رئيس التحرير
عصام كامل

القمامة تحاصر قبر الأمير منكلي بغا الفخري بقرافة المماليك

فيتو

حاصرت القمامة قبر الأمير منكلي بغا الفخري بقرافة المماليك الشرقية وحولتها إلى مقلب للقمامة وظهر عليها ملامح الإهمال حتى تهدمت جدرانها وتحولت إلى أطلال.


وتقع تربة الأمير منكلي بغا الفخري في الجهة الجنوبية من منشأة السلطان قايتباي وبجوار قبة سعد الدين بن غراب، وتتمثل البقايا الموجودة من هذه التربة في مساحة مستطيلة يبدو من بقاياها أنها كانت معقودة بقبو ويتوسط صدرها المحراب وتعلوه نافذة ثلاثية الفتحات معقودة كل واحدة منها بعقد منكسر، وعلى جانبي هذه المساحة الوسطى ايوانين صغيرين – سدلتين – كل منهما عبارة عن مساحة مستطيلة معقودة بعقد مدبب يمتد للداخل على هيئة قبو، وبالأيوان البحري تركيبة مؤرخة بعام 931هـ/1525م)، وشاهد قبر الأمير منكلي بغا الفخري بالخط النسخ المملوكي الجميل ويحيط بجوانبه الثلاثة آية الكرسي، أما مقدمة الشاهد نص من ثلاثة أسطر:
 
1- "هذا" القبر المبارك قبر المرحوم منكلي بغا الفخري تغمده الله بالرحمة والرضوان
2- " وجدده " العبد الفقير إلى الله الغني محمد بن شهاب الدين السهروردي البكري
3- " وذلك في " يوم ثاني عشر من شعبان سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة من الهجرة.

صاحب هذا القبر " التربة" هو الأمير سيف الدين منكلي بغا بن عبدالله الفخري الناصري، أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن السلطان المنصور قلاوون، وكان الناصر محمد – والحديث لابن حجر في الدرر الكامنة – رقاه إلى أن صيره أحد الأمراء بدمشق سنة 739هـ وكان حسن الشكل بسام الثغر فيه خير ومروءة وعصبة رحمه الله تعالى.

توفي السلطان الناصر محمد بن قلاوون عام 741هـ/1340م وتعاقب على السلطنة أولاده الصغار على فترات صغيرة متعاقبة وفي سلطنة الصالح إسماعيل بن الناصر محمد عام 744 هـ صار الأمير منكلي بغا الفخري أمير جندار – وهو من يستأذن في دخول الأمراء بين يدى السلطان - وفي أيام الملك المظفر حاجي بن الناصر محمد استقر الأمير منكلي بغا في نيابة طرابلس في مستهل شهر المحرم عام 748هـ، إلا أنه عزل في شهر جمادى الآخرة من العام ذاته وعاد إلى القاهرة.

وفي شهر رمضان من عام 748هـ جلس السلطان الناصر حسن بن محمد علي أريكة الملك وكانت سلطنته الأولى وفيها صار الأمير منكلي بغا الفخرى أحد أمراء المشورة والتدبير التسعة وإلى هؤلاء يرجع الأمر في تدبير أمور المملكة فقد كان الناصر حسن يومئذ دون أحد عشرة سنة، وما زال أمر الأمير منكلى بغا في إقبال حتى صار أتابكا للعساكر في شهر ذي القعدة عام 751هـ.

وكان الأمير منكلي بغا الفخري مشاركا فعالا في أحداث عصره وكان ممن خرجوا على السلطان الناصر حسن وأجلسوا أخيه الملك الصالح صالح على كرسي السلطنة في شهر جمادى الآخرة عام 752هـ.

ويذكر ابن تغرى بردى في النجوم الزاهرة ( ومشت الأمراء والأعيان بين يدى السلطان الصالح صالح والأمير طاز والأمير منكلي بغا الفخري آخذان بشكيمة فرسه وجلس على تخت الملك ولقب بالملك الصالح).

ويستكمل ابن اياس في بدائع الزهور (ولما تم أمر الملك الصالح فوض أمور المملكة كلها إلى الأمير طاز وصار صاحب الحل والعقد في أيام دولته فشق ذلك على بقية الأمراء وعلى رأسهم الأمير منكلي بغا الفخري ودبت بينهم عقارب الفتن).

وشق الأمير منكلي بغا عصا الطاعة ولبس هو وأعوانه آلة الحرب، ولما بلغ السلطان الملك الصالح ذلك أعلن " بأن منكلي بغا رجل فتنى " ونادى في العوام : من وجد مملوكا من مماليك منكلي بغا قتله، ووقع القتال بين الفريقين وانكسر في نهايتها الأمير منكلى بغا، وأمر السلطان الصالح صالح بسجنه في خزينة شمايل ثم أرسل بعدها إلى السجن بثغر الإسكندرية وذلك في شهر رجب عام 752هـ وكان ذلك آخر العهد بالأمير منكلى بغا الفخري حيث توفى بمحبسه بثغر الإسكندرية في مستهل جمادى الأولى عام 753هـ ودفن بتربته بقرافة المماليك الشرقية.
الجريدة الرسمية