رئيس التحرير
عصام كامل

جودة عبد الخالق: جماعات المصالح لقبتني بـ«الوزير الفاشل».. والوكيل وغراب أفشلا منظومتي للخبز

فيتو


 

  • شفيق يعتمد على قوى الثورة المضادة حال ترشحه للرئاسة
  • لم أجد أي تعاون من وزارة البترول أو المحافظين في ملف البوتاجاز
  • موقف الحكومة من الاكتفاء الذاتي من القمح عنوانه "شراء العبد من الخارج ولا تربيته"
  • عصام شرف كان متخاذلا لقبوله إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل الدستور
  • الإعلان الدستوري تسبب في ظهور القوى المضادة للثورة.. ومرسي وشفيق ليسا من الثوار
  • السيسي لا يزال في نظر المصريين رمزا وطنيا لوقوفه في وجه الإخوان.. وسيكون رئيسا لفترة ثانية حال إعلان ترشحه
  • مشكلة التموين أن كل وزير يلغي ما قام به سابقه ولا يكمل
  • أسعار المحروقات ستزيد طبقا لاتفاق صندوق النقد.. والمعونات الأمريكية هي السم في العسل




هو أستاذ الاقتصاد ووزير التموين الأسبق، ويعد أحد وزيرين ينتميان للمعارضة استعانت بهم الحكومة إلى جانب منير فخري عبد النور من "الوفد" في المرحلة الانتقالية عقب ثورة 25 يناير، حيث عرف بانحيازه للطبقة الكادحة باعتباره أحد قيادات اليسار المصري، إلا أن الاتهامات لا تزال تلاحقه في عدم تحقيق نجاحات بوزارة التموين.


إنه الدكتور جودة عبد الخالق، الذي قال في حواره مع "فيتو" إن اتهامات الفشل غير صحيحة، وأنها أحد أدوات مجموعات المصالح التي تتربح على حساب الشعب المصري بعد أن تصدى لمافيا القمح وأنابيب البوتاجاز.

Advertisements


وأكد أن ضغط جماعات المصالح "أحمد الوكيل وشركائه وعبد الله غراب وشركائه وراء إفشال منظومتي لدعم الرغيف، وقال إن رؤية الحكومة التي كان أحد وزرائها في مسألة القمح شراء العبد ولا تربيته؛ أي الشراء من الخارج، واتهم وزارة البترول بأنها لم تتعاون معه في منظومة البوتاجاز وكذلك المحافظين، وأن مجدي راسخ والإخوان أكبر المستفيدين من السوق السوداء.


وأضاف أن حالة التذبذب التي عليها الفريق أحمد شفيق بشأن الترشح لانتخابات الرئاسة جعلته حدوتة، وأن ترشحه سيعتمد على أصوات عناصر الثورة المضادة ومنهم بالطبع الإخوان، وغيرها من الأسرار التي كشف عنها في حواره لـ"فيتو"، فإلى نص الحوار: 

** في البداية كيف تقرأ المشهد السياسي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية العام المقبل؟
القراءة تقتضي المعرفة بأن عملية التجريف السياسي الذي حدث في عهد مبارك من خلال جعل المشهد قاصرا على الحزب الوطنى وهو ما تسبب في الانفجار المدوي في 25 يناير، وهى ثورة بكل المقاييس، وما زلنا في حالة فوران ثورى ربما يمتد عقدا أو عقدين من الزمان، فنحن لدينا صراع عنيف بين قوى ثورية وقوى الثورة المضادة، ولفهم الصورة كاملة لا بد أن نعرف أن الإخوان لم يكونوا يوما من الثورة؛ لأنهم لا يؤمنون بالعدالة الاجتماعية أصلا، ولا بد أن نعود أيضا إلى عام 2011 عندما صدر الإعلان الدستوري الذي قدم الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية على الاستفتاء على الدستور، وهذا أمر خطأ أدى إلى ما نعيشه من فوضى، وهذا الترتيب نتج عنه عودة القوى المضادة، ومرسي أو شفيق لم يكونا من الثورة، ورغم أننا أمام عدة شهور للانتخابات الرئاسية إلا أن الصورة لم تتضح حتى الآن.

** وهل تعتقد أن عدم وضوح الرؤية كان وراء وصول الإخوان للحكم؟
*هذا صحيح لأننا لم نحدد وقتها كيف ستدار الانتخابات الرئاسية أو نحدد ملامح النظام السياسي؛ هل هو رئاسي أم برلماني؟ وجاءت الانتخابات والقوى الثورية غير مستعدة، ونتج عن هذه المرحله الأولى من التحول فوز الإخوان بالرئاسة والبرلمان لكن المجتمع كان رافضا لهم وانتهى الأمر بعزل مرسي، وبالتالي نحن نجني الحصاد المر لتقبلنا لخارطة الطريق التي حددها الإعلان الدستوري بعد ثورة 25 يناير، خاصة أن الحكومة كانت رافضة للإعلان الدستوري لأنه يضع العربة قبل الحصان مثلما تم وضع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل الاستفتاء على الدستور، وللأسف الدكتور عصام شرف لم يأخذ الأمر بجدية، وتخاذل، سواء كان عن رفض أو خوف، واقترحت الالتقاء حينها بالمجلس العسكري لإيضاح الرؤية، وعرضت استقالتى بعد اجتماع استمر 50 دقيقة بالمشير طنطاوى وسامى عنان، وما يحدث الآن يؤكد أن القوى المضادة ما زالت موجودة على الساحة.

** وهل تتوقع ترشح شفيق بعد حال الجدل التي أثيرت حوله ومن سينتخبه، وكم تتوقع النسبة التي سيحصل عليها؟
* شفيق أصبح حدوتة، أعلن ترشحه ثم تراجع، وهذا يدل على سيولة في المشهد السياسي، وبالتالي كل الاحتمالات موجودة لكن كل القوى الثورية الحقيقية لن يكون لها وجود في الانتخابات الرئاسية القادمة، وشفيق مواطن مصرى طبقا للدستور له حقوق وعليه واجبات، ولمجرد إعلان ترشحه ثارت حالة من الجدل، ووصلنا إلى مرحلة الطفولة السياسية وعدم تقبل الآخر، رغم أننا ما زلنا لم نحقق ما طالب به الثوار من إسقاط نظام مبارك كاملا، رغم أن الثورات الكبرى في فرنسا وإنجلترا وغيرها أخذت عقودا حتى استعاد المجتمع توازنه. 

** هل تعتقد أن هناك تفاهمات تمت بين شفيق والدولة وراء تذبذب موقفه؟
* في فهم السياسة لا بد لكل مرشح من تحديد القوى الاجتماعية التي تقف خلفه، فالرئيس السيسي لم يعلن ترشحه حتى الآن، وإن كان ترشحه شبه مؤكد، والفريق أحمد شفيق رغم أنه من المؤسسه العسكريه إلا أنه لن يكون مرشح القوات المسلحة، وبالتالى شفيق سيعبر عن قوى الثورة المضادة، أما السيسي فالناس ما زالت تنظر إليه كرمز وطنى وقف وحده ليكافح الإرهاب، وإن كان قد خسر جزءا من شعبيته بسبب الملف الاقتصادي، لكنه حقق نجاحات في السياسة الخارجية، وبالتالي المؤكد هو فوز السيسي، ولكن بنسب مختلفة عن 2014، كما أنه من الصعب تحديد نسبة لكل مرشح، وإن كان شفيق سيحصل على أصوات أيضا، وربما يكون هناك تفاهمات مع الدولة كانت وراء تذبذبه في القرار أو أن يكون أعاد قراءته للواقع بعد العودة، ومن الممكن أن يكون الاثنان معا، لكن المؤكد أننا قادمون على انتخابات بلا سياسة؛ لأن الانتخابات تعني جدلا بين المرشحين، ومناقشات خلف الكواليس وأمام أعين الرأي العام الذي ما زال غائبا عما يحدث وهذه هي الخطورة.


** وما رأيك في الاتهامات التي وجهت للفريق أحمد شفيق من بعض قيادات حزبه بالتواصل مع الإخوان؟
* يجب أن نبنى النتائج بناء على تحليل سياسي ومن هذا المنطق بمكوناته الواسعة، وكون شفيق لن يحصل على دعم القوات المسلحة فمن المؤكد أن يحصل على تأييد قوى الثورة المضادة التي عادت بشراسة، ولو من قبيل المناورة السياسية، فقد خدمت مع شفيق، فهو يمتلك قدرات إدارية لكن في نفس الوقت ممكن أن يوظف من قوى اجتماعية.


** هل هذا يعنى أنك تلتمس العذر للرئيس السيسي في ظل الظروف التي يعمل بها من تنمية مع مواجهة الإرهاب؟
* هذا صحيح أن تكون القضية الأمنية شديدة الأهمية والخطورة، ولكن الوضع الراهن لا يبرر تبني سياسات اقتصادية واجتماعية تتعارض مع مطالب الجماهير في 25 يناير، والفترة الأخيرة نجد برنامج الحكومة كان من فكر الرئيس وليس الحكومة، وكان لا بد عدم تبنى الفكر الذي يعتمد على تقديرات سياسية ما زالت في علم الغيب، فتعويم الجنيه لم يكن ضروريا، والاستدانة من الخارج لم يفرضها الوضع الأمني.


**وهل تعتقد أن الرئيس السيسي ما زال يُنظَر إليه كرجل المرحلة؟
*هناك حقيقة يجب النظر إليها، وهي حتى وإن لم يتراجع الفريق أحمد شفيق عن الترشح فالمرجح هو فوز السيسي، وتعبير رجل المرحلة هو تعبير غامض، فالرئيس السيسي له مؤيدون، والظروف السياسية الداخلية والخارجية والأخطاء التي ارتكبت بعد الثورة في مراحل الانتقال السياسي هي التي أنتجت السيسي، وبالتالي انسحاب أو تراجع أحد المرشحين لن يغير من فوز السيسي، وتوقع حدوث مفاجآت قرب الانتخابات صعب، خاصة في الأسعار؛ لأن علينا التزامات أمام صندوق النقد، بل إنه من المفترض زيادة أسعار المحروقات، وإن كان يمكن تأجيلها، وهذا يتوقف على قبول صندوق النقد للتأجيل.

** الأحزاب السياسية فشلت في تقديم مرشح رئاسي، والمواطن لا يشعر بأي دور لها، فما أسباب ذلك؟
*الأحزاب كانت تؤدى دور السنيد طوال تاريخها، ولم تكن منافسا للحزب الوطنى، والأحزاب ظالمة لنفسها ومظلومة، وأنا قلت هذا الكلام في حزب التجمع، إننا ارتضينا أن نكون سنِّيدا، وننتظر الفتات الذي يُلقى من الحكومة في بعض مقاعد البرلمان، وعندما قبلت منصب وزير التموين تعرضت لهجوم من داخل "التجمع". 

** رغيف الخبز هو مشكلة المواطن المصري، فلماذا لم تحقق نجاحا في منظومة الخبز عندما كنت وزيرا للتموين؟
* هذا الكلام غير صحيح؛ لأن رؤيتي كانت أن نظام دعم الخبز سلسلة من حلقات، تبدأ بالقمح ثم الدقيق ثم الخبز، وكلها منظومة دعم الرغيف، فالحكومة كانت تحضر القمح من الفلاحين أو بالاستيراد وتسلمه للمطاحن بتكلفة 2200 جنيه للطن، ومعها عمولة طحن، على أن تتعهد المطاحن بتقديم 820 كيلو للطن، والباقي "ردة" لكن للأسف المطاحن كانت "تضرب ورق" بتسليم الدقيق عبر سياسة تستيف الأوراق، ويتم تسريبه خارج المنظومة، وتسلمه للمخابر بسعر 16 جنيها للشيكارة الـ50 كيلو، والجوال 100 كيلو بـ32 جنيها، يعنى الطن بـ320 جنيها، وتعدد الأسعار أفقد السيطرة، وطالبت أن يكون سعر السلعة موحدا؛ لأننا لا بد أن نطبق العلم مع السياسة، وأن نحصّل سعر الدقيق وسعر الطحن، ولكن الضروريات جعلتنا نضع سعرا اجتماعيا للخبز بحيث يحدث توافق بين السعر الاجتماعي والسعر الحر، لكن للأسف النظام طُبق خطأ نتيجة ضغط جماعات المصالح "أحمد الوكيل وشركاؤه وعبد الله غراب وشركاؤه"، وهذا ما جعل تطبيق فكرة السعر الواحد لا تحدث، والمعضلة هنا كيفية توزيع إنتاج الخبز، وطلبت القصاص من الذي يلعب في الخبز، ووضعت سياسة لتحفيز الفلاح على الإنتاج بزيادة السعر، وهذا كان سيحررنا من الشراء من الخارج وتفادي أزمات الدولار، لكن كانت رؤية الحكومة شراء العبد ولا تربيته؛ أي الشراء من الخارج.


** ولكن هناك اتهامات لك بالفشل في تحقيق نجاحات وقت أن كنت وزيرا للتموين، فما ردك؟
*هذا كلام عائم وقد سمعت العديد من الاتهامات، منها أنت وزير فاشل وعليك الاستقالة، وكان وراء ذلك جماعات المصالح، فأنا مكثت في الوزارة 18 شهرا، وهي أكثر الفترات اضطرابا في حياة البلد، وخلال هذه الفترة لا يمكن تحقيق شيء، ولكني حققت الآتي:
صياغة سياسة التحفيز للفلاح لزراعة القمح خلال مواسم 2010-2011،2011-2012، وتم إعلان سعر تحفيزى للقمح وأحكام عملية التوريد ومتابعتها، وزاد الإنتاج المحلي زيادة محسوسة، وتم تحاشي الفساد في التوريد، وتأكيدا للعدالة الاجتماعية قدمنا لحاملي الشهادات التموينية سلع شهر رمضان، ووضعنا بعض الضوابط لأنابيب البوتاجاز، وهذا دور وزارة البترول، التي لم أجد أي تعاون منها أو من المحافظين، فضلا عن أننى وضعت نظاما جديدا لمنظومة دعم الخبز، تم تطبيقه جزئيا وليس كليا، والإصلاحات التي أدخلت على منظومة رغيف الخبز أدت إلى تحسين صناعته، حيث لم يعد يموت أحد في الطوابير كما كان يحدث سابقا، إلى جانب ذلك قمنا بمتابعة دمج المخابز الصغيرة في كيانات كبيرة، وأنشأنا مخابز عملاقة، وتم افتتاحها في الشيخ زايد والصعيد، وللأسف الشديد لم أجد تعاونا من وزارة البترول في إنشاء مركز توزيع للبوتاجاز بالدخيلة، وعرقل ذلك مجدى راسخ والإخوان لأنهم أكبر المستفيدين من السوق السوداء، فضلا عن أننى قمت بإعادة تأهيل الإعلام بالوزارة. 


** وهل لعب الإخوان دورا في العقبات التي اعترضت طريقك بوزارة التموين؟
*بالطبع الإخوان من أكثر الناس التي كانت توجه لى الانتقادات، وحاولوا ضرب أرقام التوريد، ووقفت في مجلس الشعب ضدهم في وقت كان يخشاهم وزراء آخرون، وقاموا في الإسكندرية بتوزيع استمارات على أنها من وزارة التموين لجمع جنيه من كل مواطن بدعوى توصيل الخبز للمنازل، وقلت لمرسي لا شأن لأي فصيل بالدعم؛ لأنه علاقة بين المواطن والدولة. 


** وما حقيقة أن صندوق النقد يعتبر دعم الفقراء تدخلا شريرا في السوق؟
* هذا الكلام صحيح، فالسوق مثلا يقول إن رغيف العيش سعره 30 قرشا، ونحن نبيعه بـ5 قروش، وصندوق النقد يقول إن هذا الوضع مخل، رغم أنه أكثر تفهما للوضع الاجتماعي، ولكن نحتاج لمن يطرح وجهة نظر تدافع عن المواطن، لأنهم ينظرون إلى الدعم على أنه يضر بحركة السوق، ويحمل الدولة أعباء أكبر مما تحتمل، ويجب تقليصه أو إلغاؤه. 


* ما رأيك في نظام الضرائب القائم الآن؟
* نحن أخذنا بنظام ضريبة السعر الواحد، والمنطقى في كل دول العالم أن نضع شرائح للضريبة ترتفع مع ارتفاع ضريبة الدخل وتسمى الضريبة التصاعدية، وهى أكثر عدالة، وتوفر حصيلة أكبر، وهذا غير معمول به في مصر، ما يؤدي لعدم تحقيق العدالة، ولا يواكب الفكر الضريبي، فضلا عن أن هناك أنشطة لا تخضع للنظام الضريبي مثل الأموال التي تتدفق على البورصة بالمليارات، وعمل ضريبة 10% على معاملات البورصة، فقامت القيامة، وتم تجميدها، وهنا ضريبة أخرى وهي ضريبة الأرباح الرأسمالية وهذان النوعان معمول بهما في الخارج. 


** قلت إن المعونات الأمريكية هي السم في العسل، فما الدافع لذلك؟
*هذا الكلام صحيح فكل المعونات سواء كانت قروضا أو منحا فالحكومة دائما تهتم بما ستدفعه من فائدة، وتسدد على كم سنة؟ وفترة السماح؟ لكنْ هناك شروط غير مالية -وهي الأخطر- لا يلتفت إليها أحد، من خلال محاولة فرض توجه معين على الحكومة، وهو ما دائما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية في صورة مساعدات، ولكنها تدس السم في العسل. 


** كيف ترى أداء البرلمان الحالي في ظل الانتقادات التي توجه له بأنه تابع للسلطة التنفيذية؟
* البرلمان الحالي هو تعبير عن المرحلة السياسية التي تعيشها مصر حاليا، وهو نتيجة لترتيب المراحل خلال المرحلة الانتقالية من خلال الإعلان الدستوري في 2014، والبرلمان معبر عن القوى التي خاضت الانتخابات، وهى ليست قوى الثورة، ولكنها قوى الثورة المضادة، وبالتالي الانتقادات طبيعية إذا كانت القرارات تحمل المزيد من الأعباء للمواطن.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
 

الجريدة الرسمية