رئيس التحرير
عصام كامل

أفيقوا أمة العرب والإسلام


لا يخفى على أي إنسان عاقل الأسباب التي أدت إلى ضعف أمتنا العربية والإسلامية وتفرقها وهوانها في نظر الأمم والاستهانة بها والأسباب كثيرة وعلى رأسها تركنا لمنهج ديننا الحنيف، والذي هو مصدر توحدنا وقوتنا، وابتعادنا عن هدي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وسنته الرشيدة، لقد ابتعدنا كثيرا وأخذتنا الدنيا بزينتها الزائفة ونعيمها الفاني وانقدنا خلف الأهواء والشهوات بعدما اعتلت القلوب بحب الدنيا، نسينا الله تعالى فأنسانا أنفسنا، وهان علينا أمره عز وجل فصغرنا في أعين الناس وخالفنا تعاليمه سبحانه فأبدل قوتنا بضعف وعزتنا بمذلة ومهانة، نعم هذا هو حالنا الآن، أمة ضعيفة متخاذلة متفرقة متناحرة متصارعة مشتتة لا وزن لها ولا هيبة ولا قيمة..


لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نعتصم بحبله المتين وألا نتفرق فقال: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا"، وأمرنا سبحانه بأن نترابط ونتماسك ونتحد وألا تفرقنا الأهواء وأن نتمسك بدينه وهدي نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ونهانا عن الاختلاف والتناحر والفرقة، ولكننا لم نستمع لكلام الله وتعاليمه، لقد كنا في صدر الإسلام قلة قليلة بين أعداد الأمم ولكننا سدنا العالم وأسقطنا أعتى وأعظم وأشد الإمبراطوريات في ذاك الوقت والتي كانت تهيمن وتتحكم في العالم وهما الروم والفرس، وذلك لأننا في صدر الإسلام تمسكنا بشريعتنا الغراء والتزمنا بتعاليمها واتبعنا هدي رسول الله وأقمنا سنته الرشيدة، وكنا أزهد ما نكون في الدنيا، وكنا أهل طاعة واستقامة وذكر وصدق وجهاد حقيقي في سبيل الله، ولم تكن هناك أقنعة ولا أستار باسم الدين كما نرى الآن..

ولم نكن نخاف الموت في سبيل الدفاع عن الأرض والنفس والعرض والمقدسات، وللأسف تغير الحال بتغير أنفسنا وأحوالنا مع الله، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في إخباره عن ذلك، حيث قال لأصحابه رضي الله عنهم: "كيف أنتم يوم أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، أي تحيط بكم الأمم من كل جانب وتتكالب عليكم، قالوا: أو من عن قلة نحن يومئذ يارسول الله، قال: بل أنتم كثير يومئذ ولكنكم كغثاء السيل، أي متفرقين، وأصابكم الوهن، حب الدنيا ومخافة الموت".

صدقت ياسيدي يارسول الله لقد امتلأت القلوب بحب الدنيا وخافت الأنفس من الموت في سبيل إعلاء كلمة الله والدفاع عن المقدسات، هذا هو حالنا والأدهى والأمر أننا نتقاتل فيما بيننا باسم الدين ونصرته، والدين من هذا براء، لقد تفرقنا وصرنا أحزابًا وشيعًا وجماعات، وأصبح حالنا كما وصفه الله تعالى "كل حزب بما لديهم فرحون"، ولا يغيب عنا أن أعداءنا قد استغلوا ذلك فعملوا على بث سموم الفتن وإشعال نيرانها فيما بيننا، ونحن للأسف انقدنا بلا عقل وراء فتنهم ووقعنا في شراكها، وكان نتاج ذلك ما نراه الآن، المسلم يقتل أخاه المسلم، وبدلا من أن نتحد ونتكاتف وأن نوجه سلاحنا وقوتنا ضد أعدائنا نوجهه لأنفسنا، وبالطبع قد أدى هذا إلى ضعفنا وتفرقنا وتمزق الأمة، وخاصة بعد ما ظهر ما يسمى "الربيع العربي" ذلك المصطلح الذي أطلقته أمريكا على المؤامرة والمخطط الصهيوني الأمريكي الغربي لتقسيم ما تبقى من الأمة وإضعافها وإسقاطها والتمهيد للكيان الصهيوني لفرض هيمنته ونفوذه وتحقيق حلمه بدولة إسرائيل من النيل إلى الفرات..

وقد تم تنفيذ المخطط بإحكام وتساقطت الدول العربية في بؤر الحروب والانقسام دولة تلو الأخرى، حتى جاء الدور على مصر أرض الكنانة وصخرة العروبة والإسلام، فكانت حائط الصد الذي أوقف المؤامرة وأفشلها، وكان ذلك على يد ابنها البار وقائد جيشها المخلص البطل الوطني الحر عبد الفتاح السيسي ورجال قواتنا المسلحة وشرطتنا البواسل ومن ورائهم شعب عظيم متوحد له حضارة وتاريخ وواعٍ لأبعاد المؤامرة الخسيسة، وتصدت مصر ولا تزال تتصدى وتواجه قوى الشر من الداخل والخارج..

فهم البطل السيسي أبعاد المؤامرة، أراد أن يصنع جيشًا عربيًا مشتركًا موحدًا تقوى به الأمة وحتى تستطيع أن تواجه عدوها وحتى يعمل لنا حسابًا ولكن للأسف بعد أن تم الاتفاق تراجعت دول عربية رئيسة تحت ضغط أمريكا عليها وخوفهم على كراسي ملكهم، هذا وقد فوجئنا بقرار رئيس أمريكا الظالم بنقل سفارته إلى القدس وإعلانها عاصمة للكيان الصهيوني، ومما يحزن القلب ويؤلم النفس لم نر أي رد فعل لأردوغان الحالم بالخلافة الإسلامية ولا لحماس والجماعات والفصائل الفلسطينية التي استعرضت قوتها أمام مصرنا في شريط فيديو، ولا قطر الدويلة العربية المسلمة الممولة للإرهاب، ولا للدواعش أدعياء الجهاد والذين استباحوا دماء المسلمين، ولم نر أيضًا أي رد فعل قوي من الدول العربية والإسلامية.

وهنا لا يفوتي أن أحيي الرئيس السيسي العاقل والمدرك لما وراء هذا القرار، وهو جر مصر للحرب حتى نعجز عن مواجهة الإرهاب وتتوقف مسيرة التنمية والبناء، وأحيي شيخنا الجليل شيخ الأزهر على موقفه المحترم رفضه لمقابلة نائب الرئيس الأمريكى، وأحيي قداسة البابا تواضروس الثاني أيضًا لقراره وموقفه برفضه للمقابلة، هذا وماذا بعد أن كشفت الأقنعة، هذا ما سنراه قريبا وعلى زعماء الأمة الاستماع للبطل السيسي إن أرادوا أن تكون هناك أمة وأن يحافظوا على كراسي ملكهم، يا أمة العرب والإسلام عودوا إلى كتاب ربكم وهدي نبيكم عليه الصلاة والسلام.
الجريدة الرسمية