رئيس التحرير
عصام كامل

من يُحرك الجماعة الأحمدية العالمية في مصر؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قبل أيام، تداولت وسائل الإعلام المصرية، قرارا للنيابة الإدارية بإحالة مدرس بمحافظة الفيوم، للمحاكمة التأديبية بشكل عاجل لترويجه لأفكار الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية بين طلاب مدرسته، ولم ينتبه أحد إلى هذه الجماعة الغامضة، التي زادت من الشعر بيتا في بيئة تعج بالجماعات والحركات الدينية المتطرفة فيتو ترصد تطور هذه الجماعة.


ما الأحمدية العالمية ؟

تأسست الأحمدية كحركة إسلامية تجديدية عالمية، في عام 1889 بقاديان، إحدى القرى بالبنجاب في الهند، على يد ميرزا غلام أحمد القادياني.

وأعلن وقتها أنه الشخص الموعود الذي بشّر به رسول الإسلام، والذي ترتقب بعثتَه مختلفُ الديانات بحسب نبوءاتها وبشاراتها وتسمياتها له، ويعتقد الموالون لهذه الجماعة أنها النشأة الثانية الموعودة للإسلام، والظهور الآخَير لجماعة المسلمين الملحقة بالأولين التي أنبأ عنها القرآن الكريم، وهي من وجهة نظر أتباعها الفرقة الناجية الموعودة والمقدَّر ظهورها بعد مرحلة الفُرقة والاختلاف والضعف والفساد الذي سيصيب الأمة، لتنشأ من هذه الأجواء «خلافة راشدة ثانية» على منهاج النبوة.

170 دولة
يتبع الجماعة عشرات الملايين من نحو 170 دولة، معظمهم في جنوب شرق آسيا وغرب أفريقي، ويقع المركز العالمي للطائفة في لندن، وتُكلف الجماعة نفسها بما تسميه «إكمال تبليغ رسالة الإسلام إلى العالم كله» ليتحقِّق على يديها وعود النصرة، وإعادة الإسلام والمسلمين إلى الأمن والسلم والمجد؛ فهي حسب بيان التعريف عنها، ليست حركة دينية تقوم على اجتهادٍ نتيجة ظرف معين، كما أنها ليست مذهبا فكريا يهدف للرد على مذاهب أخرى، وهي أيضا ليست جماعة سياسية بلباسٍ ديني تطمح لتحقيق مصالحها الإقليمية أو العالمية.

تعتبر «الأحمدية العالمية» نفسها جماعة المؤمنين، التي تحمل على كاهلها عبء نشر الدعوة الإسلامية الحقَّة ورسالة الإسلام السامية، وتبذل الغالي والنفيس في سبيل إظهار صدق الإسلام وصدق النبي، وتربية المؤمنين وتعليمهم الكتاب والحكمة والإسلام الحقيقي الأصيل.

كما تعمل على تجديد إيمان المسلمين برؤية آيات النصرة والتأييد الإلهي، بعد أن انحرفوا من وجهة نظرها عقديا وعمليا، وأصبح الإسلام جسدا بلا روح، وتفرق أبناؤه واختلفوا وفشلوا وذهبت ريحهم بسبب فسادهم وفساد زعامتهم، مما أدى إلى وقوعهم تحت طائلة غضب الله تعالى وعقابه.

نشأتها في مصر
بحسب موقع الجماعة، يبلغ عددهم بالآلاف في مصر، وينشطون بشكل سري، في كافة المحافظات، ومن كافة الشرائح الاجتماعية وخصوصا الأكثر فقرا؛ لا يتحرك الأحمديون بشكل عشوائي، بل وفقا لمخططات محكمة، كان آخرها ما تمخض عنه اجتماعهم في بيروت منتصف 2011، والذي ضم عددا من قياداتهم في مصر وباكستان وإيران، وكان هدف الاجتماع واضحا، بحث كافة السبل ليس لتعزيز وجودهم وتوسيع قاعدتهم في أرض الكنانة بمرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، ووضع خارطة طريق لتحركاتهم العلنية، مع اعتماد خطة سرية بديلة في حال تعرضت الأولى للفشل.

كان عام 2010 مشئوما عليها، حيث تم القبض فيه على مجموعة من أتباعها، واتهموا باعتناق أفكار تخالف بشكل صريح الشريعة الإسلامية، واتخاذ مكان في منطقة المقطم لإقامة شعائر الحج وإنكار الأحاديث النبوية وعدم جواز الصلاة خلف المسلمين، وبعد تسليط الضوء على الجماعة الغامضة، بدأت أفكارها تظهر للعلن بعد عقود طويلة من العمل السري، أهمها إنكار الأحاديث النبوية، وتحريم الصلاة خلف المسلمين، واقتصار صلواتهم على مساكن عناصر الجماعة بالمقطم، وتكفير كل من لا يؤمن بأفكار الطريقة القاديانية.

العمل السري
في عام 2011، اجتمع زعماء الجماعة المصريون، وبحثوا كيفية التخلي عن العمل السري الذي اتبعته على مدى عقود، والضغط على الحكومة المصرية لإنشاء مساجد تابع لمنهجهم، ونظموا اعتصامات أمام وزارة العدل ورئاسة مجلس الوزراء، تحت شعار حرية الاعتقاد وحقوق الأقليات في مصر، في محاولة منهم للحصول على شرعية قانونية ودينية، إلا أن مجمع البحوث الإسلامية، رفض الاعتراف بالجماعة، وأكد أنها تخالف صحيح الدين والعقيدة الإسلامية، ووصفها بالمرتدة ومنعها من دخول مساجد المسلمين.

تمويل الجماعة

وتعتمد الجماعة في تمويلها على جمع التبرعات والاشتراكات الشهرية وتحصيل نسبة من دخل عناصرها، وتعقد اللقاءات الأسبوعية في حي المقطم، لأداء صلاة الجمعة داخل إحدى الشقق والاستماع إلى خطب أمير الجماعة الحالي عن طريق شبكة الإنترنت.

يرى طارق البشبيشي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن الربيع العربي صاحب مسئولية فكرية وسياسية وأخلاقية كبرى، في تعاظم تحركات مثل هذه الجماعات على أرض مصر.

وأوضح القيادي السابق بالإخوان، أن نتائج الثورات كانت تتطور لإحداث فوضى كبرى، والتحول بمكر خفي لتدمير الهوية العربية وخاصة المصرية، مشيرا إلى أن المشهد بأكمله كان يحمل خلطا عجيبا من السلفية والحركات الدينية للسير على طريق تدمير الوطن، وهو المخطط الذي وقفت أمامه القوات المسلحة بالتعاون مع أبناء مصر المخلصين، مشددا على ضرورة محاصرة هذه الحركات المتطرفة وغيرها حفاظًا على سلامة أركان الدولة المصرية.
الجريدة الرسمية