رئيس التحرير
عصام كامل

مفعول به!


ماذا يحدث في بلادنا من قبل بعض السياسيين والمثقفين والمهتمين بالشأن العام؟ هل هو قصر نظر، أم غباء سياسي، أم عجز عن إدراك ما يحاك لمصر من مؤامرات خارجها، أم هو ذلك كله؟


الإجابة هي بالطبع ذلك كله وأكثر، أي يضاف إليه الاستسلام لتوجيه الآخرين، والاستراحة على مقعد المفعول به، بعد أن عجزوا عن الجلوس في مقعد الفاعل، مع فقدان القدرة على التفكير المستقل والفعل الذاتي، هؤلاء لا يدركون أن بلادنا استبيحت منذ سنوات مضت لاختراقات دول وحكومات وأجهزة مخابرات عديدة، اختلفت مصالحها، لكنها اتفقت على أمر واحد هو صياغة المستقبل السياسي لنا نحن المصريين بما يتفق مع مصالحها، في البدء أرادت فرض حكم الإخوان الفاشى المستبد علينا، ثم عندما انتفضنا ضد هذا الحكم وأطحنا به أرادت الانتقام منا لأننا فعلنا ذلك، والانتقام من قواتنا المسلحة التي انحازت لنا في انتفاضتنا ضد حكم الإخوان، بتقويض كيان دولتنا الوطنية وإضعاف قواتنا المسلحة حتى لا تحمينا مستقبلا.

ولذلك سلم هؤلاء أنفسهم لتوجيه هذه القوى التي تريد الانتقام منا وفرض الهيمنة علينا، عندما تماهوا في مواقفهم مع مواقف هذه القوى، رغم أنهم لن يغنموا شيئا، وسبق لهم أن جربوا ذلك من قبل، بل سوف يلحق بهم ضرر مثل بقية عموم المصريين، هذه هي مشكلتنا السياسية الآن، مشكلة عدم التفريق بين العدو والصديق في هذه المرحلة التي نعيشها، حيث يسلم بعض السياسيين أنفسهم لتوجيه أعداء البلاد بدون وعى، ولا يدركون أنهم يقومون بذلك بتنفيذ مخططات من يريدون فرض الهيمنة علينا، وهو ما يتعارض مع ما يطالبون به من استقلال الإرادة المصرية.

أنا هنا لا أتحدث عن هؤلاء الذين ارتضوا أن يكونو أدوات في أيدي دول وحكومات وأجهزة مخابرات ويحصلون على المقابل، ولكننى أتحدث عن هؤلاء المغيبين سياسيا الذين لا يعون أنهم يستخدمون من قبل هذه الدول والحكومات وأجهزة المخابرات الأجنبية، ويساهمون بذلك في تنفيذ المؤامرة على مصر.

هؤلاء عليهم أن يفيقوا ويتخلصوا من الغشاوة السياسية التي تعمى بصيرتهم قبل إبصارهم، وإلا سوف يدمرون أنفسهم، أما مصر فلن يقدر أحد على تدميرها، وإن تمكنوا من إيذائها الآن.
الجريدة الرسمية