رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«شادية» باقية و«بائع البطاطا» سيظل مجهولا


ما أشبه اليوم بالبارحة.. صمت العرب عن تقرير البرادعي بشأن أسلحة صدام حسين، فاحتل بوش الابن العراق ونهب ثرواته ودمره، وانتهى الأمر بإعدام رئيس العراق على مرأى من العالم، وتركت أمريكا العراق خربًا يعاني الإرهاب والطائفية وتسيطر عليه إيران. 


لم يتعظ العرب من مأساة العراق وانتظروا حتى نفذت أمريكا مؤامرة الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط، التي أطلقت عليها لاحقًا "الربيع العربي" اعتمادًا على تدريب وتمويل خونة وعملاء، لنشر الفوضى والتضليل في بلدانهم وإنهاك الجيش والشرطة وصولا لتقسيم الدول، وحتى لا نجتر الماضي، ماذا جنى العرب من مؤامرة النشطاء خونة الأوطان؟! دمرت سوريا وتشرد شعبها في العالم كله، سقطت ليبيا وقتل الرئيس معمر القذافي وتعمد العملاء التمثيل بجثته، سقط اليمن وعانى شعبه المجاعة والأوبئة، وقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومثل الحوثي الموالي لإيران بجثته.

عندما ننظر لما آل إليه حال دول مؤامرة "الربيع العربي" بما فيها مصر، نجد أن جميع ما حدث سببه خيانة من الداخل، من أبناء البلد "المرتزقة"، وآخرها استقطاب جماعة الحوثي الإرهابية أحد المقربين من الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ليشي به ويبلغهم عن مكانه فتربصوا به واغتالوه ومثلوا بجثته، إعلاء لكلمة إيران وبسط هيمنتها على بلد عربي رابع!!

استعدت ما سلف خلال متابعتي فيديو الرد الصاعق للكاتبة والإعلامية البحرينية سوسن الشاعر على إشادة خالد أبوالنجا بـ "الربيع العربي" في منتدى شبابي أقيم في البحرين، عندما قال: "إننا في لحظة تاريخية نحن بحاجة لفهمها، ولا أحد فينا سيعيش أهم من هذه الحقبة وأهم حدث تاريخي في حياتنا حتى الآن، الربيع العربي... الشارع التونسي يحرك الشارع المصري، ويحرك الشارع البحريني، يحرك الشعب ويحرك الحكومات العربية للإصلاح، هذا حدث تاريخي يزلزل ما قبله وما بعده".. لم تتركه "الشاعر" يكمل حديثه المضلل وأجبرته بالحجة على الخضوع وتغيير رأيه سريعًا بقولها: "هل تعتبر ما حدث في 2011 شيئا إيجابيا؟! هذه الثورات تسببت في موت مليون ونصف المليون إنسان عربي من الأبرياء، وخسرنا المليارات وتأخرنا بسببها كل هذه السنوات، ونتج عنها كل هذا الإرهاب والدمار.. فهل هذا شيء إيجابي؟ ليرد أبوالنجا: لا.

وتابعت الكاتبة البحرينية موضحة: "إن ما حدث لم يكن عشوائيًا ولا عفويًا، بل كان مشروعًا أمريكيًا مدبرًا للتدخل في الشئون العربية"، مذكرة برفض هيلاري كلينتون دخول قوات "درع الجزيرة" الخليجية لمساندة البحرين في مواجهة تظاهرات وفوضى الشيعة المطالبين بتغيير نظام الحكم بدعم إيراني في 2011، كما ذكرت برفض باراك أوباما تسليح مصر وحجب المعونة عنها أثناء مواجهة الجيش والشرطة الفوضى والإرهاب بقيادة العملاء والإخوان!!

ما إن انتهى المنتدى البحريني حتى نشط "هاشتاج" يمتدح رواده الكاتبة البحرينية، وانتقد الغالبية استضافة أبوالنجا "المغمور" وتساءلوا عن تاريخه وأعماله، فيما كانت هناك اعتراضات على وجوده باعتباره من مؤيدي مؤامرة "الربيع العربي"، فضلا عن سلوكه على المستوى الشخصي!!

أثناء متابعتي حاولت تذكر عمل فني واحد لأبوالنجا، فلم يحضرني سوى مشكلة أثيرت العام الماضي عن فيلم "بائع البطاطا المجهول"، الذي لعب بطولته ومنع عرضه في بعض الدول العربية، خصوصًا مهرجان "دبي" لأسباب لم يعلن عنها.. هنا أدركت أن أبوالنجا سيظل "مجهولا" تمامًا مثل "بائع البطاطا"؛ لأن التاريخ الفني يتحقق بأعمال وأخلاق يستفيد منها المجتمع، لا شعارات ومؤامرات ممولة من الخارج تهدم الأوطان!!

شتان بين أبوالنجا الذي يعيش "مجهولا"، والفنانة القديرة الراحلة شادية "صوت مصر"، فهي رغم اعتزالها منذ نحو 30 عامًا وابتعادها برغبتها عن الأضواء، أبت أضواء النجومية والشهرة والاحترام أن تبتعد عنها، وظلت ملء السمع والبصر، حاضرة بأفلامها وأغنياتها الوطنية والعاطفية وحتى أغنيات الأطفال في جميع المناسبات، والغريب أن الجيل الجديد الذي لم يعايش "معبودة الجماهير" شادية تفاعل مع مرضها وظل يتابعها يوميًا عبر التواصل الاجتماعي، وتمثل التقدير الرسمي والاحترام لمكانتها غير المسبوقة بزيارة الرئيس السيسي وحرمه لها في المستشفى، وقاما بالاطمئنان على صحتها، واستدعى الرئيس الأطباء المعالجين لها، حيث استمع لشرح كامل منهم عن الحالة وتطوراتها ومدى استجابتها للعلاج، ووعدا بتكرار الزيارة بمتابعة حالتها حتى تشفى.

عندما توفيت شادية حل اسمها الأكثر تداولا في جميع الدول العربية، دليلا على محبة غير عادية لصاحبة تاريخ ناصع اختارت الالتزام الديني وتبرعت بثروتها وتفرغت للعمل الخيري، ليؤكد مشهد الجنازة الرسمي والشعبي المهيب أن شادية رحلت جسدًا، لكنها "باقية" بأعمالها الدرامية وأغنياتها ووطنيتها، بينما سيطوي النسيان العملاء أصحاب الأعمال المجهولة!!
Advertisements
الجريدة الرسمية