رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

علي الدين هلال: وثائق «بي بي سي» عن موافقة مبارك على توطين الفلسطينيين «غير حقيقية»

فيتو

  • مصر تعيش مرحلة "إعادة تأهيل"
  • علينا الرد على ادعاءات توطين الرئيس الأسبق للفلسطينيين قبل أن تتحول الأكاذيب إلى حقائق
  • سيناء السيناريو الأهم بين سيناريوهات "الصفقة الكبرى" التي تديرها أمريكا
  • انتظروا أحاديث حول أن الأردن هي "الوطن البديل"
  • مقاطعة الدول الأربع لـ"الدوحة" سيعمل على تقليل دورها في "دعم الإرهاب"
  • النخبة الحاكمة في قطر ترغب في إثارة الأوضاع دائما
الهدوء الواضح على شخصية الدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية، يمنحه مساحة كافية لتقدير كيفية مواجهة وقراءة وتحليل الأمور، ويعطيه الفرصة كاملة لرؤية المشهد من جميع الزوايا، ليخرج في النهاية برأي يكون الأقرب إلى الصحة، فالرجل الذي عاصر أنظمة عدة، تعاون مع عدد منها، وتعلم من عدد منها، وراقب تحركات عدد آخر منها، يمتلك بعد هذه السنوات الطويلة رؤية ثاقبة وتحليلا جيدا لجميع المشاهد.

الدكتور علي الدين هلال، لا يمتلك فقط تحليلا واقعيا للداخل المصري، لكنه يعي جيدًا الوضع الإقليمي، ولديه نظرة واقعية، ودراية جيدة بالملفات الخارجية، حيث تحدث خلال استضافته في صالون "فيتو" عن الأوضاع في القاهرة، وانتقل من العاصمة المصرية، إلى دمشق، ليتحدث عن الأوضاع هناك، ويقدم رؤية محايدة للواقع السوري، وتوقع لـ"المستقبل" هناك.. كما تحدث أيضا عن الدورين الأمريكي والروسي في المنطقة، والخطوات التي تتخذها الإدارة المصرية لـ"ضبط الأوضاع" في الشرق الأوسط. 

"الصفقة الكبرى ووثائق توطين الفلسطينيين في سيناء".. ملفان تحدث عنهما الدكتور "علي"، وقدم رؤيته الخاصة للأمر، وبـ"ميكروسكوب" الباحث السياسي المتمكن وجهة نظره في الأمر.. وكان الحوار التالي:


بداية.. خلال الأيام القليلة الماضية تم إذاعة تقارير إخبارية تشير إلى موافقة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك على مقترح "توطين الفلسطينيين في سيناء".. ما حقيقة هذا الأمر؟
هذا الكلام يدعو للدهشة، وأعتقد أنه خبر لا تدعمه الأدلة، فضلا عن أنه لم يشر إليه أي دبلوماسي مصري ممن كتبوا مذكراتهم عن هذا الأمر، وأخشى أن يكون توقيت الإعلان عن هذه الوثائق التي تحدثوا عنها مرتبطا بالتصريحات الإسرائيلية بهدف الترويج للأمر، وإعادة طرح فكرة التوطين للفلسطينيين أو جزء منهم في سيناء كأحد سيناريوهات الحل، وبالتالي لا بد أن تتعود الأذن المصرية على هذه النغمة، لأن من يقرأ الخبر بدقة يجده ملتبسا فمرة يتحدث عن الفلسطينيين من لبنان وأخرى يتحدث عن الوثائق وأن مبارك قابل تاتشر وهو قادم من لندن.

وأرى أن القول الفصل لهذه الواقعة أن تنشر الـ"بى بى سى" الوثائق، وأنت تعلن وزارة الخارجية البريطانية أنها وثائق أصلية، ثم تُظهر الحجة عليه، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا الأمر يجب أن يكون السفير المصري في بريطانيا على علم به وكذلك جهاز المخابرات.
وأكرر أن هذا الخبر لا أساس له من الصحة ومضمون وتوقيت إعلانه له هدف سياسي، وأتمنى على المسئولين بالدولة أو من كانوا يشغلون منصبا سياسيا قريبا من الحدث أن يدلوا بشهادتهم؛ لأن تداول مثل هذه التصريحات في الأوساط العالمية يمكن أن يحول الأكاذيب إلى حقائق.

بالتزامن مع "وثائق التوطين" يجري الحديث عن "الصفقة الكبرى".. هل يمكن أن تحدثنا عن أطرافها وتفاصيلها من واقع قراءتك للمشهد؟
الطرف الرئيسي في هذه الصفقة الولايات المتحدة الأمريكية، فقد عينوا سفيرا من المتعصبين لإسرائيل وزوج ابنته الممثل السياسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال أستطيع أن أصل بالصفقة لحماية أمن إسرائيل ونعطي للفلسطينيين حلم الدولة، فهي لن تخرج عن الضفة الغربية لتكون دولة فلسطين لها مساحة أرض وعلم لكنها منزوعة السلاح، ولإرضاء العرب والفلسطينيين تُمنح جزء من القدس الشرقية ليقال عليها القدس عاصمة فلسطين وهي قرية بوديس مع تعهدات بحرية العبادة في الأماكن المقدسة.
أما الهدف الثاني، أو الحلم الثاني من الصفقة الكبرى هو سيناء وهي منطقة صحراوية، وبها عدد محدود من السكان، وبالتالي يمكن إجراء تبادل أقاليم وتظل مساحة مصر كما هي، حيث يتم منح الفلسطينيين جزء من سيناء مقابل الحصول على جزء من صحراء النقب مساوي وهذا هو الحل المثالي للصفقة، لكن تمرير هذا الأمر صعب جدا في مؤتمر دولي لمستقبل الشرق الأوسط.
أما البعد الثالث للصفقة الكبرى فيتمثل في القول إن الأردن هي فلسطين، أي فكرة الوطن البديل، ويمكن القول إن المحاور الثلاثة السابق هي السيناريوهات الخاصة بـ"الصفقة الكبرى"، وإن كانت الصورة غير واضحة حتى الآن.

"صفقة كبرى"..و"وثائق مجهولة".. وحروب دائرة في الشرق الأوسط.. وسط هذا كله كيف ترى المشهد السياسي على الساحة الإقليمية في الوقت الحالي؟
الشرق الأوسط هو مرجل الصراعات والعنف في العالم وعندما نتأمل المشهد الراهن نجد عشرات الصراعات والأزمات، وتعدد الفاعلين بين دول وعشائر وحرب بالوكالة من خلال تمويل إقليمي أو دولي لجماعات العنف، وعندما يتوقف التمويل يتوقف النشاط الذي يقدم لنا على أنه ثورة، وبالتالي نحن أمام منطقة مدججة بالسلاح لدرجة أن منطقتنا العربية تتم بها نصف تجارة السلاح في العالم، وهو ما يؤدي إلى مزيد من استخدام الآلة العسكرية لحل الخلافات، بدليل أن المنطقة أصبحت مليئة بالمرتزقة في سوريا من إيران وباكستان وأفغانستان وأذربيجان والشيشان، لدرجة أن نصف عدد اللاجئين في العالم من الشرق الأوسط سوريا وليبيا واليمن والعراق، لدرجة أن الأمر وصل في سوريا إلى حروب الـ"ريموت كنترول" من خلال تمويل وزارة الدفاع الأمريكية لفصيل وتمول المخابرات الأمريكية فصيلا آخر، ما أدى لظهور مصطلح جديد وهو "خصخصة الحروب"، وأمريكا أدخلت هذا الأمر من خلال شركات أمن مقاتلة "البلاك وتر" وطالبت العراق بتوقيع عقود مع هذه الشركات لمنحها حصانة.

ماذا عن الحرب
على الإرهاب التي يمكن القول إن غالبية الدول العربية أعلنتها في الفترة الأخيرة؟ وهل هناك أطراف عربية من مصلحتها استمرار الحرب تلك؟
صحيح الخريطة الحالية مزعجة، فالإرهاب أصاب غالبية الدول العربية، عدا قلة وهى المتواطئة أو المتفاهمة بدليل عدم حدوث إرهاب في السودان أو قطر، عكس ما يحدث في سوريا والعراق والمغرب وتونس والجزائر والمغرب، ومصر، وهو ما دفع القاهرة للتحرك سريعا لعمل مصالحه في جنوب السودان ومصالحة فلسطينية بين حماس وفتح، لدرجة أن وفد مصر مقيم هناك للمشاهدة والتدخل وقت اللزوم لحل أي مشكلة، خاصة أن اللجوء إلى السلاح أصبح السمة العامة، والميل إلى العنف من جانب الجماعات الإرهابية، أضف إلى ذلك وجود مفهوم جديد لا يتحدث عنه الإعلام وهو "الحروب السرية" التي تديرها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا.

ماذا الذي تقصده بـ"الحروب السرية"؟
هذه النوعية من الحروب ذكرت في تقرير صدر عن البنتاجون، يقول إن هناك مستشارين من دول عظمى في عدد من الدول العربية سواء قوات أمريكية في سوريا والعراق أو خبراء في مصانع لبيع السلاح، بدليل أن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية للطائرات بدون طيار ازداد في الفترة الأخيرة، بهدف تحقيق أغراض عسكرية معينة، وهنا لا بد أن نكشف حقائق مهمة وهي وجود قوات أمريكية وفرنسية وإيطالية في ليبيا.

وهدف الحروب السرية الاعتماد على المرتزقة وعناصر داعش أحد أهم أفرع "المرتزقة" فرغم هزيمتهم فإن هذا لا يعني هزيمة فكرهم رغم قتل غالبية قاداتها وتدمير تنظيمها، لكن المؤكد أن هناك دولا تتعامل معهم حتى وقتنا الحال، وإذا نظرنا لمشكلة الحدود بين سوريا ولبنان نجد أن داعش كانت عناصره موجودة في الجبال وتم تركها، بل إنه عند حصار الرقة من كل جانب خرجت عناصر داعش وكان الشرط ألا يخرج الأجانب أي إن الدول الأجنبية لم تكن ترغب في خروج أبنائها، بل هناك تقرير يؤكد أن هذه الدول أرسلت قوات خاصة للتخلص من أبنائها، وهنا لا بد أن نذكر أن تركيا تعاونت مع داعش طوال الفترات الماضية من خلال تهريب السلاح لهم وذهاب المصابين إليها.

بعد القضاء على الصراع في اليمن وسوريا والعراق.. كيف ترى عملية "إعادة الإعمار"؟
مما لا شك فيه أن الصراع في اليمن وسوريا والعراق، سيخلف آثارا نفسية تدميرية على الأطفال نتيجة التشوه الديموجرافي وفقدان الشباب بأعداد كبيرة، وهذا طبيعي لأن أي صراع له جوانب نفسية واجتماعية، وهنا لا نغفل اللاعبين الأساسيين في الصراع وهما أمريكا وروسيا، فأمريكا هي القوى المتسيدة في المنطقة العربية إما من خلال المساعدات التي تقدمها أو من خلال علاقاتها السياسية، أو من خلال بيع السلاح نتيجة سياسة أوباما وانحيازه لشعارات الربيع العربي، إلا أن أمريكا فقدت ثقة العديد من الدول العربية فيها رغم محاولتها بإعلان رفضها الإرهاب ومعارضته، لكنها في الوقت ذاته لم تتخذ أي إجراءات عسكرية ضد داعش، ما أعطى الفرصة لروسيا أن تجمع في يدها القرار في سوريا ولا يمكن الوصول لحل دونها فعملت مؤتمر الأستانة وعملت مباحث سوتشي وجذبت تركيا أحد أعضاء حلف الأطلنطي، وقامت بعمل "ترويكا ثلاثية" من روسيا وتركيا وإيران ووقعت اتفاقيات عسكرية واقتصادية، إضافة إلى محاولتها تحسين علاقتها بالدول العربية، وأصبح من الصعب التنبؤ بمستقبل المنطقة دون النظر إلى الدور الروسي، والحقيقة المؤكدة أن التدخل الروسي في سوريا قلب الميزان، وستكون له نتائجه على المنطقة ككل بعد إنقاذ "بشار".

لا نزال في منطقة الحديث عن الإرهاب.. صراحة هل تعتقد أن قطر أصبحت تشكل عقبة أمام استقرار المنطقة في ظل دعمها الإرهاب؟
طبعا.. إذا لم تشكل الدول الأربع "مصر والسعودية والإمارات والبحرين" مقاطعتها ستظل قطر مستمرة وهذا يعود إلى أن النخبة القطرية لديها عقيدة ثابتة السبب في تمسكها بالحكم، رغم أن هذا سيؤجل مشاريع التنمية فيها ويمكن أن يحرمها من تنظيم كأس العالم وتسبب في ارتفاع الأسعار لديها بشكل مخيف، والمشكلة أن كل الدول الكبرى ارتبطت بمصالح مع قطر واستفادت من الأزمة وباعت لها السلاح.

وكيف ترى الدور الإقليمي لمصر الآن في ظل محاولاتها لاحتواء الأزمات التي يعاني منها جيرانها؟
مصر لها دور إقليمي مهم لكن لا بد أن ندرك أن هذا الدور لم يكن كما كان عليه أيام عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات، فمصر كانت في هذه الحقبة أغنى الدول العربية اقتصاديا فكانت أعلى من ماليزيا ولم يكن هناك تغيير في دول الخليج التي أصبح لديها الثراء الآن واستخدمته في بنية أساسية واقتصادية وبناء قوى عسكرية، ومن ناحية أخرى ازدادت مشكلات مصر من مياه وزيادة السكان وكانت الطامة الكبرى توقف الإنتاج 5 سنوات، وتفرغ عدد كبير للتظاهرات واتهامات الخيانة لكن يحسب لنا أننا لم نتورط في مستنقع الدم العربي.
والرئيس السيسي متفهم هذا الأمر جيدا ونحن نعبر عن هذا الرأي دون التوسط العسكري، لأنه له بداية وليس له نهاية، فالمهمة الأولى لمصر والمصريين وكلام الرئيس هي إعادة تأهيل مصر وبناء وتحديث قدراتها الذاتية، والرئيس السيسي يتبع سياسة حكيمة في تعامله مع مشكلات دول الجوار نابعة من المصالح المصرية والالتزام بالأمن العربي، وبالتالي الواضح أن الهدف تنموي وزيادة قدرات مصر اقتصاديا وعسكريا وجزء من هذا مواجهة التحديات وهما التحدي في الغربي القادم من ليبيا وفلسطين من الشرق، وبالتالي ستجد علاقتنا مع حفتر أخوية، بدليل تدخل الطيران المصري لضرب الإرهاب دفاعا عن وأولادنا، ولحماية حدودنا على مدى الـ24 ساعة، والتحدي الفلسطيني لوجود حدود مشتركة ومعظمها خالٍ من السكان وكانت تسيطر عليه حماس رغم أن حماس ثبت قضائيا انتهاكها السيادة المصرية واقتحام سجن وادي النطرون لإخراج سامي شهاب فإن مصر عملت على إنهاء المشكلة بين حماس وفتح.
وكيف ترى مستقبل المشكلة السورية.. ووفقا لمعطيات الوضع القائم إلى أي مدى ترى إمكانية التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة؟
عندما يتصدر السلاح المشهد، فالقوي يكسب، والحرب انتهت في سوريا بتوازن على الأرض، وبالتالي الجلوس على مائدة المفاوضات يعطي مكاسب أكثر من التي تحصل عليها بتوازن الأرض، وبالتالي بشار الأسد طرف أصيل في الحل، قلت إن سوريا ساحة قرار الحل ليس بيد المعارضة أو بشار إنما بيد الممول الأمريكي والسعودية والإمارات، ولا بد أن يكون هناك حل توافقي وإقليمي ودولي وفي النهاية سيصبح روسيا– أمريكيا، وسوف تستمر الأزمة طالما هناك صراع أمريكي– روسي وصراع سعودي- إماراتي من ناحية وتركي قطري من ناحية أخرى.

من سوريا إلى لبنان.. هل تعتقد أن حزب الله يشكل عقبة في استقرار الوضع السياسي في لبنان؟
لا بد أن ندرك من البداية أن حزب الله هو تعبير عن الشيعة، وبالتالي هو جزء أصيل من المجتمع اللبناني ومقبول للقوى السياسية اللبنانية والاتفاق السياسي الذي تم بين ميشيل عون وسعد الحريري، يؤكد وجوده على الساحة اللبنانية والحزب لا ينكر دعمه من إيران ويخدم مصالحها من خلال وجوده في سوريا وتعاونه مع الحوثيين ومهما كان لنا عداء مع حزب الله فلا نفتعل حربا في ظل الضغوط الاقتصادية، وبالتالي الحزب ليس عقبة أمام استقرار الوضع في لبنان.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
Advertisements
الجريدة الرسمية