رئيس التحرير
عصام كامل

نورهان غنيم تكتب: المشردون في الشوارع مأساة إنسانية

نورهان غنيم
نورهان غنيم

أزمة الفئات المهمشة ليست مشكلة تعانى منها مصر وحدها، بل تعانى منها جميع دول العالم حتى المتقدمة منها، وهم يعرفون في الغرب باسم " المشردون" بحسب كتاب "إستراتيجية مكافحة التشرد"، ‏الصادر عن مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية،‏ الذي أوضح أن التشرّد يعنى«عدم امتلاك مسكن مناسب»، كما يشمل كل الحالات والظروف التي تُعتبر دون المستوى الملائم. في المجتمع حيث يعيش المشرّد.‏


لاشك أن التشرد من الظواهر المؤلمة والمقلقة في الوقت نفسه والتي تعاني منها المجتمعات كافة ولكن بتفاوت بين أسبابها ومدى انتشارها ونتائجها على المشردين أنفسهم بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام

وقد تتمثل فئات المشردين بذوي الإعاقة أو بأسر كاملة أو أطفال أو شباب أو نساء أو مسنين، ولكن عندما نجد أن المشردين المسنين في تزايد فإننا نستخلص أن هناك العديد من الأسباب الظاهرة أو الخفية التي تجعل من الطريق العام أو الأماكن المهجورة أو الخطرة ملاذا لهؤلاء المسنين رغم عجز ومرض بعضهم دون دعم معنوي أو مادي أو خدمات خاصة بهم بعد فقدانهم لكل وسائل الاتصال مع أسرهم أو أقاربهم رغما عنهم أو بإرادتهم.


بسبب الخوف
وهنا نعرض الأسباب المؤدية لتشرد المسنين فمنهم من يكون نتيجة التفكك الأسري أو عقوق الوالدين أو وفاة الأبناء، أو الطمع والأنانية أو المشكلات التي تنشأ بين الزوج والزوجة بسبب مكوث أحد الوالدين أو كلاهما في منزلهما، الأمر الذي قد يترتب عليه أعباء مادية من مأكل ومشرب ورعاية صحية وملابس وتنظيف حسب وجهة نظرهم، أو قد ينظر أحدهما على أن وجود أحدهما أو كلاهما غير ملائم أو مناسب للمستوى الاجتماعي أو لصورتهم أمام أفراد المجتمع الآخرين، وهذا يعد من أبرز الأسباب التي تجعل من المسن أو المسنة يتخذ قرارا طوعيا أو اجباريا بأن يصبح مشردا حتى وان كان هناك عدم تقدير لخطورة هذا الأمر أو تبعاته.

من ناحية أخرى قد يكون المسنون أو المسنات يتعرضون في منزل أبنائهم للشتم والإهانة أو التعنيف أو الحرمان أو كلها مجتمعة، وهنا قد يختار المسن أو المسنة ترك المنزل رغما عنه أو بإرادته، بسبب الخوف من المشكلات وتفاقمها أو من التعرض للتعنيف وتوجيه الاتهامات، اما الناحية الاقتصادية فتجبر المسنين أن يصبحوا مشردين بسبب الفقر أو بسبب الضغوطات المادية التي يتعرضون لها أنفسهم أو ممن يقومون برعايتهم وذلك بعدم القدرة على تأمين ما يلزم من النقود للمصاريف أو سداد الديون أو الأدوية الأمر الذي يشعرهم بضيق شديد فيختارون التشرد سبيلا، من ناحية أخرى قد تؤدي العوامل النفسية مثل الخوف والقلق أو الاكتئاب أو عدم توفير الرعاية الكافية وعدم الشعور بالأمان والاغتراب داخل اسرتهم أو حتى فقدان الذاكرة، كما أن عدم التكيف في المكان الذي يكون فيه المسن أو المسنة أو مع الأشخاص حولهم سببًا في الشعور للحاجة إلى الخلاص دون حساب النتائج خاصة في ظل غياب الوعي والناحية الأخلاقية والتربوية التي يفترض أن تردع المعنيين والمقيمين على رعاية والعناية بهؤلاء المسنين.

السؤال هنا....هل المشردين من المسنين يشكلون خطرًا على المجتمع ؟

نعم فهم يشكلون خطرًا على المجتمع وعلى الأمن إذا لم يتم الاهتمام بهم ورعايتهم فوجودهم بلا مأوى يؤدى إلى ارتفاع معدل الجرائم فهم قنبلة موقوتة من عدة جهات، فقد تستخدمهم الجماعات الإرهابية للإضرار بالمجتمع، وذلك لأنهم يسهل تجنيدهم واستقطابهم لتدمير المجتمع،؛ بل ويتطور الأمر إلى الاستغلال الفكري؛ فينساقون خلف سلوكيات خاطئة، ويرتكبون الجرائم دون أن يشعرو وذلك من أجل المساعدات المادية التي تمنحها لهم مقابل تنفيذ طلباتهم التي يستطيعون تقديمها بقدر المستطاع.

هل هناك احصائيه رسميه عن اعداد المشردين من المسنين في مصر ؟

لا إحصاء رسمي طبقا لأرقام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد انحصرت في تحديد نسبة الأطفال الفقراء المحرومين من المأوى والذين بلغت نسبتهم 13.5% من الأطفال الفقراء، بينما يقدر الجهاز نسبة الأطفال الفقراء بـ 26.4% من مجمل الأطفال المصريين، أما المشردون من الشباب والمسنين، فلا يوجد إحصاء رسمى لهم، أما وزارة التضامن الاجتماعى تقول أن المسنين المقيمين في الشوارع ظاهرة متحركة ومتغيرة، فهى
تلاحظ بالعين، ولكنها متغيرة بشكل دائم، فمن الممكن أن يقيم المسن في مكان ويذهب لآخر في اليوم التالي لذلك لا يمكن حصر أعدادهم وتحديدهم بدقة.

السؤال الاهم الآن..هو ماهى الحلول أو طرق العلاج اللازمة لمواجهه هذه الظاهرة ؟

في الواقع أنه هناك العديد من المبادرات الشبابيه التي تقوم بايواء المسنين المشردين في الشوارع والاهتمام بمظهرهم ورعايتهم صحيا وتقديم لهم يد العون، ولكن هذا غير كافى فلابد أن تتكاتف الدوله بكافة مؤسساتها لأن ظاهرة بهذا الحجم تحتاج إلى عمل جماعى وليس عمل فردى لكى نعالج الظاهرة من جذورها وخاصه أن هناك نصا في الدستور المصري ينص على أن المسنين لهم الحق في الرعاية وهو ما يجعل هنالك حاجة إلى تدعيم المسنين من الدوله وهذه بعض الحلول المقترحة:.

لا بد من رفع التوعية بالمؤسسات الخاصة والمعنية بالمشردين، وتوضيح الجانب القانوني حولها ووضع خطط شاملة واضحة مع إجراء دراسات عميقة حول الموضوع.


التركيز على الجانب الأخلاقي والإنساني والتربوي حول عواقب تشرد المسنين والذي لا يتوافق مع شريعتنا وأخلاقنا وقيمنا


تمكين المسنين خاصة من يتضح أن لديهم مشكلات أو قابلية ليصبحوا مشردين، بحيث يصبح لديهم القوة لمواجهة المشكلات التي يتعرضون لها والتواصل مع الجهات المعنية لإيجاد الحلول لهم وقصد الأماكن المخصصة لهم بدلا من جعل الطريق العام أو الأماكن الغير آمنة مقصدا لهم.


وفى النهاية.. ارى أن مَن تقع عليه مسئولية هؤلاء الأشخاص هي الدولة والمجتمع وكل مَن يترك هؤلاء المسنين مشردين بلا ماؤى أو رعاية، فكما تهتم الدولة بالرفق بالحيوان يجب أن تلتفت إلى الرفق بالإنسان ويأخذونهم للحماية ممن يؤذيهم وهذه هي ابسط حقوق الإنسان
Advertisements
الجريدة الرسمية