رئيس التحرير
عصام كامل

اقتصاد مصر.. بين الأساطير والواقع


طرح "ستيفين ليفيت" و"ستيفين دوبنر" في كتابهما الاقتصاد العجيب صورة واقعية لمجتمع الأعمال من تجارة المخدرات إلى العمولات المشروعة للصفقات أو أساطير رأس المال السياسي، حتى تطرقوا إلى الغش في المدارس بجرأة شديدة لتحليل هذه الأنماط الاقتصادية بصفتها الواقع.


ما بين النظريات الأكاديمية والمثل والقيم التي يحلم بها علماء الاقتصاد، ولكنها ليست الواقع تطرق المؤلفان نحو واقعية ديناميكية سوق الأعمال في العالم، لأن الاقتصاد في جذوره هو دراسة الحوافز، أي كيف يحصل الناس ما يريدون ويحلل الكتاب موضوع الحوافز بأنواعه الثلاثة اقتصادي وأخلاقي أو اجتماعي بأسلوب وأمثلة واقعية تشرح الاقتصاد كما نراه حولنا.

من التعاريف المثيرة المبسطة التي طرحها المؤلفان هي أن الغش عمل اقتصادي وأزلي وهو الحصول على الكثير مقابل القليل، وهناك حوافز اقتصادية تجعل طبيب جراح يهول معلومة طبية لصالحه ليجري عملية جراحية لمريضه، والخوف الذي يختلقه التاجر الجشع لا يقل إرهابًا عن حركة "كوكلوكس كلان" العنصرية ويحركه نحو الجشع حوافز وقوانين غير متماسكة لا تناسب الواقع.

أما عن اقتصاد مصر الذي يراه خبراء الاقتصاد الحكوميون اقتصاد الطرائف والعجائب ولكنه كغيره من الاقتصاديات ليس مثاليًا.. عشوائيتها هي نتاج لتحول فوضوي من الاشتراكية إلى السوق الحرة، وهو ما عالجته الصين في تجربة تنموية فريدة سبق وطرحناها في مقالات سابقة.. فيجب أن ندرك أسباب الاقتصاد غير الرسمي والتهرب الضريبي، والفساد هو نتاج الحوافز غير الرسمية التي تحققها بيئة الاستثمار نحو هذا النمط مع وجود بيروقراطية حكومية إلى عدم تناسي المستثمر لشبح التأميم مما أسس لنمط استثماري قصير الأجل يسمي Shock economy، فقضي على حوافز الاستثمار في الصناعة والسياحة بل الزراعة وتحول الاقتصاد إلى النمط الخدمي وقلل من الصادرات.

اقتصاد مصر ليس أسطورة أو "لوغاريتمات" إنما يحتاج إلى حزمة حوافز واقعية (تشريعات قانونية)، وليست أكاديمية لتأهيل الاستثمار الداخلي نحو الانضباط للاندماج في المنظومة الاقتصادية العالمية في ظل عولمة شركات متعددة الجنسيات لا يمكن الخروج منها بنمط معاكس، وإنما التعاطي معها نحو تنمية مستدامة.
الجريدة الرسمية