكون جزءا حاكما وثابتا غير قابل للتغيير عند وضع الخطة، وحتى لا نصل لمرحلة تحول مجتمعنا إلى مجتمع تابع ثقافيًا وحضاريًا لدول أخرى، بعيدة تماما عن هوية الدولة المصرية.. أما من ناحية أخرى فلابد وأن تحتوى أي خطة على الجزء المرن الذي يتغير بتغير الحاجات والرغبات والتحولات المحلية والعالمية

أنا أعترف مثل الجميع أن لدينا مشكلات في نظامنا التعليمى الحالى، وأن التغيير والتطوير مطلوب لا محالة، ولكن ووفقا لواقع المجتمع المصرى لابد أن نأخذ في الاعتبار أن هناك صخرات كثيرة تتحطم عليها أي رغبة أو حلم للتغيير أو التطوير، فعلى سبيل المثال "الدروس الخصوصية" التي وصل معدل الإنفاق عليها مليارات الجنيهات، والتي قد تصل تقريبا لتحديد نسبة تقارب 1.6% من الدخل القومى ينفقه فقط نسبة تقدر بنحو 23٪ من الطلاب، هم الذين ينفقون كل تلك المليارات الضخمة على الدروس الخصوصية، وهذا وفقا لتفاوت الظروف الاقتصادية بين الطلاب، وبالتالى أصبح لدينا نوعان من الطلاب..

"النوع الأول" هو الذي يعيش في مستويات اقتصادية واجتماعية عالية، والذين يمثلون النسبة السابقة من الطلاب ألا وهى 23% وهم أيضا من ينفقون المليارات على التعليم الموازى، ولدينا "النوع الآخر" وهو الأكثرية من الطلاب أصحاب المستويات الاقتصادية الأقل والمتوسطة وصولا إلى المنعدمة، وهؤلاء يمثلون نسبة 77% من نسبة الطلاب، فلابد وأن نضع في الاعتبار كل هذه المفارقات والتفاوتات في المجتمع المصرى كى يستفيد بالتغيير والتطوير كل طفل مصرى على السواء، وبكامل تكافؤ الفرص وفقا لما نص عليه الدستور.

أرى أيضا عند وضع أي خطة جديدة للتغير خاصة في السياسات التعليمية أن نراعى تغيير"التشريعات القانونية" لسد الفجوة بين التناقضات التي ستظهر بين الإصلاحات المقترحة والتشريعات القائمة، فعلى سبيل المثال ليس الحصر لابد وأن نعلم أن لدينا طلاب المرحلة الإعدادية هذا العام نحو 4،725،732 سيدخلون امتحان الشهادة الإعدادية أو امتحان الصف التاسع من التعليم الأساسى، وما ينتج عنه من مخاطر بسبب أنه يتم بطريقة لا مركزية في المحافظات.. فالطلاب في هذا الامتحان اللامركزى يحصلون على درجات ليست قابلة للمقارنة، نظرا لعدم المساواة الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية بين المحافظات..

وبالتالى يلتحق بالمرحلة الثانوية طلاب قد تتفاوت مستوياتهم التعليمية وفق مستوياتهم الاقتصادية، والجميع يصبح متساويا في المرحلة الثانوية، الأمر الذي سيعتبر عقبة كبيرة أمام أي نظام جديد يمكن الحديث عنه.. مع العلم لابد أن نعلم جيدا أن في 2015 حصل 47% منهم على معيار منخفض في امتحان times.
وللحديث بقية...
Tarek_yas64@yahoo.com
الجريدة الرسمية