رئيس التحرير
عصام كامل

قوات الحماية المدنية يتصدرون المشهد بين ركام عقار روض الفرج

فيتو

في تمام الثامنة من صباح اليوم، استيقظ سكان "حارة البرنس" بمنطقة روض الفرج بالقاهرة، على كارثة، أرقت سكينتهم التي كانت تُخيم على هذا الحي البسيط المتآلف، ثلاثة عقارات تساووا والأرض، وعم الخراب في أرجاء الحارة المصرية العتيقة.


كان رجال الحماية المدنية هم أول من حضروا إلى هذا المكان بزيهم "البرتقالي" المميز، وخطواتهم السريعة الدؤوبة، ليكونوا في صدارة المشهد كما اعتدناهم عند كل كارثة تلم بالأهالي.



"والله هما بلغونا إن في حادث كبير في منطقة ترعة بدران في شبرا مصر جرينا على هنا".. هكذا بدأ محمود، أحد رجال الحماية المدنية حديثه عن معاركه مع الموت، قائلا كل يوم بلاقيه أنا وزملائي في هذه الساحة أو تلك، نعقد العزم على هزيمته، ولو دفعنا ذلك إلى الإلقاء بأنفسنا وسط الهلاك.



لم تمر سوى ساعات، ليتحول مظهر رجال الحماية ويتبدل تماما، ويقول عم محمود "بندخل بحال ونخرج بحال"، الغبار يكسو كل قطعة قماش تلتحم بأختها، يتسلل إلى الشعر والوجه الريفي الهادئ، مضيفا "أنا بقالي عشر سنين في الشغلانة دي، الشغلانة دي عظيمة كفاية إنك بتنقذ أرواح من موت ساعة غدر"، يتحدث عم محمود، وهو يبحث عن زجاجة مياه يبلل بها شفتيه المغطاة بالغبار.



تدافع المتفرجين من أبناء الحي والأحياء المجاورة، يعوق عملهم معظم الوقت، فهم حينما يقع الحادث في منطقة شعبية، فعلينا تحمل عبئين، عبء إنقاذ الضحايا، وحماية العشرات الذين دفعهم الفضول للحضور إلى موقع الحادث.



وكلما حاولت قوات الحماية رفع الأنقاض لاستخراج الضحايا، يتصاعد الغبار لأعلى، "مبتعديش ساعة على الحدث إلا ويصاب نصنا باختناق".



في تمام الواحدة والنصف، يخترق صوت الجموع المحتشدة من رجال الحماية المدنية والأهالي قائلا، "فيه حد بينازع تحت أعدوا باقي الفرقة"، فيتم تعزيز الفرقة المتواجدة بالداخل، والمطوقة بفعل رجال الأمن بآخرين جدد، ما زالت ملابسهم زاهية، لكنها ستؤول إلى نفس الوضع بعد دقائق!



قوات الحماية المدنية لم يكونوا هم الأبطال الوحيدين في المشهد، فهؤلاء الشباب الذين أتى معظمهم من صعيد مصر لتأدية الخدمة العسكرية، كونوا صفا متراصا ليحولوا بين العقارات المهدمة والمتفرجين، بلهجة صعيدية يتحدث أحدهم، "والله ما اعرف أنا جاي هنا ليه إلا من شوية".
الجريدة الرسمية