رئيس التحرير
عصام كامل

حجة واهية!


ما حدث في جامع الروضة ببئر العبد من قتل آمنين يؤدون صلاة الجمعة يدحض حجةً واهيةً طالما تشدَّق بها "داعش" وأقرانه من التنظيمات الراديكالية الضالة، وفي مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية، إذ يدعون أنهم يستخدمون العنف كرد فعل فقط ضد الأنظمة الحاكمة الظالمة المستبدة جيشها وشرطتها أو ضد أصحاب الديانات من غير المسلمين.. فماذا يقول الدواعش فيما حدث وماذا يقول المتعاطفون معهم من أي جهة.. وأي منطق يبررون به فعلتهم الشنعاء.. وإذا كانوا ينتقمون من الأنظمة كما يزعمون فما ذنب أطفال أبرياء وشيوخ ضعفاء.. وهل يبيح الدين إزهاق الأرواح وقتل الإنسانية؟!


وإذا كان مثل هؤلاء القتلة قد عميت بصائرهم لدرجة تجعلهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.. فكيف يفسر علماء الاجتماع والنفس مثل هذه الدموية الفجة، وأي دوافع تقف وراء سفاكي الدماء الذين يقتلون المصلين الذين يؤدون فرائضهم في رحاب رب العالمين بلا ضمير ولا رحمة.

وهناك من يحرض ويمول ويأوي ويقدم الدعم اللوجستي لهؤلاء القتلة، هناك من يوظفهم سياسيًا وهم صم بكم عمي لا يبصرون ولا يفقهون ولا يدرون أنهم مجرد دمية يتلاعب بها أصحاب المصالح في المنطقة.. هناك من صنع القاعدة في أفغانستان، وهناك من صنع داعش في العراق وسوريا وبيت المقدس وولاية سيناء في مصر.. والمسألة أكبر من مجرد عناصر ضالة ذوي عقول مغلقة وضمائر ميتة.. هناك من ينفق بسخاء ليدمر الأوطان ويشوه صورة ديننا الحنيف بيد من يدعون أنهم أتباعه ظلمًا وافتراءً.. وليقل لنا هؤلاء: لماذا لا نجد عملًا إرهابيًا واحدًا -ونحن قطعا لا ندعو لذلك- في دول مثل (إيران وإسرائيل وقطر) مثلًا رغم أنها في قلب منطقة تموج بالفوضى والصراع.

لا شك أن مصر تبذل غاية جهدها في دحر الإرهاب أمنيًا، وقد نجحت في ذلك المضمار كثيرًا بدليل إقدام تنظيمات الإرهاب على أعمال انتحارية يائسة كما حدث في بئر العبد.. لكن المواجهة الفكرية والإعلامية ليست بنفس المستوى الأمني بل لا تزال في حاجة لتصحيح مسار، وربما يقول قائل إن النصح والإرشاد مع مثل هذه العناصر قد فات أوانه ولم يعد ذا جدوى، وهذا صحيح إلى حد كبير لكنه لا يمنع استمرار الجهود الفكرية والتربوية والإعلامية منعًا لاستنبات بذور إرهابية جديدة في التربة المصرية.
الجريدة الرسمية