رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

العدوان الأمريكى الصهيونى.. والعجز العربي !!


لم يكن العدوان الأمريكى الصهيونى على القدس يوم الأربعاء الماضى، عبر إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس، واعتبارها عاصمة للعدو الصهيونى، هو العدوان الأول الذي استهدف فلسطين العربية، فمنذ مائة عام بالتمام والكمال 1917 كانت هذه الأرض العربية المنكوبة موعودة بالمنح للعدو الصهيونى، من خلال العدو البريطانى، الذي كان يحتل جزءا كبيرا من وطننا العربي ومنه فلسطين العربية، حيث أرسل آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا في حكومة ديفيد لويد جورج في ذلك الوقت رسالة إلى اللورد ليونيل وولتر دى روتشيلد أحد أهم الأثرياء اليهود البريطانيين، يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومى لليهود في فلسطين.


وللحقيقة لم يكن روتشيلد مقتنعا بمسألة الوطن القومى لليهود عند بدايتها على يد "هرتزل"، ولكن أمران حدثا غيرا من توجه آل روتشيلد، أولا: هجرة مجموعات كبيرة من اليهود إلى أوروبا، ورفضت الاندماج في مجتمعاتها الجديدة، وهو ما أدى إلى بروز بعض المشكلات تجاه اليهود، بل وبين اليهود أنفسهم، فكان لابد من حل لدفع هذه المجموعات اليهودية بعيدا عن مناطق المصالح الاستثمارية لآل روتشيلد.

وثانيا : ظهور التقرير النهائي لمؤتمرات الدول الاستعمارية الكبرى في عام 1907، والمعروف باسم تقرير "بازمان" وهو رئيس وزراء بريطانيا حينئذ، والذي يقرر أن منطقة شمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط هي الوريث المحتمل للحضارة الغربية الحديثة، لكن هذه المنطقة تتسم بالعداء للحضارة الغربية، لذلك يجب العمل على تقسيمها، وعدم نقل التكنولوجيا الحديثة إليها، وإثارة العداوة بين طوائفها، وزرع جسم غريب عنها يفصل بين شرق البحر المتوسط والشمال الأفريقي، ومن هذا البند الأخير، ظهرت فائدة إقامة دولة يهودية بفلسطين، وهو الأمر الذي استثمره دعاة الصهيونية، وعلى ذلك تبني آل روتشيلد هذا الأمر، حيث وجدوا فيه حلا مثاليا لمشكلات يهود أوروبا.

وفيما يتعلق بنص رسالة وزارة الخارجية البريطانية لروتشيلد فقد جاءت على النحو التالي: عزيزى اللورد روتشيلد يسرنى أن أبلغكم "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومى للشعب اليهودى في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

وبذلك جاء الوعد عبارة عن عدوان صريح وواضح ضد الشعب العربي في فلسطين، حيث وعد من لا يملك من لا يستحق، وكان العدو الأمريكى شريكا مع بريطانيا حيث قامت الحكومة البريطانية بعرض نص تصريح بلفور على الرئيس الأمريكى ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره.

وكان العدوان الأول في ظل عجز عربي واضح، حيث كان الوطن العربي مقسما بين القوى الاستعمارية الكبري في العالم في ذلك الوقت(بريطانيا – فرنسا)، لذلك عندما أعلنت بريطانيا إنهاء انتدابها على فلسطين في عام 1948 وغادرت قواتها، أصدرت الأمم المتحدة قرارا بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية، وكان بالطبع عدوانا جديدا على الأرض والشعب العربي الفلسطينى، وهنا عارضت الدول العربية التي كانت لاتزال محتلة القرار وجهزت نفسها لدخول الحرب لطرد العصابات الصهيونية المسلحة من الأرض الفلسطينية المغتصبة، وكانت النتيجة هزيمة ساحقة للجيوش العربية بعد خيانات عربية من قبل بعض الأنظمة الرجعية في ذلك الوقت، وهو ما يعنى قمة العجز العربى.

وبعد النكبة بدأت الدول العربية المحتلة في الحصول على استقلالها تباعا، وفى تلك الأثناء برز اسم الزعيم جمال عبد الناصر ذلك القائد الذي شارك في حرب فلسطين، واستقر في وجدانه أن العدو الصهيونى هو عدونا الأول، لذلك جعل قضية فلسطين هي القضية المركزية لمشروعه القومى العربي، وبدأ في السعى لتوحيد الصف العربي والاستعداد لمواجهة العدو الصهيونى، لكن وللأسف الشديد تلقى طعنات غادرة من الرجعية العربية مما أدى إلى حدوث نكسة 1967 واكتسب العدو الصهيونى أرضا جديدة ليس فقط في فلسطين بل في مصر وسورية والأردن، وهو ما عبر عن العجز العربي في مواجهة العدو الصهيونى.

واستمر الصراع العربي – الصهيونى، وقرر جمال عبد الناصر إزالة آثار العدوان، وبدء حرب الاستنزاف والتي كبدت العدو الصهيونى خسائر باهظة، حاول العدو عقد صلح ومهادنة مع عبد الناصر لكنه رفض، وأعلن أنه لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وفى لحظة حاسمة توحدت الإرادة العربية في مواجهة العدو الصهيونى في حرب أكتوبر / تشرين أول 1973، وكان الانتصار على العدو عسكريا، لكن حتى هذه اللحظة لم يستطع العرب استثمارها، حيث تدخل العدو الأمريكى على الخط، وأقنع الرئيس السادات بمعاهدة سلام مزعوم 1978، أعادت العرب لحالة العجز مرة أخرى، حيث تبعها تنازلات وهزائم متتالية أمام العدو الصهيونى، فقبلت فلسطين بتوقيع اتفاقية أوسلو مع العدو الصهيونى في 1993، ثم تبعتها الأردن باتفاقية وادى عربة 1994، وهو ما عبر عن عجز عربي عن مواجهة العدو الصهيونى.

ولم يكسر هذا العجز العربي غير صواريخ المقاومة اللبنانية التي أجبرت العدو الصهيونى على الانسحاب من الجنوب اللبنانى عام 2000، ثم هزيمته في حرب تموز 2006، تلك الحرب التي استمرت 34 يوما اضطر العدو الصهيونى بعدها إلى الانسحاب، بعد أن تكبد خسائر كبيرة بسلاح المقاومة، ومنذ ذلك التاريخ والعدو الصهيونى يعمل ألف حساب للمقاومة العربية اللبنانية.

وعندما اشتعلت نيران الربيع العبرى اعتقد العدو الصهيونى أن القضية الفلسطينية قد انتهت إلى غير رجعة، وحل محل الصراع العربي– الصهيونى، صراع عربي- عربي، حيث انشغلت غالبية البلدان العربية بما يحدث داخل مجتمعاتها من حروب مع الإرهاب المدعوم أمريكيا وصهيونيا، لذلك جاء قرر ترامب بشأن القدس غير مدروس، معتقدا أن العجز العربي قد أصبح عجزا كاملا ولن يتحرك لهم ساكنا، فقد أصبحوا جثة هامدة بفعل الفرقة، لكن توقعات العدو الأمريكى والصهيونى جاءت في غير محلها فإذا كانت هناك فرقة وتشتت وعجز على مستوى الحكومات العربية، فإن الشعب العربي ما زال ينبض بالحياة، لذلك كانت انتفاضته في بعض العواصم العربية بل والغربية، هذا إلى جانب انتفاضة 300 ألف مواطن مقدسي لن يمر القرار إلا فوق جثثهم، فالمقاومة هي الحل في مواجهة العدوان الأمريكى الصهيونى، رغم العجز العربي الرسمى، فتجارب التاريخ تؤكد أن المقاومة رغم إمكانياتها المحدودة قادرة على ردع أي عدوان، فبالمقاومة وحدها ستبقى القدس عاصمة أبدية لفلسطين، بل وعاصمة أبدية للعروبة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

لم يكن العدوان الأمريكى الصهيونى على القدس يوم الأربعاء الماضى، عبر إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس، واعتبارها عاصمة للعدو الصهيونى، هو العدوان الأول الذي استهدف فلسطين العربية، فمنذ مائة عام بالتمام والكمال 1917 كانت هذه الأرض العربية المنكوبة موعودة بالمنح للعدو الصهيونى، من خلال العدو البريطانى، الذي كان يحتل جزءا كبيرا من وطننا العربي ومنه فلسطين العربية، حيث أرسل آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا في حكومة ديفيد لويد جورج في ذلك الوقت رسالة إلى اللورد ليونيل وولتر دى روتشيلد أحد أهم الأثرياء اليهود البريطانيين، يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومى لليهود في فلسطين.

وللحقيقة لم يكن روتشيلد مقتنعا بمسألة الوطن القومى لليهود عند بدايتها على يد "هرتزل"، ولكن أمران حدثا غيرا من توجه آل روتشيلد، أولا: هجرة مجموعات كبيرة من اليهود إلى أوروبا، ورفضت الاندماج في مجتمعاتها الجديدة، وهو ما أدى إلى بروز بعض المشكلات تجاه اليهود، بل وبين اليهود أنفسهم، فكان لابد من حل لدفع هذه المجموعات اليهودية بعيدا عن مناطق المصالح الاستثمارية لآل روتشيلد.

وثانيا : ظهور التقرير النهائي لمؤتمرات الدول الاستعمارية الكبرى في عام 1907، والمعروف باسم تقرير "بازمان" وهو رئيس وزراء بريطانيا حينئذ، والذي يقرر أن منطقة شمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط هي الوريث المحتمل للحضارة الغربية الحديثة، لكن هذه المنطقة تتسم بالعداء للحضارة الغربية، لذلك يجب العمل على تقسيمها، وعدم نقل التكنولوجيا الحديثة إليها، وإثارة العداوة بين طوائفها، وزرع جسم غريب عنها يفصل بين شرق البحر المتوسط والشمال الأفريقي، ومن هذا البند الأخير، ظهرت فائدة إقامة دولة يهودية بفلسطين، وهو الأمر الذي استثمره دعاة الصهيونية، وعلى ذلك تبني آل روتشيلد هذا الأمر، حيث وجدوا فيه حلا مثاليا لمشكلات يهود أوروبا.

وفيما يتعلق بنص رسالة وزارة الخارجية البريطانية لروتشيلد فقد جاءت على النحو التالي: عزيزى اللورد روتشيلد يسرنى أن أبلغكم "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومى للشعب اليهودى في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

وبذلك جاء الوعد عبارة عن عدوان صريح وواضح ضد الشعب العربي في فلسطين، حيث وعد من لا يملك من لا يستحق، وكان العدو الأمريكى شريكا مع بريطانيا حيث قامت الحكومة البريطانية بعرض نص تصريح بلفور على الرئيس الأمريكى ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره.

وكان العدوان الأول في ظل عجز عربي واضح، حيث كان الوطن العربي مقسما بين القوى الاستعمارية الكبري في العالم في ذلك الوقت(بريطانيا – فرنسا)، لذلك عندما أعلنت بريطانيا إنهاء انتدابها على فلسطين في عام 1948 وغادرت قواتها، أصدرت الأمم المتحدة قرارا بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية، وكان بالطبع عدوانا جديدا على الأرض والشعب العربي الفلسطينى، وهنا عارضت الدول العربية التي كانت لاتزال محتلة القرار وجهزت نفسها لدخول الحرب لطرد العصابات الصهيونية المسلحة من الأرض الفلسطينية المغتصبة، وكانت النتيجة هزيمة ساحقة للجيوش العربية بعد خيانات عربية من قبل بعض الأنظمة الرجعية في ذلك الوقت، وهو ما يعنى قمة العجز العربى.

وبعد النكبة بدأت الدول العربية المحتلة في الحصول على استقلالها تباعا، وفى تلك الأثناء برز اسم الزعيم جمال عبد الناصر ذلك القائد الذي شارك في حرب فلسطين، واستقر في وجدانه أن العدو الصهيونى هو عدونا الأول، لذلك جعل قضية فلسطين هي القضية المركزية لمشروعه القومى العربي، وبدأ في السعى لتوحيد الصف العربي والاستعداد لمواجهة العدو الصهيونى، لكن وللأسف الشديد تلقى طعنات غادرة من الرجعية العربية مما أدى إلى حدوث نكسة 1967 واكتسب العدو الصهيونى أرضا جديدة ليس فقط في فلسطين بل في مصر وسورية والأردن، وهو ما عبر عن العجز العربي في مواجهة العدو الصهيونى.

واستمر الصراع العربي – الصهيونى، وقرر جمال عبد الناصر إزالة آثار العدوان، وبدء حرب الاستنزاف والتي كبدت العدو الصهيونى خسائر باهظة، حاول العدو عقد صلح ومهادنة مع عبد الناصر لكنه رفض، وأعلن أنه لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وفى لحظة حاسمة توحدت الإرادة العربية في مواجهة العدو الصهيونى في حرب أكتوبر / تشرين أول 1973، وكان الانتصار على العدو عسكريا، لكن حتى هذه اللحظة لم يستطع العرب استثمارها، حيث تدخل العدو الأمريكى على الخط، وأقنع الرئيس السادات بمعاهدة سلام مزعوم 1978، أعادت العرب لحالة العجز مرة أخرى، حيث تبعها تنازلات وهزائم متتالية أمام العدو الصهيونى، فقبلت فلسطين بتوقيع اتفاقية أوسلو مع العدو الصهيونى في 1993، ثم تبعتها الأردن باتفاقية وادى عربة 1994، وهو ما عبر عن عجز عربي عن مواجهة العدو الصهيونى.

ولم يكسر هذا العجز العربي غير صواريخ المقاومة اللبنانية التي أجبرت العدو الصهيونى على الانسحاب من الجنوب اللبنانى عام 2000، ثم هزيمته في حرب تموز 2006، تلك الحرب التي استمرت 34 يوما اضطر العدو الصهيونى بعدها إلى الانسحاب، بعد أن تكبد خسائر كبيرة بسلاح المقاومة، ومنذ ذلك التاريخ والعدو الصهيونى يعمل ألف حساب للمقاومة العربية اللبنانية.

وعندما اشتعلت نيران الربيع العبرى اعتقد العدو الصهيونى أن القضية الفلسطينية قد انتهت إلى غير رجعة، وحل محل الصراع العربي– الصهيونى، صراعا عربيا- عربيا، حيث انشغلت غالبية البلدان العربية بما يحدث داخل مجتمعاتها من حروب مع الإرهاب المدعوم أمريكيا وصهيونيا، لذلك جاء قرر ترامب بشأن القدس غير مدروس، معتقدا أن العجز العربي قد أصبح عجزا كاملا ولن يتحرك لهم ساكنا، فقد أصبحوا جثة هامدة بفعل الفرقة، لكن توقعات العدو الأمريكى والصهيونى جاءت في غير محلها فإذا كانت هناك فرقة وتشتت وعجز على مستوى الحكومات العربية، فإن الشعب العربي ما زال ينبض بالحياة، لذلك كانت انتفاضته في بعض العواصم العربية بل والغربية، هذا إلى جانب انتفاضة 300 ألف مواطن مقدسي لن يمر القرار إلا فوق جثثهم، فالمقاومة هي الحل في مواجهة العدوان الأمريكى الصهيونى، رغم العجز العربي الرسمى، فتجارب التاريخ تؤكد أن المقاومة رغم إمكانياتها المحدودة قادرة على ردع أي عدوان، فبالمقاومة وحدها ستبقى القدس عاصمة أبدية لفلسطين، بل وعاصمة أبدية للعروبة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

لم يكن العدوان الأمريكى الصهيونى على القدس يوم الأربعاء الماضى، عبر إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس، واعتبارها عاصمة للعدو الصهيونى، هو العدوان الأول الذي استهدف فلسطين العربية، فمنذ مائة عام بالتمام والكمال 1917 كانت هذه الأرض العربية المنكوبة موعودة بالمنح للعدو الصهيونى، من خلال العدو البريطانى، الذي كان يحتل جزءا كبيرا من وطننا العربي ومنه فلسطين العربية، حيث أرسل آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا في حكومة ديفيد لويد جورج في ذلك الوقت رسالة إلى اللورد ليونيل وولتر دى روتشيلد أحد أهم الأثرياء اليهود البريطانيين، يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومى لليهود في فلسطين.

وللحقيقة لم يكن روتشيلد مقتنعا بمسألة الوطن القومى لليهود عند بدايتها على يد "هرتزل"، ولكن أمران حدثا غيرا من توجه آل روتشيلد، أولا: هجرة مجموعات كبيرة من اليهود إلى أوروبا، ورفضت الاندماج في مجتمعاتها الجديدة، وهو ما أدى إلى بروز بعض المشكلات تجاه اليهود، بل وبين اليهود أنفسهم، فكان لابد من حل لدفع هذه المجموعات اليهودية بعيدا عن مناطق المصالح الاستثمارية لآل روتشيلد.

وثانيا : ظهور التقرير النهائي لمؤتمرات الدول الاستعمارية الكبرى في عام 1907، والمعروف باسم تقرير "بازمان" وهو رئيس وزراء بريطانيا حينئذ، والذي يقرر أن منطقة شمال أفريقيا وشرق البحر المتوسط هي الوريث المحتمل للحضارة الغربية الحديثة، لكن هذه المنطقة تتسم بالعداء للحضارة الغربية، لذلك يجب العمل على تقسيمها، وعدم نقل التكنولوجيا الحديثة إليها، وإثارة العداوة بين طوائفها، وزرع جسم غريب عنها يفصل بين شرق البحر المتوسط والشمال الأفريقي، ومن هذا البند الأخير، ظهرت فائدة إقامة دولة يهودية بفلسطين، وهو الأمر الذي استثمره دعاة الصهيونية، وعلى ذلك تبني آل روتشيلد هذا الأمر، حيث وجدوا فيه حلا مثاليا لمشكلات يهود أوروبا.

وفيما يتعلق بنص رسالة وزارة الخارجية البريطانية لروتشيلد فقد جاءت على النحو التالي: عزيزى اللورد روتشيلد يسرنى أن أبلغكم "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومى للشعب اليهودى في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

وبذلك جاء الوعد عبارة عن عدوان صريح وواضح ضد الشعب العربي في فلسطين، حيث وعد من لا يملك من لا يستحق، وكان العدو الأمريكى شريكا مع بريطانيا حيث قامت الحكومة البريطانية بعرض نص تصريح بلفور على الرئيس الأمريكى ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره.

وكان العدوان الأول في ظل عجز عربي واضح، حيث كان الوطن العربي مقسما بين القوى الاستعمارية الكبري في العالم في ذلك الوقت(بريطانيا – فرنسا)، لذلك عندما أعلنت بريطانيا إنهاء انتدابها على فلسطين في عام 1948 وغادرت قواتها، أصدرت الأمم المتحدة قرارا بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية، وكان بالطبع عدوانا جديدا على الأرض والشعب العربي الفلسطينى، وهنا عارضت الدول العربية التي كانت لاتزال محتلة القرار وجهزت نفسها لدخول الحرب لطرد العصابات الصهيونية المسلحة من الأرض الفلسطينية المغتصبة، وكانت النتيجة هزيمة ساحقة للجيوش العربية بعد خيانات عربية من قبل بعض الأنظمة الرجعية في ذلك الوقت، وهو ما يعنى قمة العجز العربى.

وبعد النكبة بدأت الدول العربية المحتلة في الحصول على استقلالها تباعا، وفى تلك الأثناء برز اسم الزعيم جمال عبد الناصر ذلك القائد الذي شارك في حرب فلسطين، واستقر في وجدانه أن العدو الصهيونى هو عدونا الأول، لذلك جعل قضية فلسطين هي القضية المركزية لمشروعه القومى العربي، وبدأ في السعى لتوحيد الصف العربي والاستعداد لمواجهة العدو الصهيونى، لكن وللأسف الشديد تلقى طعنات غادرة من الرجعية العربية مما أدى إلى حدوث نكسة 1967 واكتسب العدو الصهيونى أرضا جديدة ليس فقط في فلسطين بل في مصر وسورية والأردن، وهو ما عبر عن العجز العربي في مواجهة العدو الصهيونى.

واستمر الصراع العربي – الصهيونى، وقرر جمال عبد الناصر إزالة آثار العدوان، وبدء حرب الاستنزاف والتي كبدت العدو الصهيونى خسائر باهظة، حاول العدو عقد صلح ومهادنة مع عبد الناصر لكنه رفض، وأعلن أنه لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وفى لحظة حاسمة توحدت الإرادة العربية في مواجهة العدو الصهيونى في حرب أكتوبر / تشرين أول 1973، وكان الانتصار على العدو عسكريا، لكن حتى هذه اللحظة لم يستطع العرب استثمارها، حيث تدخل العدو الأمريكى على الخط، وأقنع الرئيس السادات بمعاهدة سلام مزعوم 1978، أعادت العرب لحالة العجز مرة أخرى، حيث تبعها تنازلات وهزائم متتالية أمام العدو الصهيونى، فقبلت فلسطين بتوقيع اتفاقية أوسلو مع العدو الصهيونى في 1993، ثم تبعتها الأردن باتفاقية وادى عربة 1994، وهو ما عبر عن عجز عربي عن مواجهة العدو الصهيونى.

ولم يكسر هذا العجز العربي غير صواريخ المقاومة اللبنانية التي أجبرت العدو الصهيونى على الانسحاب من الجنوب اللبنانى عام 2000، ثم هزيمته في حرب تموز 2006، تلك الحرب التي استمرت 34 يوما اضطر العدو الصهيونى بعدها إلى الانسحاب، بعد أن تكبد خسائر كبيرة بسلاح المقاومة، ومنذ ذلك التاريخ والعدو الصهيونى يعمل ألف حساب للمقاومة العربية اللبنانية.

وعندما اشتعلت نيران الربيع العبرى اعتقد العدو الصهيونى أن القضية الفلسطينية قد انتهت إلى غير رجعة، وحل محل الصراع العربي– الصهيونى، صراعا عربيا- عربيا، حيث انشغلت غالبية البلدان العربية بما يحدث داخل مجتمعاتها من حروب مع الإرهاب المدعوم أمريكيا وصهيونيا، لذلك جاء قرر ترامب بشأن القدس غير مدروس، معتقدا أن العجز العربي قد أصبح عجزا كاملا ولن يتحرك لهم ساكنا، فقد أصبحوا جثة هامدة بفعل الفرقة، لكن توقعات العدو الأمريكى والصهيونى جاءت في غير محلها فإذا كانت هناك فرقة وتشتت وعجز على مستوى الحكومات العربية، فإن الشعب العربي ما زال ينبض بالحياة، لذلك كانت انتفاضته في بعض العواصم العربية بل والغربية، هذا إلى جانب انتفاضة 300 ألف مواطن مقدسي لن يمر القرار إلا فوق جثثهم، فالمقاومة هي الحل في مواجهة العدوان الأمريكى الصهيونى، رغم العجز العربي الرسمى، فتجارب التاريخ تؤكد أن المقاومة رغم إمكانياتها المحدودة قادرة على ردع أي عدوان، فبالمقاومة وحدها ستبقى القدس عاصمة أبدية لفلسطين، بل وعاصمة أبدية للعروبة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
Advertisements
الجريدة الرسمية