رئيس التحرير
عصام كامل

التشميس والتغريب.. جزاء من يرفض الأحكام العرفية في الفيوم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

رغم انتشار ظاهرة الثأر في صعيد مصر فإن الفيوم أقل المحافظات تفعيلا لها، حتى وإن كانت هناك بعض الحالات التي قد تخرج خارج القاعدة، وتصر على الثأر حتى لو كانت هناك جلسة عرفية، وحتى لو قدم الجاني الكفن أو دفع الدية المحكوم بها.


ويرجع الفضل في تقليل ظاهرة الثأر بالفيوم إلى المجالس العرفية، التي تعتبر إحدى أهم الركائز في الاستقرار والأمن في الفيوم بصفة خاصة ومصر عمومًا.

والمجالس العرفية في قرى الفيوم حلت كثيرًا من مشكلات الثأر وهي لا تفرق بين مسلم أو مسيحي في الأحكام وليس للديانات أي أهمية في هذه المجالس حتى أنها لا تذكر في محضر الجلسة الذي يسجله أحد المحكمين ويكون نافذًا بمجرد توقيع الطرفين عليه ويمتد نفاذ المحاضر المجالس العرفية إلى المحاكم المدنية.

ويلجأ أبناء القرى سواء عائلات أو قبائل إلى الجلسات العرفية لحل مشكلاتهم، وحتى وإن كانت مشكلات دم، وقليل جدا من الأطراف المتناحرة يعتبر المجلس العرفي مسكن حتى يثأر لقتيله من عائلة الجاني، ويحتفظ بالدية حتى يعيدها إلى صاحبها بعد الثأر منه.

وقال أحمد فهيم أحمد محكم عرفي، إنه في بداية كل جلسة يوقع الطرفان على شرط قبول تحكيم لتكون أحكام المجلس نافذة لدى القضاء المدني، وهناك لوائح وقوانين متعارف عليها بين المحكمين ويتم الحكم فيها في كل حالة على حدة، كأحكام الاعتداء على النساء مهما كان خطأها، وأحكام الدم والإصابات والعاهات المستديمة والمؤقتة، والعجز الكلي والجزئي، كل حالة لها حكمها بحسب عادات القبائل والعائلات.

وأضاف فهيم أنه عادة يتكون المجلس العرفي من أشخاص مشهود لهم بحسن السمعة والأمانة وغالبًا ما يكونوا من كبار القبائل أو العائلات وكان للمجالس العرفية دور مهم في حفظ الأمن في كل قرى الفيوم وكثير من قرى مصر أثناء فترة الانفلات الأمني عقب ثورة يناير.

ويستطيع المجلس العرفي تسوية أي مشكلة في ساعات قليلة بعكس القضايا والنزاعات التي تحال إلى ساحات المحاكم تستمر لسنوات طويلة دون حلول، ولا تلجأ المجالس إلى تأجيل المشكلة محل النزاع حتى ولو كانت مشكلات ثأر إلا في حالات يرى فيها المحكمون أن انعقاد الجلسة قد يزيد من اشتعال الفتنة.

وأحكام المجالس العرفية نافذة على الجميع ولا يجوز الطعن عليها أمام محكمين غيرهم ومن لا يلتزم بقرار الجلسة يقوم كبير عائلته بطرده من القرية ويفعل ذلك شيخ القبيلة إن كانت الجلسة بين قبيلتين وهذا يطلق عليه لفظ التشميس، أما التغريب فهو الحكم بالخروج من القرية لفترة محددة أو النفي النهائي من القرية وهذا يكون بحكم صادر عن المجلس.

وأكد المحكم العرفي أن عقوبة التجريس سواء بركوب المتهم دابة أو أن يجوب الشوارع ليس موجودًا في التحكيم العرفي؛ لأن المحكم العرفي يحافظ على آدمية الشاكي والمتهم في آن واحد.
الجريدة الرسمية