رئيس التحرير
عصام كامل

الضمائر الغائبة

فيتو

هل عدت يوما إلى بيتك وأحسست بالسعادة، لأن خلفك قلب منشغل بك، يفكر فيك، يلهث خلفك، يتحسس أخبارك، ترقد وأنت مطمئن لوجود مثل هذا القلب في حياتك، تشعر بأهميتك لديه، وتشكر الأيام التي وضعته في طريقك؟


غير أنك- مع كل هذا- تأبى أن تشعره بسعادتك، وترفض الإجابة على مشاعره المرسلة، خشية الانزلاق إلى خنادق الهجران، وتحاول الحفاظ عليه من منطلق الحاجة؛ ليظل يلهث خلفك، ويظل مشغولا بك، ويبذل كل ما في وسعه لإرضائك.

احذر أيها المتمنع، فقد ييئس هذا القلب منك، وينشغل بغيرك، ممن يجد فيهم الود والعطاء المتبادل، لتستيقظ على كابوس الهجران، ومرافقة الأحباب والخلان، فيصيبك الإحباط والخذلان، أعط بقدر ما تأخذ، وأحب بقدر ما تُحَب.

إن التعاملات الإنسانية لهي قائمة في الأساس على العطاء المتبادل، في حين أن المعاملات الإلهية قائمة في الأساس على العطاء المطلق؛ لذا وجب علينا أن نراعي البعد الإنساني في علاقاتنا مع الآخرين، من حيث تبادل العطاء، ومشاركة السعادة، وتحقيق الدفء الاجتماعي، حتى يسير الموكب كما ينبغي، فتترابط الأواصر، ويشتد البناء، ويقوى العزم.

إذ إن خذلان القلوب لهو أشد أنواع الخذلان، وبه تسقط الهمم، ويعلو الشيب، ويكِلُّ الساعد، وتنتكس الرءوس، ويصير الحزن رفيقا، ولا أجد عزاء يمكن أن أساهم به في خزلان القلوب، سوى أن «الإنسان» جعل من «النسيان».
Advertisements
الجريدة الرسمية